تلميذ وأستاذ
لنا تلميذ نبيه درسناه في الخسروية علم الأصول ، لكن علو همته جعلته يسبق أستاذه علما وعملا .
جاءنا ضيفا في شهر ربيع الأول فجعل ربيعنا فواحا ، لا تستغربوا المبالغة فهذا التلميذ أقام في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ربع قرن ، والحجاج يزرن المدينة أسبوعا فيستقبلون بالعناق والقبلات .
ضيفي العزيز ابن منبج : بلد دوقلة المنبجي ، بلد أبي فراس الحمداني وشعره سارت به الركبان :
معللتي بالوصل والموت دونه
إذا بت ظمأنا فلا نزل القطر
منبج بلد الشيخ جمعة أبو زلام : قامة بهيبة وعمامة كعمامة العز بن عبد السلام ، ضربه جندي من جنود رفعت انتفض الشيخ وانقلب أسدا قائلا أنا مفتي منبج وتضربني ، وبطح الشيخ المجاهد العسكري على الأرض وداس على رأسه وبطنه وأخذ الشيخ سجينا إلى ثكنة هنانو ، ورأيته من شقوق باب المعتقل يخطو فعلا كعلم على رأسه نار رحمه المولى .
تلميذي البار عفوا ضيفي الكريم ، تلميذي النجيب الذي فاقني علما وجهادا أقام في طيبة ربع قرن جاره أحد المعمرين المجاهدين القائل في كتابه عن النكبة
يابلادي فداء قدسك نفسي وحرام عليّ غير هواك
وكما قيل في الأمثال طباخ البيك بيك ، ومجاور العظماء عظيم ، جاور الشيخ محمد نمر الخطيب بل جاور سيد السادات المصطفى عليه السلام ربع قرن فصار حريا أن يقبل رأسه ويده ، له أولاد أحدهم في المركز الإسلامي في أميركا والثاني في المركز الإسلامي في كندا ، قال لتلميذنا العكام عندما زاره في المدينة مداعبا هل زرت أبا بكر وعمر وسلمت عليهما ؟ لأنه يعلم أن زميله خريج السوربون الذي غرس في دماغه عروق التشيع ، فاضطرب الشيخ وقال نعم ، ولاغرابة فزعيم إيران يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يبصق على الشيخين الذي يقول عنهما رسول الله عليه السلام هما السمع والبصر رضي الله عنهما .
وأظنكم إشتقتم أن تعرفوا اسم الضيف العزيز ، إنه ليس المجرم عبد الكريم قاسم المجرم المشهور ، بل عبد الكافي قاسم الداعية الكبير عضو رابطة العلماء السوريين ، المجاور للحبيب عليه السلام ، مصليا عند الحجرات ، لاثما الآثار وخاصة سارية أبي لبابة ، حمل إلينا ضيفنا الكريم من أنوار المدينة وهدي الحبيب ما أنعش الفواد ورطب الجوانح حياه الله
ضيفي العزيز اكتب مذكراتك فأنت تحمل جنسية بلد فتحه سيدنا العلاء الحضرمي ، قاد رضي الله عنه قافلة من الجمال وخاض بها مياه البحرين وضمها الى التاج المحمدي ، والجمل سفينة الصحراء فجعله العلاء الحضرمي سفينة البحر
أخي الحبيب اكتب عن أيام سعيدة قضيناها في الأرض المباركة ، فالإمام مالك إمام دار الهجرة شوهد راكبا ناقته يمشي بها في شوارع المدينة قائلا : لعل خفا منها ينطبق على خف
أخي الحبيب كرر زيارتك فقديما قال المحبون :
أمر على الديار ديار سلمى
أقبل ذا الجدارا وذا الجدارا
وماحب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
قل آمين :
لعن الله من أخرجك من بلدك وجعلك شريدا طريدا ، وتتخذ وطنا غير الوطن الذي ولدت فيه ، ردك الله الى وطنك منبج بلد أبي فراس وغزيل وعمر أبو ريشة الأحبة ، بل بلد دوقلة المنبجي
أنا زرت مسقط راسك وألقيت الكلمات في مساجدها ولازلت إلى اليوم أجد طعم السعادة ، تعلقت في صغري بسيارة ذاهبة إلى منبج وفي منتصف الطريق ألقيت بنفسي على الأرض أتلمس الجراح والدماء
اكتب أيها التلميذ النجيب عن طفولتك في منبج ، عن شعرائها ، عن رجالها ، عن الغزيل وأبو ريشة القائل
ياعروس المجد تيهي واسحبي
في مغانينا ذيول الشهب
أكرمك الله كما اكرمتنا بهذه الزيارة ، ولاتنس عبارة علماء الحديث في قولهم عن الحديث المكرر : المكرر أحلى .
حياك الله ، وحيا الله منبج وساكنيها من آل الشيخ ويس وآل قاسم ، وآل السلال وغيرهم من الكرام ...
وآل أبي ريشة فانا مغرم بشعر عمر .
أيها الحبيب سلام الله عليك قريبا منا ، وسلام عليك إن نأيت عنا ، طبت وطاب ممشاك ، ولعن الله من أخرجك من وطنك وجعلك تحمل جنسية غير منبج ،
سلام عليك وعلى ولديك بارك الله فيهما ، وجعل عمرك مديدا وعيشك سعيدا
حياك الله
والله أكبر والعاقبة للمتقين
وسوم: العدد 749