ومن أنتم
ومن أنتم
طريف يوسف آغا
ما أن بدأت ثورات الربيع العربي، حتى بدأ الحكام الذين استفردوا بالسلطة لعقود باتحافنا بخطاباتهم التي ماأنزل الله بها من سلطان وأيضاً بالكشف عن وجوههم الحقيقية وعن نظرتهم لشعوبهم. فهذا من يقول لشعبه (فاتكم القطار) والثاني من يصفهم (بالبلاطجة) والثالث (بالجراثيم) والرابع (بالجرذان) والخامس (بالعملاء) وغير ذلك. ولكن أكثر مالفت نظري من تلك الخطابات هو ذلك الذي سُئِل فيه الشعب (من أنتم؟) وقد أتت هذه القصيدة لتسأل هؤلاء الحكام بدورها:
ومَـنْ أنـتُمْ؟
ومَـنْ أنـتُمْ ثكَلَتكُـمْ أمُّكُـم؟
ومَـنْ أنـتُمْ شُـلَّتْ يَمينُكُـمْ؟
أنـتُمْ مَـنْ حَكَمتُـمْ فما عَدلتُـمْ
فمـا أمِنتُـمْ فمـا نِمتُـمْ
شُـعوبُكُـمْ اليومَ ثارتْ عليكُـمْ
وفي كُـلِ البُـلدانِ تُطارِدُكُـمْ
هُـنا طَـيَّرَتكُـمْ وهُـناكَ تُحاكِمُكُـمْ
وفي بلدٍ آخرَ مِـنَ المجـاريرِ أخرجَتكُـمْ
هُـنا حَمَّصَتكُـمْ وفي مكـانٍ تحضِّـرُ لكُـمْ
مصـيراً ماحصلَ لأحَـدٍ مِـنْ قبلِكُـمْ
لَيـسَ فقَـطْ فاتَكُـمُ القِطـارُ
ولكِـنَّ الزمـانَ ورائَـهُ قد نَسـيَكُمْ
حتى الجُـرذانُ لهـا دورٌ في الحيـاةِ
أمـا أنتُـمْ فما هي فائدتكُـمْ؟
لو كُـنتُمْ جُرذانـاً
لألقَيتُ بالمُبيداتِ في وجوهِكُـمْ
ولو كُـنتُمْ جَراثيمـاً
لطهَّـرتُ البِـلادَ مِـنْ وبائِكُـمْ
لو كُـنتُمْ لُصوصـاً أو قُـطاعَ طُـرُقٍ
لفتحتُ أبوابَ السُـجونِ لاسـتقبالِكُـمْ
لو ماكُـنتُمْ أكثَـرَ مِـنْ عصاباتٍ إرهابِيَّـةٍ
لَجَعلتُكُـمْ عِـبرةً لِغَيرِكُـمْ
لو ماكُـنتُمْ سِـوى عُـمَلاءَ للخـارجِ
لَحاكمتُكُـمْ بتُهمَـةِ الخيانَـةِ وحكمتُكُـمْ
ولكِنَّـكُمْ كُـلَّ ماذكرتُـهُ وأكثَـرْ
وتسـتحقونَ أكثرَ مِمـا بِـهِ توعدتُكُـمْ
تسـتحقونَ بَحـراً يرتفعُ فوقَكُـمْ
ثُمَ ينشَـقُ وينطَبِقُ عليكُـمْ ويبلعُكُـمْ
تسـتحقونَ بُركـاناً يُزمجِـرُ وينفَجِـرُ
ثُمَ يأتي إليكُـمْ ويَجرِفُكُـمْ
تسـتحقونَ إعصـاراً مُدَمِّـراً
يعصفُ بِكُـمْ ويأخُذُكُـمْ
تسـتحقونَ مَطَـراً مِـنْ سِـجّيلٍ
يسـقُطُ فوقَ رؤوسِـكُمْ ويَحرِقُكُـمْ
مَهـلاً بلْ تسـتحِقونَ أكـثَرَ مِـنْ ذلكْ
تسـتحِقونَ عُقوبَـةً بِمثلِهـا ما أُصبتُـمْ
تسـتحقونَ طِفلـةً يتيمَـةً قتلتُـمْ والِدَيهـا
ترفَـعُ يَدَيها إلى السَـماءِ وتدعو اللهَ عليكُـمْ