ذاكرة السّواد
رياض الشرايطي - تونس
تأتي تفاصيل البارحة ،
فلا تجدني ،،،
قمّة النرجس المحبوك بطيش المسافات نحوي
تؤرق صباح قهوتي ،،،
المحطّات فاغرة أبوابها
تنتظر منذ رحيل منديلا للوداع
يراقص خيول الرّيح ،،
شبابيك الدّار كعادتها في اليتم ،
تفرّغ فراغها في جيوب الجفاف ،
و تحلم بشمس تخترق عظامها ،،
المزهرية مرصّعة بموت الورد واقفا مطأطأ الهامة ،،
الطّاولة صحراء تتمدّد عليها ذاكرة مشروخة
و حطام حبر ملّته أفكار الطّير،،
المذياع مرجوج الصّوت
تنهمر منه أغنيات للحرب ،
و خواتم الحبّ ،،
و أنا ،، يا أنا ،،
عظلات تيهي تتقمّص إسفلت مدن لا أعرفها ،
و تعُدّ حصى ثنيّات أَمَّها غبار قتلي ،،
هذه جثّتي منتصبة ، فارعة ،
وسط ضباب الغد ،
كنورسة فقدت السّماء ،،
هذا أنا ،
متمكّن من فوهة الضّياع ،
تلبس شعلتي رداء الثّلج
و تحلم بدفئ مرآة تعكسني
على صفحة أيّام مبثوثة في خلايا ضوء يعرفني و مضى ،،،
هذا أنا ،
تقطنني وجوه مكسّرة
و خطاطيف مشنوقة و تراب هباء ،،،
هذا أنا رابض في جوف المكان ،
يعتريني صراخ الوقت
المحجوز في بوتقة تبغ رديء
و طوق ورق مسلوب الحياة ،،
هذا أنا يعتليني همس إمرأة في دمي ،
فيطعن بالغياب ،،،
مهوسة شقيقات ليلي
بإنحلالي في بركة عماء أيّامي ،،،
تأتيني تفاصيل البارحة ،،
فلا تجد منّي سوى ما علق بي من السواد ،،