عتاب

عتاب

د.أحمد محمد كنعان

( كتبت تقول : وداعاً ! )

فكتب لها :

وداعاً !

وأي وداع بعد بعد هذه العشرة الطويلة ؟

زوجان نحن .. ولسنا مجرد اثنين التقيا في مقهى ثم مضى كل منهما في طريق !

حبيبان نحن .. فهل نسيت معنى الحب ؟

صحيح أن السنوات التي قضيناها معاً عبرت مثل طيف

لكنها كانت كافية ليعرف كل منا مشاعره نحو الآخر !

وداعاً !

أبَعْد ما كان بيننا من بوح ولوعة وانتظار وشوق تطلبين أن نفترق ؟

كيف ؟!

كيف ترخص الكلمات عندك إلى هذا الحد ؟!

وهل تتصورين أن يصمت الحب في قلبينا بهذه السهولة ؟!

وداعاً !

وأي وداع هذا الذي تتحدثين عنه

بعد سنوات عذبة تبادلنا فيها الأحلام

وتقاسمنا فيها رغيف التعب

وزهور العطاء

ونعمنا فيها بعبير اللهفة !

سبع سنوات عمر حبنا ..

سنة .. سنتان .. ثلاث .. هل أعدها لك ؟

هل أحصي لك ما كان فيها من قبلات وهمسات وانتظار ووعود ؟

هل أذكرك بكل لحظة من لحظاتها ؟

لا ، لن أذكرك بها

فلو أدرتِ أنتِ لتذكرت كل شيء

ولا أحسب أنك نسيت لحظة من تلك اللحظات الهاربة

ولكن .. لا بأس ..

دعيني فقط أذكرك بكلمات قليلة منها

قلتيها في رحاب تلك السنوات الحافلة

ألم تقولي يوماً : أحبك ؟

ألم تقولي يوماً : أنتَ العمر ولا عمر بعدك !

ألم تقولي حين التقينا بعد سنوات الانتظار والغربة :

من أجل عينيكَ كنتُ مستعدة أن أنتظر الدهر كله ؟

أم كان كلامك مجرد كلام ؟!

ألم تكن عيناك تدمعان عند الفراق وتضرعان : أرجوك أن تبقى !

أكانت كاذبة تلك الدموع ؟

أم لم تكوني واثقة من مشاعرك ؟

أم تراك كنت تلعبين بالنار ؟

أم تراك كنت حالمة واليوم صحوت لترسلي ( الوداع ) في رسالة ؟

رسالة !

وهل تقدر رسالة أن تغتال الحب الذي تبرعم وأزهر وأثمر في أحضاننا ؟

رسالة !

وليس بيني وبينك إلا حارة ضيقة من حارات الشام العتيقة !

كان يكفي أن تطلي من الشرفة وتقولي : وداعاً !

ولكنك لا تجرؤين ..

ففي أعماقك إحساس بالذنب لا يمحوه إلا أن تعودي

أما أنا .. فلن تؤثر هذه الرسالة وهذه ( الوداعاً ) في حبي لك

فأنت عندي .. أنت ..

بهمساتك الدافئة

وقلبك الذي أعطى وأظنه مازال قادراً على العطاء بصدق

أنت عندي .. أنت ..

بكل حسناتك .. وكل حسناتك أيضاً

فإن حبي لك لم يرني ولن أسمح له أن يريني إلا وجه قمري المنير

أما الوجه الآخر ..

الوجه الذي يكتشفه كثير من العشاق بعد لحظة الاشتعال الأولى

فقد اكتشفت أنه عندك أكثر وضاءة مما تمنيت

وأقول لك : سأفتح شباكي الليلة وأنتظر إطلالتك على الشرفة

كما كان يحلو لنا أن نفعل أيام الولدنة !

ولا أحسب أنك نسيت نجوى العيون

ولهفة الشفاه في تلك الأمسيات الغالية

وأقول لك : إني مشتاق لابتسامتك الكانت وسوف تبقى تغريني بأن الحياة حلوة

وتستحق أن أحياها بكل ما في جوارحي من تطرف

وكل ما في شراييني من حرارة

وأقول لك أيضاً : لا أريد منك أن تعتذري

فمن حقك أن تغضبي وأن تثوري

ومن حقك أن تعبري عن رأيك وأن تختاري الحياة التي تحبين

والمهم عندي أن تعود الابتسامة إلى عينيك

ولك الخيار بعد ذلك

أن تعودي .. أو .. وأحسب أنك عائدة !