فن الرثاء في شعر عبد الله عيسى السلامة
( 1944م – معاصر )
الرثاء في اللغة : هو الثناء على الميت سواء أكان شعراً أم نثراً .
أما تعريف الرثاء في الاصطلاح : فهو فن شعري يقوم على البكاء والتفجع على الميت والحبيب الراحل عن دار الفناء .
أنواع الرثاء :
يقسم فن الرثاء إلى 3 أقسام :
1- الندب والتأبين : يعدد فيه الشاعر محاسن الميت .
2- البكاء والعويل : يذرف فيه الشاعر الدموع حزناً على الفقيد .
3- تلمس العزاء : يلتمس فيها الشاعر الحكمة والعزاء كقول الخنساء :
ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وأما الرثاء عند شاعرنا عبد الله عيسى السلامة: فهو مدرسة وفن قائم بنفسه حيث أصدر ديواناً صغيراً تحت عنوان ( ديوان المَراثي )، رثى فيه الوالد الكريم الحاج عيسى السلامة (ت 1994)، فكتب قصيدة تحت عنوان : (الـعـزّ المـصـوّر ) يقول في مطلعها :
طـَواكَ الـذي يـَطـوي الـوَرى ، كـيـفـما جـَـرى فـنـَـم هـانـئـاً ، شَـيـخـيْ ، جـلـيـلاً مـوقـّـرا )[2].
فالتصريع حاضر في مطلع قصائد الرثاء وغيرها، وهي عادة قديمة تكسب النص إيقاعاً موسيقيا عذباً محبباً يزيد في تشويق المتلقي والسامع ويطربه ويجذب انتباهه.
ويجسد الحب ويجعله كالمطر ، ويتأثر بالبيئة الشتوية، وينقل صورها .
مـن راحـتـيـكِ ، من الأقـدام ، من فـرَحـي إذ أحــمـِلُ الكـأسَ، فـي رفــق، وأسـقــيـكِ
مـن ابـتـسامـِك، مـن شَـيـبٍ أعـايـِنـُه خـلـفَ الـنـِقـاب، فأفـنـى في مـَجـالـيـكِ
والأم الكريمة كانت ملتزمة منقبة، وابنها الشاعر يعاين الشيب في رأسها من خلف النقاب .
مـن آهـة، فـي ضـَمـيـر الـلـيـل، تـشـربـُها روحـيْ، فـتـشـرب كـأسـاً مـِن تـَسـامـيـك
وكانت تأمره بالصلاة، وتحرضه عليها، وتوقظه من النوم مع صيحة الديك، فالشاعر يستمد صوره وألفاظه من البيئة الريفية في منبج الحبيبة حيث عاشت الوالدة الفاضلة:
مـن: (قـمْ بـُنـيّ، صـلاةُ الفـجـر قـد أزِفـتْ) من: (نـَمْ بـُنـيّ، فـهـذي صـَيـحـة الـديـك)
مـن: ( دَعْ بـُنـيّ رفـوفَ الكـتـْب، قـد تـَعـبـتْ عـيـنـاكَ مـنـها ) .. فـأجـفـوها، فأرضيـكِ
وكان للأم دور كبير في نجاح أولادها :
مـن فـرحةٍ بـنـجاح لـيْ ، جـَهـَرتِ بـِهـا فـي ألـــفِ زغـرودةٍ، فـي ألــفِ تـَبـريـكِ
وكانت تكرم ضيوف زوجها :
مـن أزّة الـنـار، لـلـضِيـفـان، في جـَذلٍ من مـنـطـق، كـنـَـظـيـم الـدرِّ، مـَسـبـوكِ
ويا لها من زوجة مطيعة لزوجها، ودودة، تقوم بتلك الأعمال الشاقة، وكلّها رضى، والابتسامة لا تفارق محياها -رحمة الله عليها- :
مـن بـَسـمـةٍ لأبـيْ، إن نـالـَه غـضـَب تـَسـقـيْ الرضى فيه، من فَيض الرضى فـيـك
مـن قـُـبـلـةٍ، لـكـتـابِ اللـهِ، راعـشـةٍ إذ حـِـفـظُ آيـاتـِه أسـْـمـَى مـَرامـيـك
يا لها من أم فاضلة وامرأة مسلمة ملتزمة بحجابها في الصحة والمرض، إنها تقرأ كتاب ربها، وتوقظ ألادها على صلاة الفجر، لذا تعلق قلب الشاعر بها، وراح يفديها بروحه، ولكن أنى للموت أن يقبل الفداء :
أهـلاً ، حـَبـيـبةَ روحي .. لـو فـدَى بـشَـرٌ مـن الـردى بـشَـراً .. جـاءتـك تـَـفـديـك
وهو يذكرنا بقول الشريف الرضي في رثاء أمه ومحاولته تقديم الفدية لها، ولكن هيهات :
ما كنتُ أذخر في فداكِ رغيبةً لو كان يرجع ميتٌ بفداءِ
والشاعر عبد الله عيسى السلامة يستخدم البحر البسيط في قصيدته التي رثى فيها أمه ، وهويلائم موضوع الرثاء والحزن والأسى .
