رسالتي إليك ِ

رسالتي مكنونة بسوسنها              

كجمرات غريبة في منقلها

تؤزئز حزينة والرماد يلفها

كأنما هي في خلجات برد

تنشد الدفىء من حومتها

فلاتجزعي ..

إذا ما العتاب قد طغى بنبرة

على سجيتها

ففي ثناياها وخزات الوجد

تشقشق كالنجوم في الظلمات

مرسالها في الطريق إليك

يحمل في تلافيف ذاكرته

شوقاً ولهفة ..!

وربما حباً .. !

وربما لا شيء منهما .. !؟

مرسال يحمل النعي في جيبه

فلا تجافيه ..

ربما يصلك قبل رسالتي

وهو في عجلة لغايته ..                  

فيشد يده المرتعشة ليقرع الجرس

وقد يسبقه صهيل الفرس

فيناديك ..

وربما يتلاشى كل ذلك

قبل ايداع المظروف في مأمنه

مرسال رسالتي مختلف

بل هو ندّ  لي فيك ..

ويزعم كل ما فيه

أنه  من سيفوز بالسبق إليك

لا تتعجبي إذا ما مد يده

واعتذر أن لمس يدك كان

وصية مني تغريك .. !!

و ليس كل وصية

تُشعل بكهوف القلب ناراً

وليس كل لمسٍ يفني الصقيع

وينفيه خارج الأصقاع

جزعي حين أودعه حروفي

 وحبرها ...

لمّا يجفّ فيخوض في لونه

فتنخفض له الأسوار ..              

وتلين به السطور

 فمن عناق العنان في يده

أدركت لهفة في عينيه

وسيخلو فيه الطريق هناك

فيدنو حيلة على ختمها

سيفضها في ساعة والأحلام

 تتوارى وتنمو في نفسه

يداعبها ببريق عينيه

فترسل له جفونهاغروراً

 أنها من ستكتحل سواداً بطلعتها

ولا يدري ..

أمسكين بمرساله

أم بلحظها مقتول ..؟

 أو ميت وكالأحياء

وإني من قبله وبسهمها

في البعد والهجر مدفون ..

وكالأموات

رسالتان في واحدة ..

ستقرأينها فتدركك أحرفها

كطفلة عطشى إلى صدر أمها

وستأخذكِ الغفلة عن أيهما

ولدت قبل من آهاتي

واحدة لمرسالي طلاسم كلمات

والثانية مفاتيح للدفء البواح

ولم لا ..

والأحرف الندية تتطاير        

على الأوراق قبل الكلمات

ممهورة بلون  الشروق على  

وجه السنابل في الصباح 

يقدم ( الملحّن) إليها فضاضة

 فيأخذه الشتات حيرة بأوتارها

فلا ترسو به المقامات إلى سلّمها

وتتيه الدندنات بين تلاطم آهاتها

وحيدة هي مجاديف العشق

تحبوا صبابة لشغاف منارتها

فترسل الأشرعة رهواً

مكللة بالدموع على منحرها

إخفي من الشفاه أي بنت لها

 حتى ولو كانت مواربة

لألّا ينعي ذاك المتأهب ..

 منها ثمارها ..

وينحو لي عنها نِحلة الجفاء

كيف أقضي على هواجسي

والتنادي حلّ خليل  بأيامي

وأنتِ والجواب في البريد

بأحلام ليلي أسيران .. !

.................

............رسالة جوابها ...

...

أيها ألهبت بكَ الظنون

وفي ظني أنا التي ..

يشتعل فيها اللهيب والسعير

ولو كان المرسال بألف فارس

ما أطفأت همهماتم ..

حريق  حرف من شرر ناري

كم ألهَبَت شكوى ظنونك

شعاب أشواقي ..

وفيك نُسجت حكايا

أهازيج غرامي ..

فما لي حيلة على لملمتها

وما لي أمرٌ حينما ..

يتشابك طيفكَ بأمواجي

أناديك ..لعل فؤادي

يبادلني بالصمت آلامي

فيأخذ بالرضى مني أضلعي

وآتيك عرشه .. وصرحه

جفنٌ مهدبٌ من عيوني ..

تسكن هنا في جوفي ملكاً

آسراً خلجات مهجتي

وترتوي حتى الثمالة

 من سكرات  دمي

تربع ماشئت بأفناني

لك الدنيا من عمري

واكتب رسائلك ..

على أنهردمعي وضفاف جناني

شمائلك ترتقي هنا..

وتنزاح منها كل الظنون

يالعمري بحبك موطناً ..

ويا لحبي بجواره سكني

أضفيت كل ذي رهافة

ومني على روحي يقين

أباري به أتراب الحور ..

بلا لحظ ولاسهام

لاأشكو إليك هجراً ..

طال وقسى هيامه

وإنما صبراً تجلد بقلبي ..

واستهوى غراسه

ذلك عهد مني ..

و خبر إن لم تسمعه

فأين أنت مني آمراً

همساتي لك طائعة وكل أنفاسي

يارب ذاك البعيد مني

شقيق الروح متعلل

فأسرج له جناحي طائر

لتصفى لي سرائره

غداة فأدانيه ..

ويا لشوقي لعبقه الوليد المتآلف