همسات القمر 158
*وبعض الدروب، كهوف يتردد فيها صوت من حنين، ذكرى من فرح، جمرة من شوق تشعل نار الأنين
وعلى ناصيتها، أشجار تحتضن أعشاشا لطيور تخشى رحلات اللا عودة والغياب..
وهناك، على بعد شهقة ورجفة، منافسة وصراع.. نقطة ضياء تلتمع .. ومصيدة ليل توشك أن تبتلع
يستميت الليل في شدّ جفون الحياة يراقص ظلامه الدامس دون رقيب
وتستبسل الأماني الدافئة في إبقائها مفتوحة تومض ببريق أنيق
وما بين هذا وذاك..
رجفة قلب، إطراقة روح، همسة نفس
محراب وابتهال
وميض من يقين يربّت على كتف السؤال!
وعلى عتبة الرجاء..
مفتاح وباب.. وشمعة ترسم ظلالا من فرح على كفّ الدعاء
*وكأنما الحياة أزقة ودروب ضيقة كثيرا ما تفاجئنا بالأبواب المغلقة
نرتد إلى الخلف بحثا عن مخرج أو طاقة تخرجنا لرحب الفضاء، نجدنا في قلب دوّامة تدور بأقصى سرعة من جنون
طبول تقرع، أصوات تعلن صرخات ما بين حياة وموت، وحديث تدفعه ريح من ألم لا يفتأ يحمل النفس على أجنحة من أمل
أسرى نسير وقافلة الحياة تأخذنا إلى مجاهل ومفاوز شتى ..
متشردون في منافي الأرض، غرقى ننتظر حتى القشة لعل فيها بعض نجاة ، سجناء نتساءل عن معنى الشمس ودفء الشمس ونور الشمس، والشمس تطرق أبوابنا المغلقة برتاج الوهم وقفل الهم والعناء..
وفي محبس قيودنا، لا نكل بحثا عن حرية تليق بمشاعرنا وأحاسيسنا وأحلامنا
من يكسر القيد ويمتطي صهوة الحلم يسير به نحو شواطئ آمنة؟
في ثرثرة النفس بعض راحة، تتخطى المستحيل، تسدل الستار على خيبات الواقع، تصنع الحكايا الدافئة، تغفو على همس الحلم الجميل.
*اقرأ ذاتك، وتمعّن في كل حرف من أبجديتك.
ليس كراشد يمرّ سريعا على حروف ألفها، بل كطفل لا زال حديث العهد بها وبتعلّمها..
واجه مرآتك بصدق، انظر فيها، حدّق تأمل واكتشف خبايا النفس أو ما تحاول أن تدفنه بعيدا عن عين مواجهتك ..
فلعل في صفحتها الصافية ما ينبيك عن موطن الخلل، ولعل في صدقها ما يغنيك عن اختلاق الأعذار الزائفة والعلل..
وبعد أن تفعل بنزاهة ورويّة، سلّط مرآتك عليّ، دعها تكشف تفاصيلي دعها تتفقد تجاعيد النفس وتغوص في عمق الروح مني ..
عندها تضع قدميك على منصة الإنصاف، وعندها يفرّ شيطان الفتنة والخلاف
كن موضوعيا وكفى..
بها تلقى راحتك، وبها ترى الناس بعين قلبك الصادق وصفاء بصيرتك، وبها تجد حبل النجاة في كل حدث ومعترك.
* علّمتني السياسة أن لا أحكم على مواقفها إلا بعد انجلاء نقع العواطف المثارة من أحداث وخطابات تحجب الرؤية وتجعلنا لا نحسن الحكم والتقدير
وثقنا كثيرا، صفقنا كثيرا، هتفنا كثيرا وتشاجرنا كثيرا..
يقضم الساسة تفاحة نصرهم
ونقضم حنظل غيظنا وقهرنا وخيبة آمالنا وأحلامنا.
وسوم: العدد 726