براكين

مريم سيد علي مبارك/الجزائر

في القلب نيران تؤجِّجُنا...

وفي العين قد صارت براكينا...

فلسطين لا شيء يُؤرِّقنا سواك...

ولا شيء عنكِ يُلهينا...

***

فلسطين من يُدوِّي فيكِ مَدَافِعَنا ؟؟

من يُكَفْكِف مَدامِعَنا ؟؟

من يُواسيكِ ومن يُعزِّينا ؟؟

أيا شعبًا حيَّر الأحجارَ والأطيارَ والأقمار !

فلسطين تلك العروقُ تحت الجلد وهذي أيادينا اعجنيها واضربي أعادينا...

فلسطين هذي الدّماءُ قد فارت من مآقينا...

نطقت تُكلّمُنا ..تُؤنِّبُنا ..ومن عذاب ضمائرنا من يُنجِّينا ؟؟

نطقت تُعذّبنا..تدمِّرُنا..

 تُفجِّرُنا شرايينا..

نطقت تحدّثنا..توبّخنا..

تذكّرنا بالأسى فينا..

نطقت تُفَجِّعنا..تُوَجّعُنا..

تُصيِّرُنا مجانينا..

نطقت تمزّقنا تبكّينا...

تنادينا :

عرب..

يا عرب..!

عرب..

أين أنتم يا عرب؟؟؟

عرب وما لكم غير الكلام..

عرب ويخجلُ منكم السلام..

عرب تشبّهتم بالحطام..

عرب ركام مثل الرّكام..

***

حطامٌ مثل الحطام قد خربوا..

ركامٌ مثل الرّكام قد صاروا..

رمادٌ مثل الرّماد قد ذهبوا..

أجسادٌ من الأرواح خاوية !

أصنامٌ ما قاموا ولا قعدوا !

خذلوا وخانوا عروبتهم..

بسطوا للسّلم أجنحة وما طاروا..!

عرب أنحن هم العرب !؟؟

فلسطين أيا شعبًا حيَّر الأحجارَ والأطيارَ والأقمار..!

أيا محكمةً أُعدِم فيها قاضينا..

أيا جُرحَ حاضرنا وماضينا..

في القلبِ نيرانٌ تؤجّجنا...

وفي العين قد صارت براكينا...

في أحشائِنا أشلاءٌ ممزّقةٌ..

وفي أجسادِنا أطرافٌ تُعانِينا..

تُقاضِينا تحاسِبُنا تُعادينا..

فلسطين الجسم يُحرِقُنا والرُّوحُ تَقْصِفُنا والموتُ ينعانا...

***

فلسطين قد وعدنا من عاثوا فيك..

فلسطين قرِّبينا من أعاديك..

أفي الفضاء مركبةٌ مع النّيازك تُرسِلُنا ؟؟

أفي الكون طائرة مع الجوارحِ تقذِفُنا ؟؟

أم في البحر باخرة مع القروشِ تُرْسِينا ؟؟

 

فلسطين الوردُ والشّوكُ يعانقنا..

من الجزائر هذي صرختُنا..

أتُراها آلام تطهّرنا ؟؟

من الأدران تغسلنا ؟؟

أتراها من رقاب الرِّق تعتقنا ؟؟

أم تُراها أحلام تُسَلّينا تنسّينا تُسَهّينا..!!

فلسطين لك من الجزائر لوعة وعشق وهيام..

إلهي لك تنحني الجباه والأقلام..

حرّر إلهي فلسطيننا التي نخرت جسومنا والعظام..

حرّر إلهي فلسطيننا التي انفطرت لها الأرحام..

حرّر إلهي فلسطيننا التي لم تمت ورثاها السلام !

فلسطين قافٌ قلبُكِ وقلبُكِ قُدْسِي..

هاكِ القلبَ شُقِّي..

لا تَرِقِّي.. لا تَرِقِّي..

أخرجينا واسمعينا واخفقي فينا ودقي..

ضخي الغرفتين[1] وانفخي فيهما

لا تَرِقِّي.. لا تَرِقِّي.. لا تَرِقِّي..

هل رأيت قلبي؟؟

هل رأيته مائلا[2] وعنك يحكي ؟؟

هل رأيته قابعا تحتي وفوقي ؟؟

اسمعي من الوريد والشّريان قصة صدقي..

يقول القلب : قُدْسِي

تقول القُدس : قلبي

فلسطين أخَذْتِ القلبَ والقدسَ فيه..

فماذا تُبقي؟؟..ماذا تُبقي؟؟..ماذا تُبقي؟؟

***

لا تبحثي عن أعلام فأعلامك فينا..

لا تبحثي عن ألوان فألوانك فينا..

أبيض وأخضر وأحمر والأسود جُرحنا..

***

فلسطين..

فلسطين..

ارمي أحمالَكِ واثْقِلينَا..

لا..لا..لن ترهقينا فقد تعوّدنا الصُّمود..

اسم كالصّقر الجزائر..

واسم كالصّخر بيروت..