مشعل عزة :
لقد مارس الطغاة المستبدون صنوف القهر والعذاب على الدعاة وشباب الإسلام، فيوم رحل الإمام ( حسن الهضيبي ) كان الأحباب يناضلون ضد الدستور العلماني في سورية، فأدخلوا السجون، وتفنن حافظ الأسد في تعذيبهم، وهناك كتب الشاعر عبد الله عيسى السلامة قصيدة رثاء رائعة نظمها سنة 1973م، وكان يومها في سجن الحلبوني يقول فيها
فقرّتْ بنا عيناً وطابتْ بنا ذكرا
وكانتْ ملولاً ذاتَ دلٍّ ونفرة
فذلّت على أقدام أبطالنا قسرا
بلى جاءها البرّ الأمين محمد
فطوّعها برّاً ، وذللها بحرا
فداءٌ له نفسي، وما ملكت يدي
فمنه استقينا النبل والعدل والصبرا
أبادَ فلولَ الظالمين من الدنا
فصارت به روضاً وكانت بهم قفرا
لقد كانت البشرية تعج بالظلم والقهر والطغيان، فجاءتها دعوة الرسول فبددت ظلام الجاهلية والشرّ والإلحاد، ونظم عليه السلام صفوف الجماعة المسلمة ليدك عروش الفراعنة، ويحطّم طواغيت الشرك والظلم والاستعباد، وقد أبدع الشاعر في تصوير ذلك، فقال :
وأعقبه جيشٌ من الأسد هادرٌ فلا قيصرٌ ذاق الهناء ولا كسرى وقد هاجموا الغبراء من كل جانبٍ فما تركوا قطراً ولاتركوا مصرا فشادوا لها قصراً من العزّ شامخاً وباتت رُباها الشمّ زاهية خضرا وبات كتابُ الله منهلَ حكمة وأمسى لأرباب النهى والتقى ذخرا ولكنها الدنيا فتوق نفوسنا إلى المطمح الدّونيّ أغرى بنا الدهرا فباتت جراثيم القراميط حولنا تضاحكنا جهراً وتنهشنا سرّا فنمنا فكان النوم منا جريمة ومرّت شعوب الأرض من حولنا تترى
لقد انتشرت أنوار القرآن في كل مكان، وساد العدل والخير والسلام ربوع الأرض، ولكن الأمة حين تنكبتْ طريق ربها ، وتاهت عن درب الخلاص والإخلاص تسلط عليها أرذل البشر، وسلبت عزّها ومجدها، ويخلُصُ الشاعر عبد الله عيسى السلامة (سورية ) إلى موضوع الرثاء ـ فيقول معدّداً صفات الإمام حسن الهضيبي ومشيداً بأخلاقه، فهو سيد شهم حمل شعلة الهداية بيد، وسيف الجهاد باليد الأخرى :
إلى أن أتانا السيد الشهم مرشداً وكانتْ سيوفُ الجهل تنحرنا نحرا فسارَ الأباة الصيدُ حول ركابه وأجفلتِ الظلماءُ من نورهم ذعرا وقد كنتَ فيهم شعلةً تحمل الهدى فتنشره خصباً وتسكبه عطرا وساء فراعينَ الضلالة أن رأوا خيوط الهدى تسري فتستأصل الكفرا وهيهاتَ أن ترضى الفراعينُ بالهدى ألم يكُ جهلُ العالمين لهم سترا ألم تكُ أعراضُ العباد فريسة لذؤبانهم شهراً وفئرانهم شهرا ألم تكُ أموالُ العباد غنيمةً لهم تخذوها دون أربابها حِكرا
لقد عذبوا ذلك الشيخ الوقور والقاضي النبيل، وسجنوا أتباعه، وخانوا العهود، ونكثوا المواثيق، وأرعبهم صوت الإيمان، وأخافتهم كلمة التوحيد وانتشار التدين بين الشباب، فسخروا جيوش الظلام لخنق نور الإيمان :
فأنى ينامُ الخائنون وبيّتهم هتافٌ من الرحمن يزجرهم زجرا وهل يعشقُ الإسلام من يُدمنُ الزنا وهل يعشقُ الإسلام من يدمن السكرا ألا لا فقد خافوا، وذلوا، فسخّروا جيوشَ الدّجى كي تخنقَ الأنجمَ الزّهرا فصبّوا على الأحرار نيرانَ حقدهم لهيباً يذيبُ الصخرَ لو لامسَ الصخرا
لقد هوى ذلك المشعل الخالد الوقّاد، وهو يعلي راية التوحيد، ولكن أتباعه سيحملون الراية عالية خفاقة، لتنتشر دعوة الإسلام في أرجاء المعمورة وما ذلك على الله بعزيز ..
