تَصْنِيفُ أَسْمَاءِ سُوَرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
سور القرآن أربع عشرة ومئة، تَسمَّتْ كُلٌّ منها بكلمة واحدة، على منهج الإيجاز العربي في التسمية بما يُيسر المعاملة، إلا سورة "آل عِمْران" التي تَسمَّتْ باسمين متضايفين، من حيث كان مشغلتَها آلُ عمران لا عمران، وإن انتسبوا إليه. وعلى رغم علاقة معاني هذه الأسماء كلها برسائل نصوص سورها الأربع عشرة والمئة، تعددت علاقات مبانيها بنصوصها، على النحو الآتي:
1) أسماء غائبة المباني، وهي ثلاثة (2.63%): الفاتحة، والأنبياء، والإخلاص، لا ذكر لألفاظها في نصوص هذه السور.
2) أسماء واردة المباني، وهي أحد عشر (9.64%): الإسراء، والسجدة، والمجادلة، والممتحنة، والطلاق، والتحريم، والتكوير، والانفطار، والانشقاق، والشرح، والزلزلة- مذكورة الألفاظ في نصوص سورها، على أنحاء تصريفية غير التي هي عليها.
3) أسماء حاضرة المباني دون "أل"، وهي أحد عشر (9.64%): الزمر، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والفتح، والصف، والعلق، والهمزة، والنصر، والمسد- مذكورة الألفاظ في نصوص سورها، من غير "أل" المقترنة بها.
4) أسماء حاضرة المباني، وهي التسعة والثمانون الباقية (78.07%)، المذكورة ألفاظها في نصوص سورها، وليس أدل على مراعاة حضورها فيها من حكاية لفظ "المؤمنون" الذي هو مضاف إليه في عبارة "سورة المؤمنون"، على ما هو في هذا الجزء من سورته "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ"، ولفظ "المنافقون" الذي هو مضاف إليه في عبارة "سورة المنافقون"، على ما هو في هذا الجزء من سورته "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ"، ولفظ "المطففين" الذي هو نائب فاعل في قول السيوطي في "أسرار ترتيب القرآن": "أُخِّرَتِ المطففين"، على ما هو عليه في هذا الجزء من سورته "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ"!
لقد اتضح أن منهج القرآن الكريم في التسمية على أصل دلالة مادة "س، م، و"، التي منها الاسم والتسمية -وهو المنهج العربي المبين- إنما هو أن يَرفع للتمييز السورةَ المرادة، باسمٍ مأخوذ من نصها، مثلما كان العربي يسمي قصيدته بجزء من نصها ولاسيما أول مطلعها، وفي ذلك ما يُرجِّح في كلمة "سورةٍ" نطقَها معتلة غيرَ مهموزةٍ ودلالتَها على المنزلة العالية.
ولقد سوَّت التسمية في الاستعمال بين الكلم التي تَسَمَّتْ بها سور القرآن كلها جميعا؛ إذ قد صار بكلٍّ منها تميُّزُ السورة من غيرها وتميُّزُ غيرها منها، فأما أبنيتها اللغوية فبينها اختلاف تصنيفي كبير؛ إذ تنقسم على خمسة أصناف كبيرة: اسم (78)، ووصف (29)، ومُبْهَم (4)، وفعل (2)، واسمان (1). ومن داخله انقسم الاسمُ على ثلاثة أصناف صغيرة: عَين (43)، ومعنى (25)، وعلَم (10)- والوصف على خمسة أصناف صغيرة: اسم فاعل (20)، واسم مفعول (4)، وصيغة مبالغة (3)، وصفة مشبهة (1)، واسم تفضيل (1). ومن داخله انقسم العَينُ على أربعة أصناف صُغرى: مفرد (28)، وجمع (9)، واسم جمع (4)، واسم جنس جمعي (2)- واسم الفاعل على صنفين أصغرين: مفرد (11)، وجمع (9)، واسم المفعول على صنفين أصغرين: مفرد (2)، وجمع (2)، ذلك كله على التفصيل المرتَّب الآتي:
1) اسم (78):
o عين (43):
§ مفرد (28): البقرة، والحجر، والكهف، والعنكبوت، والمائدة، والرعد، والنور، والزخرف، والدخان، والطور، والنجم، والقمر، والحديد، والجمعة، والقلم، والإنسان، والفجر، والبلد، والشمس، والليل، والضحى، والتين، والعلق، والعصر، والفيل، والماعون، والمسد، والفلق.
§ جمع (9): الأنعام، والأعراف، والأنفال، والأحزاب، والزمر، والأحقاف، والمعارج، والحجرات، والبروج.
§ اسم جمع (4): النساء، والروم، والجن، والناس.
§ اسم جنس جمعي (2): النحل، والنمل.
o معنى (25): التوبة، والإسراء، والحج، والفرقان، والقصص، والسجدة، والشورى، والفتح، والحشر، والصف، والتغابن، والطلاق، والتحريم، والملك، والقيامة، والنبأ، والتكوير، والانفطار، والانشقاق، والشرح، والقدر، والزلزلة، والتكاثر، والنصر، والإخلاص.
o علَم (10): يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، ومريم، ولقمان، وسبأ، ومحمد، ونوح، وقريش.
2) وصف (29):
o اسم فاعل (20):
§ مفرد (11): الفاتحة، وفاطر، وغافر، والجاثية، والواقعة، والحاقة، والمزمل، والمدثر، والطارق، والغاشية، والقارعة.
§ جمع (9): الشعراء، والمؤمنون، والصافات، والذاريات، والمنافقون، والنازعات، والمطففين، والعاديات، والكافرون.
o اسم مفعول (4):
§ مفرد (2): المجادلة، والممتحنة.
§ جمع (2): الأنبياء، والمرسلات.
o صيغة مبالغة (3): الرحمن، والبينة، والهمزة.
o صفة مشبهة (1): الكوثر.
o اسم تفضيل (1): الأعلى.
3) مُبْهَم (4): طه، ويس، وص، وق.
4) فعل (2): فصلت، وعبس.
5) اسمان (1): آل عمران.
لقد اتضح أن منهج القرآن الكريم الأغلب في الكلمة التي يختارها من نص السورة ليسميها بها، أن تكون اسما أي كلمة ذات مدلول مفرد -ولاسيما الجسم المَعِين- يَخلُص للتسمية عملُه، لا وصفا أو فعلا ذَوَيْ مدلولَيْنِ مُرَكَّبَيْنِ، ولا مُبْهَمًا غير ذي مدلول واضح- وأنه إن خالف ذلك الوجه الأغلب خالَفَه لِنُكْتَةٍ بلاغية لطيفة، تستحق التَّنْقير عنها!
وسوم: العدد 870