أهل المدينة المنورة
((ابسط ياعم))
تعمدت أن يكون مقالي الثاني بعد الأول الذي كان عن صحيفة مكة أن يكون عن أهل المدينة المنورة، وهذا المقال أكتبه من خلال تجربة عشتها في مدينة رسول الله، صلي الله عليه وسلم، طيلة ست سنوات وثمانية أشهر وخمسة عشرا يوماً، كانت أجمل أيام العمر؛ حيث وجدت من أهل المدينة المنورة ومجتمعها كل الحب والتقدير والعطاء والكرم والدعم بشتي أنواعه وصوره، كما وجدت عندهم حب المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وجدت منهم الألفة والمودة من خلال التواصل واللقاءات الدورية أثناء المناسبات أو من خلال المنتديات الثقافية والفكرية التي تنتظم على مدار الأسبوع، وتتم من خلالها مناقشة كثير من القضايا الاجتماعية والثقافية والأدبية والتعليمية والاقتصادية، وأيضا الشرعية، بأسلوب راق محبب إلى النفس، بعيدا عن التشنج والتشدد اللذين يقودان إلى الغلو والتطرف. وأود الإشارة إلى أنني استفدت كثيرًا من حضوري لهذه المنتديات، سواء على المستوى الشخصي أو فيما يتعلق بأنشطة وبرامج ومؤتمرات وندوات الجامعة الإسلامية، فهم بحق أحفاد أنصار رسول الله، صلى الله علية وسلم.
*أهل المدينة المنورة مفخرة ليس فقط للمملكة العربية السعودية، بل للعالم الإسلامي* بأسره. وما وجدته منهم وفيهم أعاد بذاكرتي إلى ما كنت أسمعه أثناء سفري للخارج من ثناء كل من قابلت والتقيت على أهل المدينة المنورة وما يتحلون به من حسن خلق وتعامل وكرم مع زوار مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. لا يمكن لمقال مثل هذا أن يوفي أهل المدينة المنورة حقهم. فهنيئا لهم بما منّ الله عليهم من هذه الخصال والمزايا التي قلما نجدها في أي مجتمع آخر، وهنيئا لمن أكرمه الله بشرف العمل أو الإقامة في المدينة المنورة، حيث يجد من أهلها رجالاً ونساء كل مودة ومحبة وتقدير وعطاء وكرم.
لقد جسد أهل المدينة المنورة صورة التلاحم والتعاطف فيما بينهم ومع كل قادم أو وافد إليهم، ولذا فإني أقول إن من يسكن في المدينة المنورة فإنه يعز عليه فراقها والابتعاد عنها لأمور كثيرة في مقدمتها بركة الوقت والمكان وصفوة الناس.
لن أنسى، ما حييت، ما وجدته من أهل المدينة المنورة من محبة وتقدير وكرم، ولا غرو في ذلك فهم الحافظون للعهد، المحافظون على الود، الذين تحركهم قلوبهم المليئة بالإيمان، ونفوسهم الزكية، وعواطفهم النبيلة إلى كل معاني الخير والمحبة والود.
إن العنصر الأصيل في شخصية أهل المدينة المنورة هو الوفاء والرحمة والمحبة والتقدير، وهي التي جعلتهم محبوبين مقدرين داخل المملكة وخارجها، فهذه الصفات جعلت المدنيّ يرق للناس جميعاً ويتصل بالحياة وفي قلبه ووجدانه عواطف غامرة من المحبة والسماحة والسلام، ولِمَ لا؟
فهم قد ورثوا من آبائهم وأجدادهم هذه الصفات والمزايا وترسموا منهجهم وساروا على خطاهم في طريق الخير والبر والمعروف والإحسان والجود والكرم. لقد وجدت من أهل طيبة الطيبة كل الدعم والعون والمحبة والمؤازرة طوال فترة عملي بالمدينة المنورة، وكانوا وما زالوا وسوف يظلون للأبد بالنسبة لي جميعا، القيمة والرمز، الأسوة والقدوة، الخبرة والمرجع، البهجة والرضا.
هم بالنسبة لي ولغيري كالشجرة الوارفة، إن نظرت إلى جذعها رأيت أنصار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإن نظرت إلى أغصانها شاهدت ثمارا يانعة طيبة وأوراقاً مظللّة لمن حولها، ووجدت رجالا ازدان أداؤهم واقُترن عملهم الصالح بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وسلم. وأخيرًا فإني أعتذر لهم عن أي خطأ أو تقصير بدر مني تجاههم. والله الهادي إلى سواء السبيل.
وسوم: العدد 741