فكنتَ لجند الحقّ مشعلَ عزّة وكنتَ لأشبــــــــــــــــــــــــــــــــال النضال أباً برّا أبا المجد كم أودى سليل خيانة فأذريَ دمعٌ لم يكنْ في الهدى يُذرى فهل يذرفُ العميُ المناكيدُ أدمعاً على الشمس إن أودى الظلامُ بها ظهرا فمهلاً فتى الإسلام فالقبرُ روضةٌ وقد عشتَ في قبرٍ ولم تنزلِ القبرا فعش في جنان الخلد نشوانَ ضاحكاً سعيداً قريراً لاتجوع ولاتعرى فقد كنتَ في سفر النضال قصيدة ونحنُ على درب الهدى نكملُ السفرا
لقد رحل الإمام المجاهد، الذي كان مناضلاً صامداً، ومرشداً للخير، وداعياً إلى الله على بصيرة، ولكن أتباعه سوف يكملون المسيرة، ويتابعون الخطوات على درب الهدى والنور ....
نجم الدعاة وإمامهم :
كتب الشاعر الإسلامي (عبد الله عيسى السلامة) قصيدة في رثاء الشيخ أبي الحسن الندوي، بتكليف من مكتب رابطة الأدب الإسلامي، في عمّان . وألقيت في حفل تأبين الشيخ، في مجمع اللغة العربية الأردني، في عمّان، قرب مسجد الجامعة الأردنية، في 31/آذار/ عام 2000 / ميلادية .
وكان الثلجُ يتساقطُ بغزارةٍ ..، وقد ماتَ الطاغية المجرمُ حافظُ أسد، في العام ذاته في 10/ حزيران عام 2000م، فقارن الشاعر بين عالم وطاغية، فقال :
إنّهُ الموتُ، فاسعَديْ يا حَياةُ .. تَرتَقيْ أنْجُــــــمٌ، ويَهْويْ طُـــــــــغاةُ
إنّهُ الموتُ ، يَنجَـليْ الـحَـقّ للأحْـياءِ ، فـيـهِ، ويُـنْـصَفُ الأمْــــواتُ
إنّهُ المـوتُ، لوْ تَخَـلّى عَـن الأرضِ، لضاقَـتْ بوَحْـشِها الغـــــــابـاتُ
إنّـهُ المـوتُ، فَيصَـلُ الحقّ فـي الخَـلْقِ، تَناءَتْ أقْدارُهُـمْ والصِفاتُ:
مُجرِمٌ صارِخٌ بِغَيرِ صَريخٍ ورَضِيٌّ حَــــفّـتْ بهِ البَرَكـاتُ
فَـجُنـودُ السّماءِ مازُوا بَنِيْ الأرضِ، فَنـُورٌ، أوْ فَحْـمَةٌ، أوْ رُفـاتُ )[5] .
وكالعادة فالتصريع حاضر في مستهل القصيدة بين (النصر والقبر)، وكرر الشاعر اسم الراحل أكثر من مرة ليؤكد على حبه للشيخ وقرب الشيخ من قلبه رغم رحيله عن الدنيا، كما استخدم الطباق الإيجابي بين ( مرّ ، وحلا )، ليدل على أن الموت وهو مرير في الغالب ولكنه في بعض الأحيان يصبح أعذب من الشهد، ولا سيما عندما يتعرض الأحرار للذل والهوان، ويتابع الشاعر، فيقول :
إذا كان بين الذلّ والعجْـز مَنفـذٌ لحُـرّ ، فإن الـمـــــــــــــــــــــــــــوتَ نـــــــــــــــــافــذةُ الـحُـر
ولوْ لمْ تكنْ نُعْمى الإلهِ، أمـانةً لكلّـت يدُ الحفّار، مــــــــــــــــــــــن كثرة الحَفـر
ويستخدم الشاعر الاستفهام ( ومن يدري ؟ ) الذي خرج إلى معنى التحسر:
لقد ذقتَ ماذقنا، أشَهْداً وجدتَه ونمتَ ، وما زلنا نَذوقُ ، ومَن يدري!؟
فَرائسُ آلام ، وخوفٍ ، وغربة وسُوء ، سوى هذيْ ، أمَرّ مِن المُرّ
ويكثر الشاعر من الأساليب الإنشائية ( الاستفهام : علامَ، والنداء المكرر أبا النصر )، وهي تناسب ثورة العاطفة الحزينة على فقد الراحل الكريم :
عَلامَ ، أبا النصر، الحياةُ ، ذليلةً علامَ، وبعضُ الذلّ ضرْبٌ من الكفرِ!؟
ألاقى حكيمُ الشِعر، من دهرهِ ، كما نلاقيْ ، فصاغ القهرَ بيتاً من الشعر!؟
ويستخدم الشاعر الاقتباس، والتناص ، فيضمن بيت المتنبي في شعره، فيقول :
( ومَن عرفَ الأيام ، معرفتيْ بها وبالنـــــــــــــــــاس ، رَوّى ) آهِ .. عذراً ، أبا النصر!
