ذات لحظة
ما عُدتُ أذكر كيف كنتُ أكتب، يا للهول هذا ما أجبرتُ نفسي على قوله:
تناسيتُ الذي كان
لكنّ الشّوق يحاصرني
يلاحقني بتذاكر العودة
برغبات منه لرجوعي
من قال بأنّي لن أعود؟
فالحنين يعتصرني
يخنقني بكلتا يديه
ويُحكم عليّ قبضاته
كأنّ الرّوح ينقصها
مزيد من الألم.
يصوّب قنّاصه نحوي،
لا تخشَ ولا تقلق
سأعود لا محال سأعود
فالذّكريات والأشواق
مراتعي القديمة،
وصدور الشعور،
ومجامع الحسّ في روحي.
لكنّي أخاف أن أعود وألّا ألقاه
ألّا ينتظرني تحت شرفات الحنين
وعند مُدام العشق المُسكر
في إحدى ليالي الأنس والبهجة
تلك التي كانت تجمعنا
فحنين الفؤاد لغفوة الجفن
عند سماع صوته آخر صوت
قبل الذهاب في رحلة الموت الصغيرة
هو ما يجرّ هذا الجسد إلى الخلف
إلى حيث كانت ليالينا.
وذات لحظة
ينهمر الحزن شلّال دموع
تغرق فيه وجنتاي،
أين ذهبتَ وخلّيتني؟
أين رحلتَ وتركتَ الذّكريات على الغارب؟
وأودعت الحفر في القلب
والفجوات العميقة وتلك الصدوع
في روحي،
جعلتها نايا
يقصّ حزنه على اللّيل الشّريد
ويُسامر في بُعدك العودَ
وشجيّ النّغم.
متّى صفّطتَ الرّحيل دوني؟
ولمن تركتَ الذّكريات على الغارب؟
ولمن وكّلتَ نزع نبل سهمِ الخذلان
من صدري
الجريح
الرّقيد على ذكريات الرّسائل،
وخمرة الشعور المنسيّة
ها؟، لمن؟.
ومن أغواك كي ترحل،
وتطعن حلو المساءات،
التي فينا كبرت
وفي خلدنا علقت؟
من أغواك كي تنهب القلب
وتعزف النّأيَ على وتر الوصال؟
من أغواكَ أخبرني؟!
فما أدهاكَ في البُعد
ألا ليتك تُجمل في القرب،
فأحسن في الغَيبة ذكرايَ
وارسم من شظايا جسدي
صورا حالمة بعودة الوصل
فإنّ النّأي قد أزلقَني
بين مسطبة ومطرقة
أحاول النّجاة
لكن لا فرار!
فأُفتّش في الوجوه
عن زاوية تُبرئني
ممّا صار يُراودني،
فَلعِلّاتي فرجٌ واحد
ووجه نجاة واحد:
هو لُقياكَ،
فأعذنا من رجيمِ فراقات
تتصيّد طعم الحياة
ولونها
فتسرق منّا الحياة،
فاسرق منها لذّة العيشِ
وأَعِدها إليّ برجعتك
وسوم: العدد887