كتاب " أيّام زمان " للكاتبة الصحافية ديما دعنا وثّق ما لم يوثّقه التّاريخ
أطلّت علينا الكاتبة الصّحافية ديما دعنا بجزء ثانٍ من كتاب يؤنسن القضية الفلسطينية، ويحكي قصة شعب عاش المعاناة.. كل يصف مشاعره بلسانه، والكاتبة تسجّل لكي لا ننسى.
أناس يروون الحكاية.. كل بلسانه.. بمشاعره الصّادقة، من القلب إلى القلب.. لتدون الكاتبة وتسجل ما لم يذكره التاريخ.
استضافت الكاتبة 22 شخصية فلسطينية مقدسية، عاشوا أوجاع النكسة، وبعضهم عاش آلام النكبة، أجرت مع كل منهم لقاء صحفيا دافئا يستعيد فيه أيام الطفولة، تطرقوا من خلال اللقاء إلى أهم محطات مرت على القضية الفلسطينية: كالانتفاضتين وغيرها من أحداث هامة، كان لها أثرا في مجريات القضية الفلسطينية.. كل يروي الحكاية من خلال رؤيته ومشاهدته ومشاعره. الكاتبة جمعت اللقاءات ونشرتها في كتاب أسمته شهادات.. أيام زمان.. مع أن الكتاب هو أكثر من شهادات.. فبرأيي أن الكاتبة ظلمت الكتاب عندما حصرته بشهادات.. فالكتاب يعتبر سيرة مكان وقضية من خلال سير غيرية على ألسن أناس نعتز بهم ونفخر، كان لهم الدور الفاعل في حياة المجتمع الفلسطيني من خلال مبادراتهم ومواقفهم وعطائهم وتضحياتهم، كان لها الدور الفاعل في حياة المجتمع الفلسطيني، وسهلت لهم أمور حياتهم.. وعززت صمودهم في ظل أوضاع صعبة لا يحسدون عليها.
كانت الكاتبة تستمع اإلى من وقع عليهم الاختيار من الشخصيات.. تسجل وتوثق ما لم يكتبه ولم يسجله التاريخ.. وهذا دور الكاتب المسؤول، الذي يعي أهمية دوره وما يخط قلمه. كانت دعنا تبحث عن الاصالة في كلماتهم.. كيف لا .. وهي من عائلة عنوانها الأصالة.. فهي حفيدة الراحل عمير دعنا (أبو سلام) بائع الصحف المثقف، الذي كان يبيع الكتب والمجلات والصحف على ناصية الطريق في شارع نابلس بالقرب من باب العامود، لمدة عقود من الزمن. أبو سلام الذي كان علما في القدس، احترمه وأحبه كل من عرفه. وقد أصرت الكاتبة على كتابة اسمها الرباعي ( ديما نادر عمير دعنا) على الغلاف الأخير، وكأنها رسالة منها، تؤكد محبتها واحترامها واعتزازها بجدها الراحل.
لم تختر الكاتبة الشخصيات التي سجلت سيرهم الغيرية بشكل عشوائي.. يل كانت ذكية في الاختيار.. راعت التوازن والتكامل في اختيارها. فقد كان هناك الرجل والمرأة، والمسلم والمسيحي، ورجل الدين، والطبيب، ومدير المدرسة، والمعلم، والإعلامي، والفنان، والمرشد السياحي، والمتخصص في علم الآثار، والرياضي، والسياسي، والاسير المحرر...الخ.. كل منهم سخّر جهودة في مجال تخصصه لخدمة الوطن والمواطن.
لا يحتاج القارىء إلى جهد كبير ليلحظ أن الكاتبة استمعت بتمعن للشخصيات وهم يروون الحكاية، وبأنها بلباقتها استطاعت أن تزيل أي حاجز نفسي بينها وبين ضيوفها.. وتركتهم يروون الحكاية براحة وسلام.. ولكنها كانت بين الفينة والأخرى تطرح بعض الأسئلة بذكاء، لتوجّه البوصلة نحو تحقيق غايتها من الكتاب.
- أعجبني أن دور المرأة الذي كان حاضرا، إما بشكل مباشر، أو من خلال رواية الحكاية. فقد سجلتها الكاتبة وركزت عليها لتخرج رسالة غير مباشرة، تؤكد أهمية دور المراة في المجتمع.. فعلى سبيل المثال، كان من الشخصيات التي تم استضافتها د. أمية خماش، والذي ذكر أنّه محظوظ بأمّه الأستاذة حسيبة الخالدي، التي كان لها الأثر الكبير في حياته.. فتحدث عن نضالها وكفاحها.. وقد كان هذا سببا جعله يعتبر أن تمكين المرأة، ودعمها، ورفع الظلم والعنف عنها هما الأساس في نهوض المجتمع).
لقد وفقت دعنا في تسجيل الرّواية وتوثيقها، وإعطاء هؤلاء الشخصيات حقهم وتعريف الناس بهم.. فكان الكتاب بمثابة كلمة " شكرا" لكل من استضافته، وكان له الأثر في خدمة وطنه وأبناء مجتمعه.
لا زال للحكاية بقية ، وهناك من لم يروي حكايته.. بانتظار الجزء الثالث من الكاتبة لتكتمل الرواية الصحيحة الصادقة بعيدا عن التحريف والتزييف.
وسوم: العدد 844