أمُرسَلةٌ كلّ المَصالح، في الهوى يُبرمجُها زيدٌ ، ليطغى على عَمرِو!؟
ويناجي الشيخ الراحل الذي مات عزيزاً لم يفرط بالثوابت بينما مات رجال وهم منغسمون بالذل والهوان إلى الأذقان، وليس الذل هو الذي يفرض على الناس بالإكراه بل الذل هو ما جاء من (سقوط النفس )، وخسة القيم وهبوط الهمم ، فلنستمع إلى الشاعر، وهو يقول :
أبا النصر، مُتْ عِزاً؛ فقد مات ذِلّةً رجالٌ، ومـــــــــــــــــــوتُ العزّ أجدَرُ بالشُكر
وما ذِلّةٌ تأتيْ مِــــــــــــــــــــــــــن الغَير، ذِلّةٌ ولكنْ سقوطُ النفْس، مِن خِسّةِ النَجْر!
ويدعو الشاعر على هذه الدنيا بالشر والويل الثبور لأنها دار فناء لا دار بقاء، لا تبقي أخاً عزيزاً، ولا صديقاً ودوداً :
أهذيْ هيّ الدنيا، أبا النصر، ويحها إذن؛ لاجزاها الله عنا، سوى الشرّ !
فإنْ تألفِ النفسُ الحياة، برغمها فقد تألفُ النفسُ الفناءَ ، بلا قـسْـرِ !
وبين الشاعر أن ساعة من العسر تمحو آثار ألف ساعة من اليسر، ويصور أحزانه المتواصلة عبر الزمان، فيقول :
ثمانون ، بل تسعون ، بل ألفُ ساعةٍ من اليُسر، تمحو يُسرَها ساعةُ العُسرِ
حَزنّا ، فكان الحُزنُ ، للحُزن رافداً فأصبـــــــــــــــــــحَ نهْراً ، في شراييننا يَجري
وفي الشطر الثاني من البيت السابق (فأصبح نهراً ، في شرايينا يجري) يستخدم الشاعر التشبيه المؤكد الناقص الذي حذفت أداته، ويكرر الفعل ( حزنّا ) ليؤكد على الهموم الجماعية عند أبناء الأمة قاطبة :
حَزنّا، وللأحزان ، في كلّ مهجةٍ تَلاوينُ ، تستعصيْ على ثاقب الفِكْر
حَزنّا ، فلا تحزن علينا، لأننا حَزنّا ؛ فوَقعُ الخطب يَفتكُ بالصخر!
تجَرّعتَ ، قبلَ الموت ، موتاً ، أقلُّه يُحيلُ الرياضَ الخُضر، أيبَسَ مِن قَـفر
ولوْ رُقِعتْ أكبادُ قوم، بغيرها لجَدّتْ أمورٌ ، دونَ قاصمةِ الظَهر
قد اعتصرَتكَ الحادثاتُ، لتحتسيْ غصـــــــــــــــــونُ الهُدى، مِن نبْعكَ الطيّب الثـرّ
وانظر إلى صورة الدمع الذي تجمّد في الأحداق، وسال على الخدود، فأحرقها :
إذا الدمعُ، لمْ يَروِ الثرى؛ فلأنه تجَمّدَ، في الأحداق، جَمْراً مِن الجَمْر
ويكثر الشاعر من استخدام التضاد بين حيّاً وميتاً ؛ لأن الحياة تتصارع فيها الأضداد؛ ولأنه (بضدّها تتميز الأشياء) كما يقول أحد الشعراء :
فقدنا أخاً، حَيّاً وميْتاً مكرّماً و يا رُبّ حيّ ليسَ أكرمَ مِن صِفر
إذا اعتركَ الطبعُ الكريمُ وضدُّهُ رأى ، مَــــــــــــــن يَرى ، ما فيك ، مِن شِيَم غُـرّ
ويشخص التاريخ، فيجعل منه إنساناً يفتح عيونه ليرى سطراً من سطور المجد وعلماً من أعلام الهداية ألا وهو الشيخ البيانوني :
وإن فتحَ التاريخُ عينيه، حَولَنا ليَكتبَ سطراً ، كنتَ جزءاً مِن السطر
ورِثتَ وورّثتَ، الخصالَ، وضيئةً تدَفّقُ مِن شمسٍ ، وتَسطعُ مِن بَدر
ويوظف البيئة البحرية ويجعل الفقيد يخوض غمار الموت وضفافه الحمراء، وكيف يصارع الأمواج والتيارات الفاسدة والكفر دون أن تلين له قناة :
ولَجتَ غِمارَ الموت، حُمراً ضفافهُ وصارعتَ، فيه، الموجَ، مبتسمَ الثغـر
وصارعتَ كفراً ، كافرَ الوجه والحَشا ينام على مَكرٍ، ويصحو على مَكر
فما لِنتَ ، حتّى لان كلّ مهنّـد وما متّ ، حتّى زادَ مجدُك ، عن سِفر
