رواية "هذا الرجل لا أعرفه" وعدم تحديد المكان
روايّة "هذا الرّجل لا أعرفه"للرّوائيّة المقدسيّة ديمة جمعة السّمان صادرة عن مكتبة كلّ شيء حيفا2108 . أوّل ما يلفت القارئ في الرّوايّة هو عنصر المكان، حيث تعمدت الكاتبة أن تجعل مكان الرّوايّة مجهولا، دون أن تذكر اسم المدينة التي تجري فيها الأحداث، لربما من أجل التّعميم على أنّ مجريات أحداثها تحدث في كلّ مكان وفي أيّ دولة، فالقارئ للرّوايّة لا يستطيع أن يتخيّل مكان أحداثها ولا أن يستخلص موطن الكاتبة. ففي الأسطر الأولى تتجاهل الكاتبة على لسان بطل الرّوايّة وحيد اسم الشارع الفرعيّ واسم المدينة. "مكان مكتبها في شارع فرعيّ في المدينة". اتّخذت الكاتبة الزّمن كافتتاحية للتنقل من فترة إلى أُخرى، فبدأت الرّوايّة بعد سبع سنوات، بعد أربعين يوما، في الصباح، ذات مساء، في بدايّة الشّهر...إلخ. في بعض الأحيان استخدمت الكاتبة الزّمن بلا تحديد بالضبط (ذات مساء، ذات يوم)؛ لتجعل حدوث الزّمان يتطابق مع المكان المجهول. جاء عنوان الرّوايّة موفقا، فمن خلال أحداث الرّوايّة ظننت أنّ وحيد، هو الرّجل الذّي لا يعرف نفسه بسبب الحالة النفسيّة والعاطفيّة غير المستقرة وتصرفاته المتناقضة ، إلاّ أنّ المفاجأة كانت في أنّ منى توصلت إلى حقيقة أعلنتها في النهايّة تتعلّق بوحيد الرّجل الذّي لا تعرفه، بسبب تخلّيه عنها وعدم جلبه الدّليل على مقتل زوجها أحمد. سلّطت الكاتبة مضمون روايتها على العاطفة والحب، أو فلنقل أنانيّة وحب التملك والحفاظ على السلطة، وغياب الزوجة عن البيت وإهمالها للزوج. وحيد يتزوج ناهد الصحفيّة والتّي تصبح فيما بعد وزيرة، ورغم عدم استقراره الأسري والعاطفي تجاهها إلاّ أنّه يبقى معها، وبالمقابل فإنّ ناهد تعلم بعلاقة وحيد الغرامية مع منى إلاّ أنّها من أجل الحفاظ على مكانتها الإجتماعيّة المرموقة فإنّها تبقى معه. حب وحيد لمنى يسقط من أجل الحفاظ على مركزه ومكانة آل سالم. فحين أصبح رئيس دولة، رفض تقديم الدّليل. عائلة آل سالم تعاطفوا مع ناهد من أجل الحفاظ على مكانة العائلة وخوفهم من جبروتها. جاء اختيار الكاتبة لاسم وحيد موفقا، فالاسم مرتبط بحال بطل الرّوايّة وحيد الّذي ظلّ وحيدا بلا حبيبة ولا زوجة في نهاية الرّوايّة. علاقة وحيد بناهد كان يسودها الوحدة من خلال غياب ناهد المتواصل عن البيّت، وشعوره بالإغتراب والوحدة حتى وهو في شهر العسل برفقة زوجته ناهد. شعور وحيد بالوحدة حين أنكره آل سالم، وتعاطفهم مع ناهد. أسهبت الكاتبة كثيرا في تسليط الضوء على غياب وانشغال الزوجة ناهد عن زوجها من خلال عملها وسفرها، وبرأيي الشخصي فإنّ الكاتبة أوصلت الفكرة عدة مرّات وكان بالإمكان الإستغناء عن بعض المشاهد التّي تكرّر الفكرة. جاء الحوار بالّلغة الفصحى بعيدا عن العاميّة، وهنا ربما تعمدت الكاتبة ذلك من أجل خلق روح الوحدة العربيّة للقارئ، ومن ناحية أُخرى فليس بوسع القارئ التّعرف على هويّة وموطن الكاتبة من خلال غياب الّلهجة المحكيّة. وقد جاءت الرّوايّة بلسان المتكلّم على يد بطل الرّوايّة وحيد،أمّا الّلغة فكانت سلسلة شيقة للقارئ.
وسوم: العدد 782