استراتيجية إعادة السرد بين قرائية مصر وقرائية المغرب
(1)
تحدثت عن (استراتيجية إعادة السرد) قبلا في أكثر من مقال، كل مقال تناول بعدا ما من الأبعاد التي تخصها.
مثل ماذا؟
مثل مقالي (القرائية تظلم الطلاقة لمصلحة الفهم القرائي) الذي نشر في 6/11/2016م، والذي تحدثت فيه عن ضرورة نقل (استراتيجية إعادة السرد) من استراتيجيات الفهم القرائي إلى استراتيجيات الطلاقة وذكرت أسباب ذلك ومسوغاته.
وفي مقال (إعادة السرد .. الاستراتيجية التي لا تطبيق عليها في الأدلة الإرشادية على الرغم من يسر ذلك وثرائه) المنشور في 13/3/2017م- ذكرت أن وسيلة تطبيق هذه الاستراتيجية سهل ميسور بالاستعانة باستراتيجية (خريطة القصة). وأشرت إلى ذلك في في مقالي (بعض أوجه الموازنة بين قرائية مصر وقرائية المغرب) المنشور في 25/6/2018م- حيث ذكرت في الوجه الرابع من أوجه المفاضلة شيئا عن تطوير استراتيجيتي قرائية المغرب (خريطة القصة، وإعادة السرد).
وفي هذا المقال أفصل طريقة (قرائية المغرب) التعليمية التي انتهجتها لتعليم هذه الاستراتيجية تعليما يجعلها تتسع لتشمل استراتيجيات الطلاقة التي وردت في الدليل الإرشادي المصري (نماذج استرشادية لأنشطة تدريس مهارات القراءة للصفوف الثلاثة الأولى .. الطلاقة والفهم، 2015م).
كيف؟
عندما نستعرض الكيفية سنجد توظيفا لاستراتيجية (القصص المسلسلة)، واستراتيجية (الأداء القرائي)، واستراتيجية (القراءة المتكررة).
وقبل أن أستطرد مع التجربة المغربية أورد التجربة المصرية.
(2)
وردت التجربة المصرية في (الدليل الإرشادي للصف الاول الابتدائي، الفصل الدراسي الأول، نسخة تجريبية، سبمبر 2013م)، ص18، وكانت إجراءاتها كالآتي:
[الوحدة الثانية (حرف الباء(
الاستراتيجية: )إعادة السرد(
الهدف: يسرد التلميذ القصة بأسلوبه بعد الاستماع إليها.
تقديم النشاط: يقول المعلم: سوف أحكى لكم قصة، وسوف أطلب منكم بعد ذلك أن تحكوها لي .
النموذج: يقول المعلم: سوف أحكى لكم قصة (البقرة) من دليل المعلم وأنتم تستمعون إليها، ثم يحكى لهم قصة البقرة.
الممارسة الموجهة: يقول المعلم: والآن هيا نقول القصة سويا. ويبدأ القصة، ويشارك التلاميذ فى سرد بقية الأحداث.
الممارسة المستقلة: يقول المعلم : من يستطيع منكم حكاية القصة بمفرده؟ ثم يستمع لبعض التلاميذ يحكون القصة.
التطبيق: من يحكى لنا قصة سبق أن استمع إليها؟]
وتكرر هذا النص في حرف الذال ص20، ثم في حرف السين ص 24 و25، ثم في حرف الضاد ص27، ثم في حرف الظاء ص29، ثم في حرف العين ص30، ثم في حرف الفاء ص32، ثم في حرف الكاف ص34، ثم في حرف النون ص39، ثم في حرف الياء ص 42.
(3)
هذه هي استراتيجية (إعادة السرد) في القرائية المصرية، وهذه هي خطواتها الإجرائية التي لا تقول شيئا، ولا تمد المعلم بطريقة أداء كما بينت في المقال آنف الذكر. فماذا عنها في التجربة المغربية؟
نجد الأمر في قرائية المغرب الذي ورد في دليل ما بعد العام الدراسي 2016/2017م (اللغة العربية، مكون القراءة، دليل الأستاذ والأستاذة للسنة الأولى من التعليم الابتدائي)- يمهد له تمهيدات كثيرة.
