صبراً آل سورية
صبراً آل سورية
أنور ساطع أصفري
ماذا أقولُ
إني أفتقدُ الكلمات
تخونني الحروفُ
تخنقني العبارات.
تتجمّد على لساني الأبجدية
أنادكَ بلا صوتٍ
أعدو إليك بلا خطوات .
تنتشر الغيوم الرمادية
وأنتَ تكبر ياصديقي
منتصباً نراك واثق الخطوات .َ
إلى أين أمضي
وكلُّ الأرصفة محميّة
كلُّ الشوارع بلا نهايات .
ويمناكَ بالصبرِ
كالهصورِ إذا غضبَ وإستمات .
حشرتُ حزني
بين ضلوع الشوقِ
أفرغتُ الوهم سهاماً
في قناديل الظلمة
ونحن ياصديقي تشتتنا الإنقسامات .
إلى أين أمضي
وحدود المنعِ
حدود القهرِ
تغتصبُ الرؤى والأُمنيات .
إلى أينَ أمضي
نأسفُ ، نضمحلُّ ، نتلاشى
وأنتَ تكبرُ منذ البدايات .
تسمو
تصنعُ غضباً
تُلمّلمُ وطناً
تتكسّرُ أشباحهُ
تحطّم ظلام السجن
تنطلق بالعزم صانعاً إنتصارات .
يشتعلُ الليل
يحترقُ الوجدُ
تحفر في الغيب شاطئاً
ويبقى الصبرُ صامداً في رحم المسافات .
صمتُكَ يُراودني عن بُعدٍ
يُعيدُ إليّ صدى صوتي
ستبقى مجبولاًبإبتسامة الزنيق
تغفو نظراتك في عينيّ
أغنّيك في محرابٍ ناياً للعشقِ
تُعلّمني فاتحة الجنونِ
تعلو ، تصنع شعباً
تحيل كل الشوارع إلى غضبٍ وتظاهرات .
ألسنةُ الأحزان
تجرحُنا
أقرأ في سفرِ هذا العالم الهائج
أن وحدتنا إسطورة
يهاجمها الغولُ والخرابُ والطوفان .
فماذا أقول يا آل سورية ؟
جراحاتُ الغدرِ شوّهت صمت القبور
نهشت جسدَ الوطنِ
أغلقت سراديب السلام
ونحنُ نغرقُ ياصديقي
في بحرٍ من الضفادعِ والبعوضِ والمستنقعات .
إلى أين أمضي ؟
وصوتكَ ما يزالُ في أُذني
كما فيروز تشدو
الغضبُ الساطعُ آتٍ في كل الصباحات .
البريقُ الغاضبُ في عينيك
الميلُ المرعبُ في جفنيك
ما يزالُ يغتالُ المسافات
يصنعُ نصراً
وليس ككل الانتصارات .
إيقاع رقص الصبرِ
يعلو
يتحوّل إلى دوائر وحلقات .
وأزيز الرعبِ
كصمت الحزنِ
يُدمي ياصديقي
يخترقُ الفضاءات .
فمنكم من لقي حتفه
وسط شريعة الغابات
ومنكم من يعلو بطوفانٍ من النداءات
لن نركع
واقفين تموتون
وما بٌدّلتم تبديلا
تشهدُ عليكم كل السماوات .
سأحرق البخور على أرصفة العشقِ
سأضفرُ من الحبق إطاراً لوجهكم
رائحة الصبرِ تغسل وجهي
تطهّرني
من زيفِ بعض الضاد والانهزامات .
عمّد الحزن قسمات وجهي
رائحة صبرك تحييني
تتفتحُ أوردتي
أتلوّى بصدرك كالجرحِ
أهربُ من سلاسل الزمن
أمسحُ عن عينيّ صديد الأيام
أتوارى في دمعتي
وجرحك الدامي ياصديقي
أعمقُ من كل الجراحات .
تتهدّل سنابلنا
تضيْ عيناك
ووجهك العربي ياحبيبي
يستطيلُ
يستحيلُ مارداً يخلق المعجزات .
صبراً آل سورية
أيا نخلةً شامخة متى اللقاء
صبراً --- صبراً
فوجهك العربي ياحبيبي
رغم النزف آت
رغم الحزن آت
رغم الحرب
كالبرقِ الصاعق
آتٍ
آتٍ
آت .