من بدهيات العمل السياسي اﻹسلامي (من وحي الواقع)
1 - السياسة جزء من الدين ..
2 - السياسة ميدان له قوانينه الخاصة وأخلاقياته وقيمه الخاصة .. إلى جانب ما يشترك به مع بقية الميادين من أحكام وأخلاقيات وقيم مشتركة .. ولذلك وجب تهيئة من يقومون على هذا المجال تهيئة علمية وثقافية وتربوية ومهنية خاصة ..
3 - في السياسة - و خاصة عندما ترتبط بها الشؤون العسكرية واﻷمنية - و عندما تكون في مواجهة اﻷعداء - وخاصة أثناء الحروب - فيها مراوغة وخداع وتقية وحرب نفسية وتخذيل للأعداء .. استثناء من اﻷصل العام للمعاملات في اﻹسلام القائمة على الوضوح والصدق والوفاء ..
4 - السياسة ليست موقفا نظريا وإنما هي واقع تتعامل معه .. ولذلك فإنك لا تستطيع أن تقول المسألة فيها رأيان في (المسائل الخلافية السياسية) ثم تصمت .. إنما أنت مطالب بتطبيق رأي معين فقهيا كان أو سياسيا .. وفق اﻷصول الشرعية السياسية لالتزام رأي دون غيره .. وهذا يستوجب اصطفاف القواعد التنظيمية والاجهزة والجماهير وراء السياسي بعد أن يختار الرأي اﻷنسب .. والتنازل عن آرائهم .. ما دام القرار قد اتخذ ضمن اﻷصول المرعية والموافقة للشريعة ..
5 - بما أن ممارسة السياسة مجالها الواقع .. لذلك فإن السياسي لا يكتب موضوعا إنشائيا يصوغه كما يريد .. إنما يتعامل مع واقع تتشابك فيه المصالح والمفاسد وتتداخل بشكل كبير .. وتفرض عليه أمورا واقعية و خيارات صعبة .. حتى إنك تكاد لا تجد مصلحة محضة دون مفسدة ترافقها .. ولذلك فإن السياسي يسعي لتحقيق المصالح ودرء المفاسد بحسب أهميتها واولويتها وبحسب وجودها و طريقة ارتباطها ببعضها في الواقع .. و يقوم بموازنة بينها تقتضي التنازل عن المصلحة اﻷصغر لتحقيق اﻷكبر .. وموازنة بين المفاسد تؤدي للقبول بالمفسدة اﻷصغر مقابل درء المفسدة اﻷكبر ..
6 - السياسي يعمل في مجال صعب جدا وشاق و يضطر فيه ﻷقوال ومواقف و سلوكيات يكرهها ويستقذرها .. ولكنه مضطر للتعامل وفقها ﻷنها لغة وحيز عمله ..
7 - ويحتاج السياسي بناء على كل ما سبق لتقدير خصوصية عمله من قبل اﻵخرين والجماهير .. وترك هامش له ومجال من الحرية والقدرة على المناورة ضمن أوسع مدى شرعي ممكن ومسموح .. لا أن يكونوا عونا عليه وعبئا .. بانتقاداتهم غير الواقعية ..
8 - عمل السياسي حساس وهام واستراتيجي أكثر من غيره .. وقراراته و سلوكياته وتصريحاته لها أثار كبيرة أكبر من كل اﻷعمال والمهام التفصيلية اﻷخرى .. فهو ربان السفينة .. ولذلك وجب عليه الحذر الشديد الدائم .. والسعي لفهم الواقع بشكل صحيح صائب .. و البحث عن اﻷسلوب اﻷمثل للتعامل مع الواقع بشكل يحقق أكبر المصالح الممكنة مع وجود أقل المفاسد الممكنة ..
9 - حالة التقوى لدى السياسي وما يعين عليها من تزكية دائمة وتهذيب وعبادة تهديه وتعينه على معرفة الحق .. فالتقوى استخارة دائمة مستمرة ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) .. والسياسي أحوج الناس للاستخارة الدائمة بسبب حساسية عمله وتأثيره على وطنه ومواطنيه بشكل مصيري ..