ويستخدم الشاعر التشبيه الضمني حيث يشبه رحيل الشيخ المجاهد بالزهرة التي ذبلت، وفقدت الأريج والعطر، فيقول :
أبا النصر، مَن يَبكِ الهُدى، يَبكِ نفسَه فما الزهْر، إن زالَ الأريجُ مِن الزهْـر!؟
وما الحربُ ، إن لمْ يَبقَ أبطالُها، لَها وما المُهرُ، إن غالَ الردى فارسَ المُهر
ويستخدم الشاعر أسلوب التوكيد الإنكاري ( لقد متّ ، فهناك قسم محذوف ، ولام القسم ، وقد إذا جاء بعدها ماض ) فضلاً عن التكرار ليدل على تحقق وقوع فعل الموت وطرد الشك والتردد في ذلك :
لقد مِتَّ ، لمّا مات في الشمس شوقُها إلى الصبح، واستُـلّ الضياءُ مِن الفجر
لقد مِتَّ، لمّا أصبح الموتُ مُفزعاً لغيركَ، واستعلى الغُرابُ على الصقر
لقد مِتَّ، لمّا لمْ يَمت كلّ خائرٍ يُهان، ويَخشى أن يُطالَبَ بالثأر
لقد مِتَّ، لمّا أصبح الذلُّ حِكمةً تَناقـلُها الأمصارُ ، مِصرٌ إلى مِصر
كلامٌ .. وقد يُودي الكلامُ بظالمٍ بغير رصاصٍ، إنّما ساعةَ الحشر
ويحشد الشاعر جملة من الصور البيانية القائمة على الاستعارة المكنية والتشخيص، فيقول:
تقزّمت الألبابُ، لفظاً وفِكرةً وجَلّت أفانينُ الهَوان، عن الحَصر
ولئن مات السيف لكن بقي غمده قوياً، وتشبيه الشيخ بالسيف لا يخفي ما فيه من تقليد وكلاسيكية :
أبا النصر، مات السيفُ، لكنّ غمدَه قويٌّ، مُوشّى باللُجَين، وبالتِـبْـر
وقد مِتَّ، لمّا مات، أهلكَه الصَدا وخَوضُ الرجالِ الحربَ، باللغوِ والهَذر
ويا رُبَّ سيفٍ، لمْ تَـفُـلَّ شِفارَه وغىً ، فلّها جهلُ الصَياقلِ بالصَهْر
ويبين أحوال الدنيا، ويحدد قيمة الشجاعة والجبن والكرامة والذل فيها، فيقول :
أبا النصر، لهْوٌ، جُلّها، وسفاهةٌ مساعي بني الغَبراء؛ فاسألْ عن النَـزْر
فإن فُقِدتْ، مِن أمّةٍ، كلُّ خَصلَةٍ سوى الجُبن، نالت خيرَ حظّ، مِن الخُسر
وإن لمْ يكنْ، ما القومُ فيه، مَذلّةً فلا فرقَ بين البِيض، في العَين، والحُمْر
وفضح الشاعر مزاعم البعث وجنوده حيث زعموا أن مولاهم حافظ أسد هو صاحب نخوة ولطيف ورحيم، ولكن شواهد الواقع تكذبهم، فقال ساخراً ومتهكماً :
يقولون: شهْمٌ، لوْ نَخَوناه، لا انتَخى ! وهيهات أن نُغرى، بما قيلَ، أو نُغري
يقال: قِفوا المأساةَ، تَحظَوا بلُطفِه فرحمَتُه، في كلّ جارحةٍ تَسري
ويستخدم الاستفهام الإنكاري ( ومن يقفُ المأساة ؟ ) ليدل على دهشته واستغرابه فالشاة الذبيحة كيف تهزّ يد الجزار من شدة ألم الذبح :
ومَن يَقِفُ المأساةَ !؟ شاةٌ ذَبيحةٌ تَهزُّ يدَ الجزّار، مِن ألَم النَحر!؟
وأيّةُ مأساةٍ، سِوى الذلّ، عندنا وعُنفِ الهوى!؟ واللهُ أعلمُ بالسِرّ
لقد تمتع الشيخ الجليل بمحبة الناس، وكان واسع الشهرة ذائع الصيت:
أبا النصر، نَمْ، واهنأْ، ولا تأسَ، وابتسمْ ألمْ تَلقَ خـــــــــــــيرَ العُمْر، خاتمةَ العُمْر
فحَسْبُكَ، ممّا كنتَ فيه، مَحبّةٌ وذِكرٌ جَليلٌ ، رائعٌ ، طيّبُ النَشر
وحَسْبُ الوَرى، أنّ الرّدى، في عُروقهمْ كشَفرة سيفٍ، كلّما ارتعَشتْ تَـفري
يَظلُّ حَبيساً، كيْ يُطيحَ بمُهجةٍ فإنْ نالَ حظاً، طارَ، منشرحَ الصَدر
وكثرة الصيغ الإنشائية تلائم حالة الحزن والقلق وجيشان العاطفة التي يعيشها الشاعر المحب .
