مَقَامُ الْفَنَاءِ
كُلَّ صَبَاحٍ أَدْخُلُ وَكُلَّ مَسَاءٍ أَخْرُجُ
فَإِذَا دَخَلْتُ بَهَرَنِي نُورُ شَمْسٍ بَعِيدَةٍ لَا تُخَالِطُهُ نَارٌ يَفِيضُ عَلَى بُيُوتِ اللُّؤْلُؤِ فَتُشِعُّ وَحُورِيَّةٌ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ مُكَلَّفَةٌ بِي تَأْخُذُ بِيَدِي وَأَتْرُكُ لَهَا نَفْسِي فَتَمُرُّ بِي عَلَى مَنَازِلِ الْبَهْجَةِ وَتَقُولُ لِي هَذِهِ سَمَاوَاتُ الْعُشَّاقِ الْمُتَّقِينَ يَسْبَحُونَ فِيهَا مُمْتَزِجِينَ مُبْتَهِجِينَ كِفَاءَ مَا جَاهَدُوا فَرَطَاتِ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ نَعِيمٍ مُقِيمٍ
وَإِذَا خَرَجْتُ أَعْمَتْنِي نَارُ شَمْسٍ قَرِيبَةٍ لَا يُخَالِطُهَا نُورٌ تُشَبُّ بِأَوْكَارِ الْغَرْقَدِ وَحَبَبُ بِنْتُ أَبِي مُرَّةَ تَلْسَعُنِي بِقَرْنَيْهَا وَتَطِيشُ بِي إِلَى مَهَاوِي الْحَمَأِ الْمَسْنُونِ فَإِذَا زَلَّتْ قَدَمَايَ وَأَوْشَكْتُ نَادَيْتُ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي أَنْتَ أَعْلَمُ بِي مِنِّي يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قَلْبِي إِلَى مَنْ تُحِبُّ
فِي فَتْكَةِ الْقَاتِلْ
إِشْرَاقَةُ الْقَابِلْ
هَيَّا انْزِعُوا عَنِّي سَوَادِي
يَا ثِقَاتِي
وَاهْدِمُوا جُدْرَانَ سِجْنِي
وَاحْطِمُوا عَظْمِي
وَشُقُّوا جِلْدَ أَوْرِدَتِي لِصَحْرَاءِ الْمَخَافَةِ
وَادِيًا لِلْعِشْقِ
تَأْتِيهِ الْوُحُوشُ
فَتَرْتَضِي أُنْسَ الصَّبَابَاتِ الْأَلِيمَ غَنِيمَةً
وَتَرُوحُ هَائِمَةً بِلُبْنَى
رُقْيَةً لِلصَّيْدِ
لَا تَنْجُو طَرِيدَتُهَا
وَلَا يَشْقَى بِهَا جَاهِلْ
فِي فَتْكَةِ الْقَاتِلْ
إِشْرَاقَةُ الْقَابِلْ
هَيَّا اطْحَنُوا جِسْمِي
وَبُلُّوهُ بِمَاءِ الْوَجْدِ
وَابْتَدِرُوا بِهِ صَرْعَى الْحَيَاةِ
فَكَحِّلُوا عَيْنَ الْعَبُوسِ
وَشَيِّدُوا أَمَلَ الْيَؤُوسِ
لَعَلَّ صَادِقَةَ الْقَطَا تَكْسُو بِلُبْنَى رَوْضَةَ الْأَحْزَانِ أَفْرَاحًا
مُزَخْرَفَةً بِأَنْغَامٍ مِنَ الْفِرْدَوْسِ
تَطْرُدُ هَامَةَ الثَّأْرِ الْكَذُوبَ
وَتَسْتَبِي طَيْرَ الرِّضَا الْخَضْرَاءَ مِنْ مَخْبُوءَةِ الْعَاقِلْ
فِي فَتْكَةِ الْقَاتِلْ
إِشْرَاقَةُ الْقَابِلْ
هَا يَا ثِقَاتِي
ذَا شِعَارُ الْوَصْلِ
فَاحْتَسِبُوا مَمَاتِي
إِنَّ فِي لُبْنَى حَيَاتِي
قَلْبُهَا مَأْوَايَ مِنْ رَمْضَاءِ عَيْنَيْهَا
وَخَيْلُ خَيَالِهَا مِعْرَاجُ أَحْلَامِي إِلَى حَيْثُ الْمُحَالُ يَمْدُّ رِجْلَيْهِ
وَمَقْدِرَتِي بِرُوحِ الْقُدْسِ فِي فَمِهَا تَخَطَّتْ بِي مَدَى الْآجِلْ
فِي فَتْكَةِ الْقَاتِلْ
إِشْرَاقَةُ الْقَابِلْ
وسوم: العدد 772