كيف؟
يأتي التمهيد الأول في ذكر أهداف الأسبوع المتكررة مع كل نموذج التي تتوحد أهداف الأسابيع الدراسية في هيكل الفهم الذي ينبني من عناصر ثابتة بداية كل موضوع كما ورد في ص47 ثم تكرر:
[- تعرف المضمون العام للحكاية من خلال سماعها.
- تعرف عناصر الحكاية (الشخصيات، الأمكنة، الأحداث) من خلال سماعها.
- تعرف البنية السردية (البداية، المشكل المطروح، توالي الأحداث، الحل، النهاية).
- استعمال المعجم مع توظيف استراتيجيات الفهم.
- سرد الحكاية أو مقاطع منها.
- الاستعمال الضمني للتراكيب والأساليب.
- تعرف القيم الواردة في الحكاية.
- قراءة كلمات وجمل ومقاطع سردية من الحكاية].
ماذا وجدنا؟
وجدنا كلمة السرد تكررت في أكثر من سياق منه ما هو عام ومنه ما هو تحليل خاص.
ثم يأتي التمهيد الثاني المفصل الهدف الثاني الذي هو {تعرف البنية السردية (البداية، المشكل المطروح، توالي الأحداث، الحل، النهاية)}.
كيف ذلك؟
تتكرر الخطوات الإجرائية الموحدة في كل نموذج ص ص (51-52، 81-82، و105-106، و134، و174-175) بالإجراءات الآتية:
{أساعد المتعلمات والمتعلمين على استكشاف البنية السردية للحكاية:
- أقرأ المقطع السردي الخاص بالبداية... قراءة نموذجية سليمة ومعبرة، ثم أسأل: ما الجملة التي بدأت بها الحكاية؟ (ثم تطرح أسئلة مباشرة وغير مباشرة)، ما الجملة التي انتهى بها المقطع الأول؟
- أقرأ المقطع السردي الخاص بالتحول ... ثم أسأل: ما الجملة التي بدأت بها الحكاية؟ (ثم تطرح أسئلة مباشرة وغير مباشرة) ما الجملة التي انتهى بها المقطع؟
- أقرأ المقطع السردي الخاص بالمشكل المطروح (ثم تطرح أسئلة مباشرة وغير مباشرة) ثم أسأل: ما الجملة التي بدأت بها الحكاية؟ ... ما الجملة التي انتهى بها المقطع؟
- أقرأ المقطع السردي الخاص بحل المشكل المطروح ... (ثم تطرح أسئلة مباشرة وغير مباشرة)
- أقرأ المقطع السردي الخاص بالنهاية ... (ثم تطرح أسئلة مباشرة وغير مباشرة)}.
(3)
ثم يأتي التمهيد الثالث في القراءة السردية.
ثم تبدأ الإجراءات التحليلية المبنية على تحليل القصة المدروسة إلى بدء وختام؛ فالمقرر المغربي كالمقرر المصري مدخله الأدب القصصي، وينفذ هذا التحليل على أيام دراسية ثلاثة كالآتي:
(اليوم الأول
الهدف: إنتاج بداية حكاية جديدة (ص66، و95، و121، و155-156، و190)
الإعداد: أنظم حوارا مع المتعلمات والمتعلمين حول كيفية إنتاج حكاية جديدة انطلاقا من عناصر الحكاية الأصلية ... لمساعدتهم على استبدالها بعناصر جديدة من اقتراحهم ونسج خيالهم، وذلك من خلال تحديد الشخصيات والزمان والمكان والأحداث.
الإنتاج: أنظم العمل الجماعي لإنتاج بداية الحكاية الجديدة على النحو الآتي:
- أساعد المتعلمات والمتعلمين على إنتاج جمل مترابطة باستثمار المعجم والتراكيب والأساليب المكتسبة؛ لتكوين مقاطع سردية متتابعة انطلاقا من قراءة مقاطع بداية الحكاية الأصلية ... مقطعا بعد مقطع مع كتابة هذه الجمل أثناء صياغتها شفهيا من لدن المتعلمات والمتعلمين، وذلك اعتمادا على التعبيرات التي تم التوافق حولها خلال مرحلة الإعداد (الشخصيات، الزمان، المكان/الأمكنة، الأحداث/أحداث البداية....).
- أقرأ بداية الحكاية الجديدة التي تم إنتاجها.
- أساعد المتعلمات والمتعلمين على سرد هذه البداية مع الإشارة إلى الجمل والكلمات على السبورة، وأشجعهم على اقتراح التعديلات الممكنة لتحسين الإنتاج.
