لو ظل هيكل سليمان عليه السلام موجودا لما وسعه إلا أن يكون مسجدا
من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إنا نسمع من يهود أحاديث تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال له : أمتهوّكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " .
إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي" ينقض أسطورة من الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل كما سمّاها المفكر الفرنسي الراحل رجاء جارودي في كتابه الذي بذلت إسرائيل قصارى جهودها لمنعه من التداول بين الناس لما فيه من فضح للذرائع الصهيونية لإقامة دولة وكيان لهم فوق أرض محتلة بالقوة وهي لست أرضهم بشهادة الوحي والتاريخ . ومن تلك الأساطير أسطورة إعادة بناء هيكل نبي الله سليمان عليه السلام مكان المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهي أسطورة متهافتة لأن الرسالة الخاتمة والتي أراد لها الله عز وجل أن تكون عالمية وحجة على العالمين بين يدي قيام الساعة جعلها مصدقة لما بين يديها من الرسالات السابقة ومهيمنة عليها . والتصديق والهيمنة يقتضيان اشتمال الرسالة الخاتمة على ما جاء في الرسالات السابقة من حق وهو التصديق ، وزيادة وهو الهيمنة. وإذا كان التصديق عبارة عن إقرار الرسالة الخاتمة لما جاء في الرسالات السابقة من حق ، فإن الهيمنة عبارة عن فضلها عليها ، وهو ما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : " لقد جئتكم بها بيضاء نقية " وهذا يوحي بما شاب الرسالات السابقة من شوائب التحريف ، وهو ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " أمتهوّكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى ؟" والتهوّك في اللسان العربي يعني الاضطراب في القول، و يعني الحيرة ، كما يعني الحمق ، و يعني أيضا السقوط والتردي. وهيمنة الرسالة الخاتمة وهي القرآن الكريم على الرسالتين السابقتين توراة اليهود وإنجيل النصارى، تعني الكشف عن تهوّك اليهود والنصارى. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " ينطبق على كل الرسل والأنبياء لو قدر لهم إدراك نبوته صلى الله عليه وسلم . وهذا الاتباع قد حصل بالفعل أثناء معجزة الإسراء التي أيّد بها الله عز وجل نبيّه، ذلك أنه من أحداث هذه المعجزة إمامة النبي صلى الله عليه وسلم جميع الأنبياء والمرسلين أولهم وآخرهم في المسجد الأقصى ، وقد أحياهم الذي يحيي الموتى ليشهدوا أعظم صلاة على الإطلاق ، وليعلنوا تبعيتهم لآخر نبي بعثه الله عز وجل للعالمين بين يدي الساعة وختم به الرسالات . وقد ترتب عن هذه الصلاة ضرورة متابعة أتباع موسى وعيسى عليهما السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان صاحب الهيكل سليمان عليه السلام ضمن المرسلين الذين صلّوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد كما وصفه القرآن الكريم ، فلا يسع الهيكل لو ظل موجودا إلا أن يكون مسجدا بشهادة من بناه نفسه ، وما كان سليمان عليه السلام ليرضى أن يعلو هيكله على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان ليرضى أن يكون شأنه وقدره أرفع من شأن وقدر سيد المرسلين وإمامهم أجمعين .
ولو كان اليهود اليوم كما يزعمون أتباع موسى عليه السلام ،ومن جاء بعده من أنبياء بني إسرائيل لما فكروا في هدم المسجد الأقصى حيث صلى موسى وسليمان عليهما السلام ليقيموا هيكلا مزعوما من بنائهم هم وهو مما تهوّكوه لا من بناء سليمان عليه السلام .
وبانهيار أسطورة إعادة بناء الهيكل المزعوم تنهار أسطورة إقامة دولة إسرائيل، وتنهار أسطورة مدينة القدس عاصمتها كما يزعمون ، وكما صرح بذلك متهوّك النصارى في الولايات المتحدة الأمريكية، ووقع عليه بخط بارز ، و بصلف وغرور وكبرياء ، وهو يمد شدقيه مدا ، ويفغر فاه حتى يرى حلقه ، ويجحظ بعينيه ويطبق عليهما أجفانه ، ويبتسم ابتسامة سخرية واستهزاء خبيثة ماكرة نكاية وشماتة بالإسلام والمسلمين ، وهولا يشعر في الحقيقة بما ناله من خزي وجعله أضحوكة العالم أجمع.
وبقي أن نوجّه كلاما إلى المتهافتين على الصهانية والمهرولين والمنبطحين من بني يعرب الذين يحاكون اليهود والنصارى في تهوّكهم ، ونقول لهم إن في الرسالة الخاتمة من النصوص ما يفضح تهوّكهم وتهوّككم، وهاكم من تلك النصوص بعض الذي يفضحهم ويفضكم.
يقول الله تعالى : (( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير )).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ".
و يقول الله تعالى : (( لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدنّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسّيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )).
ويقول الله تعالى : (( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح )) وشتان بين هؤلاء المتهوّكين وبين الذين تفيض أعيهنم من الدمع مما عرفوا من الحق وآمنوا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
ويقول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) فلا موالاة أيها المنبطحون والمهرولون والمتهافتون على المتهوّكين من الصهاينة والصليبيين إنهم لكم أعداء فاتخذوهم أعداء ، ولئن اتخذتموهم أولياء صرتم منهم بشهادة رب العزة جل جلاله وشهادة التاريخ .
ويقول الله تعالى : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ))
أيها المتهوّكون من بني يعرب لن يرضى عنكم متهوّكو اليهود والنصارى حتى تتبعوا تهوّكهم ، ولئن فعلتم ما لكم من الله من ولي ولا نصير .
فهذه آيات بينات ولست خطاب كراهية كما يزعمون ويفترون وتتابعونهم في زعمهم وفريتهم وأنتم منبطحون .
ونقول لورثة النبي صلى الله عليه وسلم من أهل العلم عليكم تقع مسؤولية فضح تهوّك اليهود والنصارى وتهوّك الذين يتّبعون ولا يخيفنّكم تهوّكهم فلا تخشوهم وبلغوا عن رسول الله، ويجب أن يكون السجن والموت بحكم مسؤوليتكم أحب إليكم من السكوت عن تهوّكهم وخشيتهم والله أحق أن تخشوه.
وأخيرا نقول للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عليكم تقع مسؤولية كبح جماح المتهوّكين من الذين يحكمونكم وردهم إلى صوابهم لأن إرادتكم من إرادة الله عز وجل ، فلا تتقاعسوا عن الدفاع عن مسرى النبي ، ولا تقفوا عند حد الصراخ والاحتجاج بل حولوا صراخكم إلى فعل يحرر فلسطين كل فلسطين واقطعوا دابر المتهوّكين من اليهود و دابر من المتهوّكين من بني يعرب الذين دبّوا مؤامرة ما صار يسمى صفقة القرن وهي صفقة خزي وعار وشنار .
وسوم: العدد 750