رثاء العالم العامل د. حسن هويدي :
وهذه أبيات، كتبها الشاعر عبد الله عيسى السلامة في رثاء فقيد الأمّة الإسلامية، الداعية الكبير، العالم العامل، المعلّم الفاضل، والأب المربّي البرّ، الدكتور حسن هويدي .. تغمّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّاته، وجزاه عن جماعته وأمّته خير الجزاء، وتولاّه بما يتولّى به عباده الصالحين، إنّه هو الوليّ الحميد، جاءت تحت عنوان: (رفـقـاً .. أبـا الجـيـل! )، وتقع في /21 / بيتاً :
للموتِ شأن سِوى ما شاع في الناسِ فيه مَـزيج السَـنا والعِطرِ، في كاسِ
تَـنساب منه مَعانٍ ليسَ يـُدركها لـبّ بِـفِـكرٍ.. ولا حِـسّ بإحساسِ
وفيهِ سِـربُ مَعانٍ ، في تَـدبّـرِها ذكرى لذي غـفلةٍ .. أو قَـمْـعُ وَسواسِ
أقَـلُّ معنىً لَـه ، أن الحياةَ بـهِ تَـغْـلو ، ولـولاه كانَ الرملُ كالماسِ)[7] .
ويصور جراح الأمة المسلمة التي أثخن فيها الأعداء، فيقول :
أمّـتيْ - يا أنـتِ - ..لا أنـتِ ، لَها كلّ مَسعـايَ ، وإزماعيْ ، وصَـبْـريْ
أمّـتيْ هـذيْ الـتيْ أحْـيا لَـها وبِـها، مِـنْـها، لـدَيها .. كلّ أمْـريْ
أمّـتيْ لـمْ تَرهَب الدنيا، ضـُحىً ولَـكَـمْ أثْـخَـنَـها خِـنْـجـرُ غَـدرِ!
لقد كان الشيخ الراحل عبد الله المطوع غيثاً لهذه الأمة، وبدراً ينير حلكة الظلام:
كَـمْ أبيْ بـَدرٍ تَـوارى .. إنَّـما هَـل تَوارى مَـن ثَـوَى في كلّ صَـدرِ!؟
كَـثـُر الأحياءُ والمَوتَى .. فـمَنْ غَـيْـرُه ، أشْـرَقَ مِـنْـه ألـفُ بَـدرِ!؟
كان لـلأمّةِ غَـيْـثـاً ، أو شَـذاً أو سَـنـاً أشْـرَق فـي لـيـلـةِ قَـدْرِ
فالـذي يَـرثـيهِ يَـرثـي أمّـة غابَ عَـن أبصارها.. في جَـوف قَـبْـرِ
لقد كان الشيخ المطوع غيثاً للأمة وللفقراء منهم بخاصة، وترك وراءه سيرة عطرة تفوح طيباً ومسكاً، إنه كان أمة وحده .
نجم توارى :
وكتب الشاعر (عبد الله عيسى السلامة) قصيدة في رثاء الأخ محمد الحسناوي، وهي تحت عنوان: ( نَجْم تَوارى) نظمها في 6/3/2007 م، ومهد لها بقوله :
( أخي أبا محمود: نحن لا نرثيك.. لا نبكيك.. بل نرثي لنا، نبكي علينا !).
مِنْ مَشرق الشمس، حتّى مَغربِ القـمَرِ تَعْدو الدروبُ بنا، عَجْـلَى، إلى الحُـفَرِ
تَعْدو، ونَعْدو، وما نَهوى الوصولَ.. ومَنْ يَهوَى الوصولَ إلى أعماقِ مُـنْحَـدَرِ!؟
إذا نَـظـرْنا ، رأيْـنا ما يـحَطّـمُـنا رعْـباً .. فـنَعـدو إليه دونَما نَـظَرِ!
نُـخادع الأنفـسَ الحَـيْرى فـتَخدعنا عَنـّا ، فـنَسهوْ عن الآيات والـنُـذُرِ
نَـحْدو، ويُحْـدى بنا، في كلّ قافـلـةٍ حتّى تَـدقَّ عَـليـنا ساعَـة الـقَـدَرِ
لا شيءَ يوقِـفُ مِن عَـدْوِ الزمانِ بـنا نَـبْضُ القلوب ثَوانيْ الدَهرِ.. والعُـمُرِ!
سِيـّانِ عِلمُ الفَتى والجَهلُ ، في هَـدَفٍ يَسعَى إليهِ حَديدَ السَـمْعِ والـبَـصَرِ !
نَنساه!؟ أنّى لَـنا !؟ نَـنْسَى الحَياةَ إذَنْ فـنَـبْضُها فيهِ نَبْضُ القَوسِ في الوتَرِ!
