وللصبح فيّ نبضٌ واحتواء....
وللصبح فيّ نبضٌ واحتواء....
سومر بستنجي
ايها الليل الغافي على شطآن أحداقي!
أذّن لجيوشك بالترحال نحو شمائل الانقشاع..
فما بين الخيط الأبيض والأسود منك فيّ تبعثرٌ وارتباك وضياع...فما عدت أقوى يا ليلُ على التحايل على قهقهات أرقي،أو الصبر على فحيح قلقي..
ما لهجيع الليل فيّ يشتدّ ويشتدّ ...يشتدّ ليدركني حتى عمق الكآبة ومكامن الأوجاع.. لما السواد الأرعن يتمادى على فلقي..والكهولة تتطاول على صِبايَ وألقي.
فيا ملائكة الصُبح وبنيّات الضياء!
بحقّ من كوّر الأرض مدارات نور!
هزّي أشرعة السماء ليتساقط النور من وحي طهارتكِ بردا وسلاما وارتواء..ودعي طائف النور يطوف على أفواه الفلق بسلسبيل البقاء وشهد الشفاء... ليتجلّى الصبح عسجديّ التكوين وضّاء..
دعِ الكون يشهق بتسابيح الفلق مرتلا آيات الفجر..دعيهِ يقدّم للخالق فرائض الطاعة ،دعيهِ يتوضأ بانثيالات النور المتسرّبة من نهرٍ كوثريّ نورانيّ الودق..ويتهطل بسُقيا طُهرٍ تغسل جبين الأرض ..فيجلجل الوجود و الكائنات بسبحان من وهبها أنفاس الطُهر والتجلي والنقاء...
يا دهاق النور المبجّل!
إملأ بأجنّتك المنبثقة من صُلب روحكَ ما بين السموات والأرض..ليتكاثر أطفال لهم لون النور وطعم الفرح ورائحة الطُهر .. ميراثها منك أنفاس النقاء وقدسيّة الشعور....أجيال حيّة قادمة من أريج الشمس وفسائل القمر،تحمل عشق السموات وطُهر الأعالي وأمديّة الاتساع.. لا تُنهكها ريح صرصر عاتية ولا يلوّثها سواد العابرين،ولا ينضب من معينها ماء الحياء.
أيها الصبح الأمين!
امنح الأرض حصّة من صفاء...!
وانثر التبرّ المقدس على أديمها ليغدو لها شعشعة ووهج وبهاء..لتقايض بالنور شرقيّ المدى وغربيّ الاتساع... لوّن بأنامل البهاء وغزير مدادك تضاريس الكون وسحائب المجرّات ،وارسم ملامح الطريق للسائرين نحو انهيارات بعثرها الرهق وطالها الشقاء..
سبّحي يا بنيّات الألق وسيّدات الضياء..
وسحيّ بالدفء اندلاق..واغسلي وجه الكون بعطركِ السلسبيليّ البرّاق...
ولا تدعِ الليل يستبيح كواثر الضياء...ويقتات على ريق البياض..ارخي جدائلكِ على كتوف الأرض ليتساقط من أطرافها عقيق الدهشة فتشتعل الأرض بالبهاء..عقيق مجبول بلين وودق يزيّن معاصم الأرض وأطواق السماء...
يا كَرَمَ السماء!
والذي كوّر الأرض ومدّ أروقة الفضاء..
ان لفي الصبح لي حاجة...!
ففي كفّيه لي امنيات ..وفي أفيائه لي أحلام عائمات...
حظّي فقير لا يتعدّى ثرثرة من رجاء..وبعض تراتيل تشتهي الانسكاب طليقة في فسحة النقاء...
فرتّل يا صبح عليّ وعلى أهل الأرض بسملة الفلق..واقرأ في الأجواء آيات السكينة والسلام ..وانفث على أرواحنا نثيثَ الطُهر ،وبشر بولادة مشكاة نورٍ تتلوها مِشكاة..فلقد عاث الظلام نَشبا في الحلقوم ،وتلعثم على الشفاه الميتة صادق الكلام.
والذي خلق الفلق!
لوني مذبوح الصفاء..يتعاضد فيّ النفي والاغتراب..يقايضني العدم لينكأ جرح التمنّي حين غابر فوضى الحواس..أتدثّر ببقايا إنسان هدّه رَتقُ أثواب الصبر برقعِ التمنّي وخيوط التحدي والثبات...
فمدّ لي يا صبح أكفّ البياض..وطوق بشرائط النور خاصرتي..وقبّل خافقي المتكوّر على جذوة الألم..وقيّد معصمي اليكَ ،فإني أخشى انزياحات القدر بي نحو شَطر التَبعثر وأكوام الزحام...
احكم قبضتك على مكامن الخَفق فيّ،وافري عُقدة الخوف وارتق ما بين ضُحايَ ووابل الظلام...
هيا بربك يا صُبحي المُشتهى...!
شدّ الرحال الى فلكي.. واقمع جيوش الظلام واندلاعات الصراع ...
قبل أن يطوف على الروح طائف بمسٍّ من جنون أو بريحٍ من سَفر الوداع...
فلقد ضجّ من الصَبر صبري
وأخشى ان الروح قد يممّت شطر التلاشي والضياع...
أخشى انّي قد يمّمت برمّتي شطر التلاشي والضياع...