مدرس الأدب الفارسي

سعيد مقدم أبو شروق - الأهواز

لم أكن في مرية قط من أن بعض الشعراء والكتاب الإيرانيين يكنون حقدا للعرب وللإسلام، ذلك لأنهم يعتبرون دخول الإسلام عليهم هجمة عسكرية واجتياحا قضى على دياناتهم المجوسية ومنها الزرادشتية. 

وإن هؤلاء الشعراء والكتاب ليسوا قليلين أسفا.

أحدهم هو الشاعر القديم فردوسي، والذي عاش ما بين القرنين الرابع والخامس الهجريين.

وقد هجا هذا الشاعرُ العربَ، وذمهم.

وحاول مجدّا أن لا يستخدم كلمات عربية في ديوانه الذي يسمى (شاهنامه)؛ فأمست أساطيره التي نظمها شعرا وكأنها صماء ثقل علينا فهمها عندما كنا طلابا في المدارس. 

وكانت وما زالت تـُدرس في الكتب الأدبية الدراسية.

ليس هذا ما أنا بصدده، وإنما خرجنا من الصفوف وجلسنا نستريح وندردش قليلا، 

وكان مدرس اللغة الفارسية جالسا معنا.

فسألته مستفهما: 

عجبي على فردوسي، لماذا حط من قدر العرب واستخف بهم في أشعاره؟!

فرد الزميل باحترام تام: 

فردوسي لم يهن أحدا، ولم يهجُ أي شعب، وإنما نسب إليه البعض هذه الأشعار المهينة ليشوهوا شخصيته الأدبية. 

وأضاف بأدب ووقار: 

وهل يعقل أن شاعرا كبيرا كفردوسي ينتهج السب والإهانة ضد الشعوب الأخرى؟!

ثم تابع يمجد هذا الشاعر وأنه إيراني، مسلم، شيعي، ملتزم، مؤدب...

ودق الجرس ورجعنا إلى الصفوف.

وما إن دخل زميلنا الصف حتى انقلب على عقبيه، فأعرض يخاطب الطلاب:

بلى، لقد هجا فردوسي العرب، لأنهم يستحقون!

ألم يكونوا حفاة في الجزيرة العربية؟َ!

ألم يأكلوا الزواحف؟!

ألم يغزوا الشعوب الأخرى بوحشية؟!

وأخذ أكثر من نصف الحصة يتهجم على العرب، ويبرر ما جاء به فردوسي من افتراءات وإهانات ضدنا.

ولم ينتبه زميلنا هذا وهو يُنسب إلى الهاشميين والهاشميون منه براء، أن المدينة التي يدرس فيها عربية، وأن الطلاب عرب عليه أن يراعي مشاعرهم، وأن يجمح ولو قليلا من عنصريته.

وبقيت حائرا من ازدواجيته، لم أستطع أن أجد سبيلا لتوجيهها!

يحلفون بِالله لكم ليرضوكم    التوبة 62

بدأ هذا الزميل بإنكار ما أنشده شاعرهم العنصري ضد العرب وهو يخبئ ما يكن صدره من حقد وكراهية تجاهنا، وانتهى يفند ما قاله للتو بكل وقاحة.

فقد آذاني مدرس الأدب الفارسي هذا أكثر من فردوسي، وأكثر من صادق هدايت، وأكثر من نادر نادر بور، وغيرهم الذين اتفقوا على كره العرب ومعاداتهم.

فهؤلاء جهروا بشططهم إفشاء، وأذاعوا بحقدهم في نصوصهم السردية والشعرية علنا؛ 

لكن زميلنا هذا أضاف إلى العنصرية والكره؛ الإزدواجية، والنفاق، والجبن. 

وهو الذي يفترض أن يعلم طلابنا الأدب، والأخلاق، والشجاعة، والصدق؟!

ختاما أتمنى أن يدخل الله حب العربية وأهلها في قلبه فيهديه إلى الصراط المستقيم؛ 

هذا إذا شاء وإلا ...

فسأدعو الله أن لا يرزقه موهبة الشعر أو الكتابة، لأنه حينئذ سيضاهئ الذين خلوا من قبله من أدباء عنصريين لم يدينوا دين الحق؛ وسيضيف إلى الأدب الإيراني كتبا مقيتة أخرى تعلم أحفاده العجب بالذات وعداوة الحق.

وسوم: العدد 754