لوْ ألجِـمَ الموتُ عنّا، فالحَياةُ سُـدَى فَـوفْـرَةُ الدرّ تُـدْنيْ قِـيمةَ الـدرَرِ!
لا حِيـطَـةٌ مِن قَـضاءِ الله واقِـيَـةٌ فالغِـِرّ في الموتِ ، نِـدّ الحازمِ الحَذِرِ!
والشاعر عبد الله عيسى السلامة كعادة الشعراء الإسلاميين يستهل قصائد الرثاء بالحكمة والتذكير بالموت والقدر وتغير الزمان وأن قضاء الله نافذ لا محالة يستوي فيه الغرّ الغافل، والحازم اللبيب الحذر ..ويتابع وصفه للراحل الحبيب، فيقول:
غابَ الحَبيبُ، أخي، أفضَى إلى مَلِكٍ تَـعْـنو له هــــــــــــامةُ الـمُستَـكبِـرِ البَطِرِ!
قد سَـلّه الموتُ مِن صدْري، وكان لَه شِـرْيانَ حُبٍّ .. كأنّي جاءَني خَبـَريْ !
وسَـلّه مِن عيونٍ طالَما ائْـتَـلَـقَـتْ مِنْه، بِه، فانتـشَتْ سُـكْراً، بلا سَكَرِ!
إن الراحل الكريم مختبئ بين ضلوع الشاعر، فهو يسري في جسده مسرى الروح، ويصرح بذلك مفتخراً، فيقول :
مِنّي تَـوارَى، وعَـنّيْ فيَّ مُخْـتَبِئٌ في اللب، في الروح، في الأشـــــــــواق، في الفِكَرِ
في كلّ جانِحَـةٍ مِـنّي، وسانِـحـةٍ مِن الخَـواطر.. في حَـلٍّ، وفي سَـفَـرِ
وما أروع ذلك الجناس الناقص بين ( جانحة وسانحة ) .
لقد صحب الشاعر عبد الله عيسى السلامة صديقه الراحل محمد الحسناوي أربعين سنة، كان فيها تؤام روحه، ويشيد بصفاته وسجاياه، فيقول :
في أربعـينَ مِن الأعـوامِ دَبـّجَـها نَـقْـشاً بِروحيْ، مِن الألـفاظِ والصُـوَرِ
مِن التواضُع، كالـشلاّلِ، مُـنْسكِباً كاللحْـنِ مِـــــــن وتَـرٍ، والعِطْرِ مِن زَهَـر
الكِـبْـرُ يُـغْضيْ حَياءً مِن تَواضُعِه في صَــــــــــــــــــــــــدْرِ كلّ عُـتُـلٍّ ظـالـمٍ أشِــرِ
الله في صَـدْرِه، في كلّ ثـــــــــــــــــــــــانِـَيـةٍ ذِكْـراً وشُـكراً غَداةَ الـبِشْرِ والكَـدَرِ
لوْ لمْ يكنْ جَبـَلاً، لانهَـدَّ مِن قَلقٍ مُـضْنٍ.. وما ثَـمَّ غيرُ الصَـبْرِ مِن وَزَرِ
مازال يُعطي، ويَزدانُ العَطاءُ بـه والموتُ يُومِئُ بَينَ الـفَـجْـرِ والسَحَـرِ
ففي اللسانِ بَديعُ القـولِ مُـؤتَـلِقٌ وفي الـيَراعِ بَديعُ العِـطْـرِ والـثَـمَرِ
لقد تحلّى الراحل الكريم بالتواضع والبعد عن الكبر، وكان مكثراً لذكر الله يحمده بالسراء والضراء، ..
حتّى ارتمتْ ريشَـةُ الإبداعِ مِن يَدهِ هَـلْ ثَـمَّ أبْـلَـغُ مِنْ عُـذْرٍ لمعْـتَذِرِ!؟
عِنديْ، لَه، مِنْه، في قـلبيْ، وفي كبِدي وفي خَياليْ، وروحي ألْـفُ مؤتَـمَرِ
مَنْ ليسَ يَعْـرفُه منّي، ويَعرفـني مِنه، فَيـُغْـنيهِ سِرَّ البَحْرِ في الـمَطَـرِ
عندَ الكريمِ، شقيقَ الروحِ، مَوعِدنا فـنحنُ- مَهما تأخّـرنا- على الأثَـرِ
صَحّ الصَدع، فعَذبَ الصَدح :
وقال الشاعر (عبد الله عيسى السلامة) في رثاء الشاعر الراحل المبدع، سليم عبد القادر زنجير - رحمه الله- جاء في مطلعها :
أبا الخير.. لا يغفو الفؤاد، ولا يصحو فما فيه ، إلا الجُرح ، يَحضنه الجُرحُ
جراحٌ بألوان المآسي، تعانقتْ ففي بعضها نزفٌ، وفي بعضها نَضحُ
وفي بعضها قهرٌ، وفي بعضها ضنىً وفي بعضها نارٌ، وفي بعضها مـلـح
وجرحٌ، هو الدنيا الفَسيحة ، كلّها إذا شـابَـهـا ذمٌّ ، وإن زانَها مـدح
وجرحٌ، به (ما لا تراه !) مِن الوَرى وإن بان بِشرُ الوجه، والخُلـُق السمْح
وفي الناس خَـلْقٌ، غادَرَ اللبُّ أرضَهم: إذا صلَحوا اعتَـلـّو، وإن فَسَدوا صَحّـوا)[9] .