10 - السياسي قائد .. والقائد في موقع القدوة واﻷسوة .. يتأثر الناس به أكثر من غيره .. ولذلك كان أجر من كان هذا وضعه أجران ووزره وزران .. ككل الفئات التي هي في موقع القدوة ومحل التقليد .. ولذلك وجب عليه أن يأخذ نفسه بالعزائم والورع وفقه النخبة و أعمال الخواص .. فهو مكان الرسول صلى الله عليه وسلم وخلف له بشكل أو بآخر .. وينبغي له أن يعيش هموم الناس و أزماتهم ويجوع إذا جاعوا ويشبع إذا شبعوا و يتعب إذا تعبوا .. ﻷن السياسي في ديننا ليس كموظف رفيع المستوى في نظام علماني .. السياسي عندنا قائد للأمة ومجاهد يتقرب إلى الله عزوجل بجهاده وعمله وخدمته و اعطائه الاسوة الحسنة للناس والنصح لهم وعدم غشهم .. وهو في خدمته لبقية اﻷفراد مثله مثل بقية العباد .. ويفترق عنهم في أنه قدوة ومسؤولياته أكبر من مسؤولية اﻵخرين .. لذلك كان لزاما عليه أن يحقق في شخصيته الأسوة الحسنة ما أمكن .. ﻷن في ذلك صلاح أمر اﻷمة والرعية ..
11 - صلاح القيادة السياسية و التزامها الحقيقي وتحقيقها للقدوة واﻷسوة في سمتها وسلوكياتها الخاصة والعامة هو سبيل لتوفيق الله عزوجل لها ﻷحسن وأسهل الطرق و اﻷساليب وأجداها في عملها وفي تحقيق مصالح اﻷمة ..
( فسنيسره لليسرى ) .. و مئات النصوص تدل على ذلك ..
12 - السياسي يتعرض نتيجة الطبيعة الخاصة لعمله لتغيير تصريحاته ومواقفه التكتيكية أحيانا .. ولذلك كان لزاما عليه و أن يكون من أهم سجاياه التريث وعدم الاندفاع بكلمات جذرية فمن يقول اليوم ( لن نتنازل والله ) ثم يجد نفسه في اليوم التالي مضطرا للتنازل في موضوع تكتيكي فإنه سوف يقع في حرج شديد مع الجماهير .. وأولهم أولئك الذين يعمل من أجلهم وبتفويض منهم ..
13 - الجماهير و القواعد التنظيمية هي من أولى أولويات السياسي .. لأنه منهم وبهم .. ولذلك كان عليه أن لا يفاجأهم بمواقف صارخة .. و يتحقق ذلك من خلال البناء والتوعية العلمية والتثقيفية لقواعده التنظيمية وجماهيره ما أمكن .. بحيث يحدد لهم دائما المجال الذي يمكن أن يناور خلاله .. ويهيأهم للقرارات الكبيرة باعتبار أن هذه القرارات عندما تكون مفاجئة فإنها تؤدي للاستنكار وردات الفعل و حدوث الشرخ أحيانا .. و قد تصدر بنتيجتها تصرفات لا يمكن التراجع عنها وقد تؤدي لشقاق وخلل دائم ..
14 - الجماهير تريد أن تفهم مغزى تصرفات السياسي .. وخاصة عندما تكون موضع استغراب من قبلهم .. ولا تصبر على كثير منها ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) ومن الصعب جدا أن يشرح السياسي توجهاته وخطته على المﻷ وفي وسائل اﻹعلام ﻷن ذلك يفسدها .. ولذلك كان لا بد للنخب السياسية والتنظيمية المؤيدة من أخذ دورها في شرح هذه التوجهات ومغزاها وهدفها بين الجماهير ..
وسوم: العدد 752