اسم كالسّحر بيروت..

اسم كالشّمس بيروت..

يا شجر الأرز يا قصرا

من طول الجذع بناه سليمان..

يا شجر الأرز[3] يا عمرا

من طول العمر لبنان..

يا قلم الشّرق يا سحرا..

سمّاه عليك جُبران..

احكي يا صرخة عن صخرة..

احكي يا حصن عن قلعة

بنتها بالصّخر لبنان..

"الغضب الساطع آت بجياد.."

للغضب الساطع صهلت

من أجل القدس بيروت..

للغضب الساطع صدحت

من أجل الحق فيروز..

إسرائيل ستسحقك فلسطين

مثلما سحقتك لبنان..

إسرائيل ستمحقك فلسطين

مثلما محقتك لبنان..

إسرائيل ستدحرك فلسطين

مثلما دحرتك لبنان..

إسرائيل ستطحنك فلسطين

مثلما طحنتك لبنان..

***

وأعود...أعود إليك..

بلهفي وشوقي وخفقي...

هلمّي إلي..

عانقيني واعصريني وعلي دقي..

فلسطين هاك القلب شُقّي...

لا تَرِقِّي.. لا تَرِقِّي.. لا تَرِقِّي

***

إيماني سلاحي..حجري دبّابتي..

لغتي رصاصي..

لا أخشى الرّعب إن أنطقتموه...

لا أخشى الوحش إن دجّجتموه...

لا أخشى جسمي إن لغّمتموه...

لأني لا أخشى الموت إن دفنتموني !

***

فلسطين أنت قلبي..

وأنا بلا مأوى..

بلا ماء..

فيا فلسطين اسكنيني وفي عيوني استحمِّي ولا تسقطي..

لأن القلوب لا تسقط مثل الدموع...

وفي قلبي لا تُظْلِمي..

بل أنيري كما تنيرُ الشُّموع...

فلسطين..

أنا إليك..

 لا إلى غيرك..

لا إلى غيرك..

 أريد الرجوع..

***

في غزّة سأحيا وستحيا معي الجماجم...

في عكا ستطير معي الحمائم...

وفي القدس ستسطع معي الأنجم...

أنا لن أموت وإن مت فلن تموت جماجمي..

أنا لن أموت وإن مت فلن تموت حمائمي...

أنا لن أموت وإن مت فلن تموت أنجمي...

وسأحيا سأحيا من أجل إله يحرسني...

سأحيا من أجل أمٍّ تدعو لي...

سأحيا من أجل سلامٍ يطلبني..

***

فلسطين هل أنسى ؟؟

هل أنسى أمًّا تبكي وبيدها رضّاعة ؟؟

لا زالت تبكي تبكي للساعة ؟؟

أهْدَوْها غمًّا أهدوها همًّا أهدوها فزّاعة !!

حرمُوها قبرًا تسقيه...

بدموعٍ مُرّة ترثيه...

هل أنسى خرابًا يعمُرُها..؟؟

هل أنسى تُرابًا يَبْكِيها...؟؟

هل أنسى طفلاً ليس ينامْ ؟؟

عيناه بلا أحلامْ ؟؟

حِبالٌ تَخنُقني...

وحديدٌ يُغلقني...

وسِهامٌ تجرحني...

ورصاصٌ يُحرِقني...

ولن أموت..لن أموت...لأن رعاية الله فوق الكل تحرسني...

وأنامُ وأنام ولكني لا أموت..

رغم أن الموت يستيقظُ معي كل صباح..

يهمسُ في أذني بصوتٍ صدَّاح..

حيَّ على الكفاح...

حيَّ على الكفاح...

حيَّ على الكفاح...

أصرخ ليس يسمعني إنسان...

أصرخ وفي القلب نيران..

أصرخ وفي العينِ بركان..

أصرخ ويصمُّ صوتي الآذان..

أصرخ ويكسر صرخي الحيطان..

أصرخ وتنقلب من صرخي الأكوان..

ويشتدّ الألم..

يشتدّ الألم ولا أنحني..

ولا يلين العزم ولا ينثني..

وأحيا بفضل الله أحيا ولن أموت..

لن أموت لأن رعاية الله فوق الكل تحرسني..

  زرع الغادرون الجوع في بُستاني..

ذبحُوا خِرفاني..

يتَّمُوا قطعاني..

شرَّدُوا أغصاني..

تفنّنوا في حرماني..

فتشتعل نيراني..

تشتعلُ نيراني

ويشتدُّ الألم..

يشتدُّ الألم ولا أنحني..

ولا يلين العزم ولا ينثني..

وأحيا بفضل الله أحيا ولن أموت..

لن أموت لأن رعاية الله فوق الكل تحرسني..

***

إلى من أشكو ؟؟

إلى من أشكو زرعًا أتلفوه ؟

إلى من أشكو ميتًا ذبحوه ؟

إلى من أشكو مسجدًا دنّسوه ؟

إلى من أشكو نهارًا أظلموه ؟