تقويم تكويني: يتناوب المتعلمات والمتعلمونعلى سرد بداية الحكاية الجديدة).
هذا تدريب على إنتاج بدء القصة فقط بتغيير جمل البداية على وفق التصور العام المبني على استبدال عناصر القصة. ثم يأتي اليوم الثاني فتكون إجراءاته كالآتي:
(اليوم الثاني
الهدف الأول: سرد بداية الحكاية الجديدة (ص67، و96، و122، و157-158، 191)
وضعية الانطلاق:
- أساعد المتعلمات والمتعلمين على تذكر بداية الحكاية التي تم إنتاجها سابقا.
- أكتب بداية الحكاية على السبورة أثناء سردها من قبل المتعلمات والمتعلمين (بالاستعانة بالصور الممثلة لبعض الكلمات والجمل والأشياء والأشخاص)، ثم أقرؤها بعد ذلك.
السرد: يتناوب المتعلمات والمتعلمون على سرد بداية الحكاية الجديدة.
الهدف الآخر: وإنتاج تتمة الحكاية الجديدة
الإنتاج: أوجه المتعلمات والمتعلمين إلى اقتراح تتمة ممكنة للحكاية، وذلك وف الخطوات الآتية:
- يركب المتعلمات والمتعلمون جملا مترابطة باستثمار الرصيد اللغوي والقيم المروجة.
- تقرأ الحكاية الجديدة قراءة مشتركة.
- أبني صحبة المتعلمات والمتعلمين خريطة عناصر الحكاية الجديدة.
- يسرد المتعلمات والمتعلمون الحكاية الجديدة.
تقويم تكويني:
- يقارن المتعلمات والمتعلمون الحكاية الجديدة بالحكاية الأصلية ... بطرح أسئلة تستحضر عناصر الحكاية الأصلية وبنيتها السردية وما يقابلها في الحكاية الجديدة.
- يعبر المتعلمات والمتعلمون عن انطباعاتهم حول الإنتاج الجماعي (الحكاية الجديدة).
- يبدي المتعلمات والمتعلمون آراءهم حول الشخصية التي أعجبتهم ومواقفهم تجاه الأحداث).
يسرد التلاميذ بدايات قصتهم الجديدة، ثم يدربون على إنتاج التتمة والخاتمة. فهل يتركون؟ لا، إنهم يشخصون في اليوم الثالث تعميقا لما سبق كما يأتي:
( اليوم الثالث (ص68، و97، و123، و159، و192)
الهدف: تعميق فهم الحكاية الجديدة عن طريق تشخيصها. (ورد التشخيص أول مرة ص64 و65 تمهيدا لتطبيقه الآتي)
وضعية الانطلاق:
- يقرأ المتعلمات والمتعلمون كلمات من معجم الحكاية الجديدة قراءة مشتركة.
- يستحضر المتعلمات والمتعلمون خريطة عناصر الحكاية الجديدة.
السرد: يسرد المتعلمات والمتعلمون مقاطع الحكاية الجديدة بالتتابع والتعاون بينهم.
التشخيص:
- أدعو المتعلمات والمتعلمين إلى تشكيل مجموعات والاتفاق على توزيع الأدوار للتدرب على تشخيص الحكاية الجديدة.
- يشخص المتعلمات والمتعلمون الحكاية بالتناوب.
- يعبر المتعلمات والمتعلمون عن انطباعاتهم حول العمل المنجز خلال الأسبوع وعن رغباتهم المستقبلية حول الحكي.
- يقترحون وبناقشون أنشطة الامتدادات المرتبطة بالحكاية الجديدة (رسم الشخصيات والأمكنة والأشياء والتعبير عن بعض الأفعال ...).
تقويم تكويني:
- يعبر المتعلمات والمتعلمون عن انطباعاتهم حول تشخيص الحكاية الجديدة.
- يثمنون أدوارهم في التشخيص).
(4)
هكذا رأينا البون الشاسع بين رؤية الدليل المصري والدليل المغربي؛ فالأول لا يجعل المعلم متمكنا والآخر يجعله متمكنا وليس هو فقط بل يمكن التلاميذ والتلميذات؛ فهل تُفيد التجربة المصرية الجديدة من المغرب كما أفادت التجربة المغربية من المصرية من قبل؟
وسوم: العدد 782