لقد كان سراجاً منيراً وحراً أبياً :
قد مضى شيخُنا الجليلُ ، مَهيباً لمْ تنلْ، منه، عاتياتُ الدّياجي
ظلّ ، في أمّة الحبيب ، منيراً تــستـــقـي من سِــــــــــــــــــــراجـهِ الــوهــّــاج
كان حـُــراً بالـفـكـر، بـالـودّ بَــــّراً يـَـــتـــلــقـــّى انــتــقـــادَه ، بابـــتــــــــــــــهــاج
كان حصنَ الألباب، في كلّ نادٍ حَــلّ فيه، مِن لوثة واعوجاج
يَقرعُ الحُمقَ بالنهى ، ويُداوي بـشـَـــذا حِــلـمـه ، فـسادَ الـمِـزاج
حبّهُ للنبيّ ، في الروح يَسري ليس حـــــــــبَّ الأوراق في الأدراج
وقد أضفى الشاعر على الداعية الكريم صفات الرجال العظماء فهو شديد الهيبة وسراجاً منيراً، وحراً في فكره ودوداً لبيباً يتقبل النصح ويمتاز بحبه الشديد للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم -، وقد تجلى الحب في عشرات الكتب عن سيرته وحياته، ثم يصور الشاعر الأيام الأخيرة من حياة الشيخ، وكيف امتاز فيها بمصارعة ذلك الداء العضال والصبر والصمود، فيقول :
صــــــــــــــــــــــــــــــارعَ الــداء، بالـتـوكّل، والأحـــــــــــــــــــبـابُ يــَـــــرنـون، بـيـن بــــــــــاكٍ وراج
صابراً ظلّ، مُــــــــــــــــعرضاً عن أســـــــــــــــــــــــاه من دَبيب الفنــــــــــــــــــــــــاء في الأوداج
عاش طوداً.. وظلّ، في الموت، طوداً فــي اصطـخــابِ الأنـــواء والأمــواج
ويصور حالة الأمة حين فقدت ذلك الأخ العزيز :
غبتَ ، يا شيخُ ، والدجى مكفهرّ والرزايا تَـموجُ ، ملءَ الفِجاج
غبت ، يا شيخ ، والنفوسُ حَيارى لفّها الظلمُ بالعَمى والعَجاج
غبت، يا شيخ ، ليت مَن غاب وغدٌ سادَ في سيلِ زيفِنا الثجّاج
غبت ، يا شيخ ، تاركاً شامَـكَ الفيحاءَ ثكلى ، ترتجّ أيّ ارتجاج
وسطَ دوّامة ، من القلقِ القتّال، تـــُعيي الألغازَ، فيها، الأحاجي
لقد جلا الشيخ منير ظلمة الدجى والجهل بأشعة المنهاج الساطع :
يا (منيراً) ، جَلا الظلامَ ، بنـُـور ساطِع ، مِن أشـعـّـة المِـنهـاج
يا أسـيـرَ العَــنـاء ، في مَحـبــس الجـسم ، تَمـتـــّعْ بــنِعـمة الإفـــراج !
فارسُ القلم النبيل ( طاهرالحمدو ) :
ويمضي المهندس الشاعر طاهر الحمدو إلى ربه راضياً مرضياً، فيرثيه الشاعر عبد الله عيسى السلامة، فيشتق من اسمه معاني الطهر في الفكر والروح، ويكرر كلمة ( عرفتك ) ليدل على أن وصفه إياه بالطهر والحرية والنبل والإباء ليس جزافاً، بل هو يقول ذلك تعبيراً عن معرفة وواقع ملموس، وها هو يقول :
عرفتك طاهراً : فكراً ورُوحاً كريماً، فاضــــــــلاً، بَرّاً، نَصوحا
عرفتك فارساً، حُرّاً ، نبيلاً أبيّاً ، صادقاً ، شهماً، سَميحا
عرفتك ، مذ عرفتك ، ألمعياً طمِــــــــــــحتَ، وجُزتَ، بالدأب، الطُموحا
فإن تكن الشهادةُ مِن مُحِبّ بها جَرحُ ، فلن أخشى الجُروحا)ثآليل في جبهة السامري .
2- المراثي : قناديل الحياة والموت .
[2] - المراثي : ص 8 وما بعدها .
[4] - المراثي : ص 24 ، 26 .
[6] - المراثي : ص 15 ، 16 .
[8] - المراثي : ص 21 ، 23 .
[10] - المراثي : 29، 30 .
وسوم: العدد 782