قال لي جاري: "ضاعت القدس" فقلت بل حرمت الأمة في هذا الزمان شرف تحريرها
داخل بيت الله ونحن نستعد لصلاة الصبح دنا مني أحد الجيران فقال هامسا في أذني : "ضاعت القدس" . فلما فرغنا من الصلاة دنا مني مرة أخرى ليعرف جوابي أو تعليقي عما قاله ، فقلت له القدس لم تضع بل الأمة في هذا الزمان حرمت شرف تحريرها ، ولم يرد لها الله عز وجل هذا الشرف العظيم كما أراده لسلفها العظيم من قبل . والمؤكد وحيا أن الله عز وجل قد أخبر في محكم التنزيل بأنه سيعطي هذا الشرف لعباده الصالحين إذا حان الوقت والجيل الموعودان .
ومن المؤكد أن الأمة التي تخرج ابتهاجا بعفوية كما يقال لمجرد تأهل فرقها الكروية للمونديال ، ولا تخرج بنفس العفوية غضبا لسماع قرار تهويد القدس هي أمة لا يمكن أن يحصل لها شرف تحرير القدس ، كما أن الأمة التي تخرج للتظاهر وتعلن الإضراب من أجل كل شيء ، ولا تخرج ولا تضرب بسبب ضياع أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لا يمكن أن يحصل لها شرف تحرير القبلة والحرم الضائعين .
ومن المؤكد أيضا أن خروج الأمة من هذا الوضع المؤسف والمخزي رهين بتعجيل مراجعة الذات، والصلح مع هويتها الإسلامية التي باتت تحارب في هذا الزمان بشكل غير مسبوق حتى صارت هذه الهوية تهمة تتحاشاها الأمة وتخشى أن ترمى بها من طرف أعداء دينها الذين يصرحون بعدائهم له .
ولو أن الأمة كانت في مستوى شرف تحرير القدس لما كانت ردود أفعال أنظمتها لا تتجاوز الأقوال إلى الأفعال وهي أقوال على الشكل الآتي كما نقلتها وسائل الإعلام :
التنديد بقرار اعتبار القدس عاصمة إسرائيل / قرار استفزازي / قرار يقوض عملية السلام / قرار أنهى الدور الأمريكي في عملية السلام / قرار عبارة عن عدوان سافر على الشعب الفلسطيني / قرار عبارة عن مقامرة ومغامرة غير محسوبة / قرار له تداعيات خطيرة / تصعيد خطير / قرار يدعو إلى القلق ....
فهل من شأن هذه الأقوال أن تقف في وجه هذا القرار أو تلغيه ؟
إن المطلوب هو الأفعال وليست الأقوال ، أفعال من قبيل قطع العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا ، وإنهاء وجودها العسكري في البلاد العربية ، ومقاطعتها اقتصاديا، ومقاطعة من يتعامل معها ، وإنهاء كل اتفاقيات السلام السابقة مع إسرائيل ، وإنهاء التطبيع معها ، والعودة إلى الكفاح المسلح ، ومحاسبة كل نظام عربي ثبت أنه ضالع في الخيانة ووراء صدور هذا القرار المشؤوم .
وما لم يحصل هذا، فلن يحصل الشرف لهذه الأمة لتستعيد القدس ، وهو شرف حاصل لا محالة لأمة وعد الله عز وجل بمجيئها ،ووعده سبحانه ناجز وهو لا يخلف الميعاد .
وسوم: العدد 749