همسات القمر 95

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*أوقد شمعة..وعلى ضوئها أنسج وشاحا أخبئه لربيع مائس فتان

أرفع رأسي بين الفينة والفينة..

تارة أزفر تنهيدة

وأخرى أرسم بسمة تتطاول على أوجاع تعتلق النفس وتشدّ أزر آهة في ليل البأس

*أرتب حروفي وأجعلها تصطف كتلاميذ في طابورهم الصباحي

ما إن أطلق لها شارة البوح..حتى تتدافع بفوضى وعشوائية متمردة على قوانيني وتعليماتي التي أجهدت نفسي و أنا أحدثها بها..

كم أنت مشاكسة أيتها الحروف

*أرتّل حروفي حبا ..

لوطن غابت عنه أنسام الحرية

لطفل يتيم يشتاق لمسة أب حنون أو قبلة أم رؤوم

لأم أعياها الانتظار على بوابات سجون غيّبت قرة عينها ومهجة قلبها 

لأب اختلط عرقه بدموعه علّه يؤمن رغيفا عزّ عنه واختبأ في جيوب قاسية جاحدة

لزوجة أعياها السهر انتظارا لشهيد غاب ولن يعود 

لمحروم، لمقهور، لمنبوذ في زمن الغاب وشريعته ..

لهم كلهم.. ينبض حرفي ..

ولهم يغني القلب أنشودة حب وسلام

ولهم .. يطيب نشيدي وعزفي ..

*ليل وخيال مسافر بلا فرس ولا زاد لطريق طويل..

أراه يضرب يمنة ويسرة.. يتعثر حينا.. وحينا يعدو بجموح وعنفوان عجيبين

وما بين غروب وغروب.. يتمطى على صدر ليل يغريه بالهروب..

ترتسم أمامه خيالات تستفزه للمسير

وتمتد من خلفه أياد محبطة تدعوه للركون إلى واقع عسير..

يعقدها هدنة.. ويوطّن العزم ثانية على النفير

*على أرصفة الانتظار اهترأت قلوب وتاقت لشربة حياتها الأفواه الظامئة

وما بين ذبالة متراقصة تلوح وأخرى تذوي .. يتكشف السراب ببهرجة كاذبة خادعة ..

يطول الانتظار.. 

وتبقى النفوس على بعد أمنية وحلم .. تحيط بالقلب كما يحيط بالمعصم السوار!

*أعرف.. ولا أعترف

ثمة حزن في النفس..

ثمة تمتمات تائهة في ليل البأس ..

نتنكر أحيانا لأسباب حزننا رغم أننا حين نبحر بصدق في دواخلنا تتبدى لنا جلية من غير غموض!

نلمحها قابعة في ركنها الخاص في الوجدان

نراها منكسرة تمد يديّ رجائها تتوسل الصبر والسلوان

ندركها، وننكرها.. وفي مقابر النسيان ندفنها..

أيا كان.. سواء اعترفنا بأسباب حزننا أم لم نعترف

ثمة كأس نتجرعة من بحر آه وأنين يغترف ..

لا بأس .. فالحزن يهذّب النفس..

*على ذات الكرسي ألقيت جسدا أثقله فكره وأعيته ثرثرة حروفه

أقلّب قلمي بين يديّ.. أقترب من ورقة طال انتظارها وأعياها صبرها

أكتب، أدوّن، أنثر فوضى كلماتي على رهيف صدرها ..

أتأملها بصبر نافذ، وقلب ناقد..

أمدّ يدي المرتجفة نحوها ..

تتناثر مزقها مبعثرة في أنحاء شتى..

بصمت أغلق الباب دونها وأمضي ..

*ما أضعنا حقوقنا إلا حين فرّطنا في واجباتنا

ولا زلنا نتساءل ونتهم ونعلق أخطاءنا على مشاجب الآخرين!

*الحياة..

أنشودة نرتل ترانيمها صباحا

وحكاية نتلوها لوسادتنا مساء..

نتقلب ما بين زهر وجمر

نرشف الشهد كما المر

وفي جميع أحوالها.. نوقن أن الخير في دربها ما دمنا رضينا بما رضي الله لنا .. وما أجمله من شعور!

*ما بين الرهبة والرجفة

تدفعني رياح الخوف نحو قوقعة عزلتي

أسامر وحدتي

أتأمل مشاهد الكون بصمتي وحيرتي ...

وتكثر التساؤلات في دروب تتبدى لي كساحرة تصمّ أذني بصوت قهقهة تخطف خيوط الحلم المضيء...

وتغرقني في الظلام !

*أيمكن للقلب أن يكون عاقلا ؟

هل يلتقي القلب والعقل؟ أم أنهما يسيران في خطين متوازيين لا يتقاطعان أبدا ؟

جميل أن يقترب العقل من القلب قليلا يتفهمه

وجميل أن يقترب القلب من العقل قليلا يحنو عليه

عندها فقط.. تحل السكينة ويسود السلام نفسا تبعثرها يد الأيام

وسوم: العدد 683