خيانة بالإكراه وتجارب الحياة
عن مكتبة كل شيء في حيفا صدرت مجموعة "خيانة بالإكراه"القصصية، للكاتب المقدسي جمعة سعيد السمان. وتقع المجموعة التي منتجها وصمّمها شربل الياس في 271 صفحة من الحجم المتوسط.
هذا هو الإصدار السادس للكاتب السمّان، وفي هذا الكتاب يواصل نهجه في الكتابة الواقعية، مستفيدا من تجربته الحياتيّة، ومن تجارب غيره من معاصريه وممّا يجري في الحياة المعاشة. فهو يكتب عن مفاصل حياتية يرى فيها نصحا وإرشادا لجيل الأبناء والأحفاد، ولمن يتبعهم من أجيال لاحقة.
في هذا الكتاب تتنوّع المواضيع والمضامين التي كتب عنها الكاتب السمان، وطرق فيها جوانب من الحياة الإجتماعية تستحق التّوقّف عندها، والتّعلم منها، فقد كتب عن تناقضات المجتمع ومشاكله وهمومه. كتب عن الحبّ والزّواج، وعن الأسرة المتحابّة، وعن الخلافات الزّوجيّة وما يتبعها من طلاق وضياع خصوصا للأطفال.
كتب عن القناعة وعن الطمع، وعن الغنى والفقر، وعن الجدّ والاجتهاد، وعن الضّياع أيضا، كتب عن الأمانة والخيانة، كتب عن الإستقامة وعن الإنحراف، كتب عن حبّ المال والجشع وما يترتّب على ذلك من عواقب وخيمة. كتب وكتب عن مناحي عديدة في حياتنا المعاصرة. وسنأخذ على سبيل المثال قصة "عريس للبيع" ص221، فالقصّة تعالج ضياع بعض النّساء بين الأهل الذين يستعجلون زواج بناتهم، دون التّحقق من صلاحية الزّوج وبين بعض الأزواج المنحرفين، فالفتاة بدأت تسمع كلاما من أبيها وأشقائها يستعجلون فيه زواجها تحت شعار ما يردّده الأب"همّ البنات للمات"، لذا فقد قبلت بشابّ لا تعرف عنه شيئا، وكانت الكارثة أنّه من أصحاب السّوابق في عالم الأنحراف والجريمة، فكان يعتدي عليها بالضَرب والشّتائم، وعندما تذهب لبيت والديها لتحتمي بهما، كان والدها يرجعها إليه ويقول له:" أنت اكسر ونحن نجبّر"ص222، فيعود الزّوج إلى التّنكيل بها، إلى أن جاء يوم هربت فيه من شدّة ضربه لها "إلى شرفة تطلّ على الشّارع، وهو ما زال يتبعها، فدفعته بعيدا عنها ليهوي من الطابق الثالث مضرّجا بدمائه" ص223.... وعندما سألها والدها عن سبب قتلها لزوجها أجابت:"لا تلمني يا أبي، فأنت الذي قتلتني قبل أن أقتله". والحكمة من هذه الحادثة تحمل في طيّاتها أكثر من هدف ومنها، عدم الإستعجال بتزويج البنات، وعند تزويجهنّ يجب معرفة العريس من نواحي مسلكيّة وأخلاقية قبل الموافقة عليه، وعلى الآباء أن يحموا بناتهم سواء كنّ عازبات أو متزوّجات، كما يجب التّخلص من ثقافة "دونيّة المرأة" المتمثّلة بالمثل الشّعبي الذي أوردناه آنفا على لسان الأب.
وفي قصة "كلب ابن ناس" ص 101، والتي تدور أحداثها حول عجوز أرملة، تركها ابنها العاق وحيدة في شقّة كان يرعاها كلب وفيّ، وعندما طفح الكيل بالأمّ من عقوق ابنها قالت له:"صدقني لو أن أحدا خيّرني بينك وبين الكلب، كنت أختار كلبي."ص101. وعندما ماتت العجوز، امتنع الكلب عن الطعام حزنا عليها حتى مات. وهنا نرى بوضوح المعاني السّامية في هذه القصّة والتي تتمثّل ببرّ الوالدين ومحاربة عقوقهما.
وسوم: العدد 860