عبد الكريم الخطابي
1
جمال الموساوي
يَنامُ على مَقْرُبةٍ من الحياةِ
ويصْحُو على حنينٍ،
قَدَمٌ في الزِّحَامِ
ويدٌ تبحث عن ضوءٍ في الجِدَار
أراهُ
على
غير
ثباتٍ، تزَّاورُ الشمسُ عنه
ذات اليمين
و ذات الشمال،
في سريره امرأةٌ
تكابدها المخيلةُ
و ينوءُ القلبُ بوجهها في الغيابْ.
أراهُ
في الأبدِ،
ينظر جهة الفراغ:
الضوء هارب بلا أدنى شكٍّ
بينما يتسرب اليقين إلى حلمهِ،
لم ير كوكبا
وَلا رَأْساً تَأكُلُ الطَّيْرُ منهُ،
رَأى ظِلَّهُ يَمْرُقُ صَوْبَ الحياة
رأى الحيَاةَ امْرأةً في سريرتهِ
ورآني أرْعَى بالغَيْبِ سَنابلَ عُمرهِ،
الأرْضُ
التي مثْواهُ
ليسَتْ أرْضَهُ،
لذلك لم يبْرَحِ الحنينُ رميم عظامِهِ،
وَلَمْ
أشْتَهِ
مِنْهُ
غيْرَ ما يَصِلُ من صهيلٍ بعيدْ.
هو الكائِنُ ذاتهُ المشتبكُ، دائماً،
مع أشباحِ التاريخْ
الكَائنُ المسرفُ في التَّجلي
عيْنُهُ لا تنامْ
ويَدُهُ مُتأهّبَة بلا هوادَةٍ
الكائِنُ المغرق في الحضورِ
الحيُّ في أحضان الموتِ،
ينامُ على مقربةٍ من الحياة
ويصحو على حنينٍ
ثمَّةَ دائما ما يشي بظلّه:
الهواء الذي يهُبُّ من القلب.
بياضات كتاب التاريخ،
وأنشودةٌ متوهجةٌ:
" أيا مولاي مُحَنْدْ أََمْجَاهَذْ أَمَقْرَانْ".(2)
ينامُ على مقربَةٍ من الحياة
ويصحو على حنينٍ،
الأرْضُ
التي مثواهُ
لم تكنْ أرضهُ...
ولا
أرَى من ظلِّه
غير ما يصلُ من صهيلٍ بعيدْ.
(1)- قائد المقاومة ضد الاستعمار الإسباني في شمال المغرب والذي انتصر عليه انتصارا ساحقا في معركة أنوال الشهيرة سنة 1921. نفته السلطات الفرنسية إلى جزيرة لاريونيون بعد استسلامه لها سنة 1926، إثر التحالف الإسباني الفرنسي ضده، وتوفي بمصر وهو مدفون بها إلى اليوم.
(2)- عبارة أمازيغية ترجمتها العربية هي (عبد الكريم، أيها المجاهد الكبير)، وهي بيت من أنشودة شعبية في منطقة الريف المغربي، عنوانها "جبل الحمام" شاعرها مجهول. وتمثل هذه الأنشودة ملحمة أدبية تخلد لأمجاد الثورة في منطقة الريف المغربي وفيها وصف دقيق للمعارك وللحرب التي خاضها المجاهدون الريفيون ضد الغزاة الإسبان.