هكذا علَّمتني (الأفعال) في اللغة العربية!
▪بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية توقفت مرات عديدة مع الأفعال لأتعلم منها ما يمكن تعلمه، ووجدتني وقد تعلمتُ منها الأمور الآتية:
▪ تعلمتُ أن أكون (مُتعدياً) بأفعالي الصالحة إلى الآخرين وأن لا أبقى رهينَ الأفعال (اللازمة) التي ينحصر صلاحُها في ذاتي؛ فإن أجور الأفعال المُتعدّية أجلّ وأكبر بل وأبقى بعد موت الإنسان، حتى أن مصطفانا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن إنساناً قد دخل الجنّة لأنه سقى كلباً شربة ماء، فكيف بمن جعل الله إحياءَ نفسه إحياءً للناس جميعاً، وجعل دمَه أشد حُرمةً من حرمة الكعبة المشرّفة؟!
▪ تعلّمتُ أن أستخرج من الفعل (الماضي) العِبَر والعظات سواء كانت إيجابية أو سلبية، وتعلمت من الفعل (المضارع) الاستمرار والمداومة على الصالحات، فقليلٌ دائم خير من كثير منقطع، حتى ولو ظهرت علامات الساعة الكبرى فسأحاول أن أغرس فسيلةً إن استطعت ذلك قبل أن تقوم. وتعلمت من (فعل الأمر) أن أتخذ منه مرتقىً لأتمكّن من استشراف الآتي وارتياد المستقبل؛ حتى أكون من عباد الله الصالحين الذين يستحقون وراثة الأرض.
▪ لقد تعلّمتُ أن أظلّ (فاعلاً مرفوع الرأس)، وأن لا أسمح باستذلالي من قبل أهل (الجَرّ) والذين يَجُرّون الناس بنعمهم ولو أعطوني الملايين، أو أهل (الكَسْر) ممن يمارسون الترهيب والتخويف، وأن لا أمكِّن (النّصَّابين) من الضحك على ذقني ورميي على قارعة الخرافة!
▪لقد تعلمتُ أن تكون (الأفعال) لسان حالي قبل الأقوال، وذلك في التفاعل مع التحديات التي أحاول أن أحيلها إلى فُرص، وفي التعامل مع الخصومات التي أحاول أن أمدّ أيدي الوُدّ لأصحابها، فلقد شبعت الآذان من الكلام بينما الأعين جائعة لرؤية الأعمال والمنجزات.
▪وقد تعلمتُ أن تكون (أفعالي) منطلقةً من أعماق ذاتي وأنجزها بخُطواتي، وأن أضبطها بالسير في خَطّي والالتزام بتَخطيطي، وأن لا تكون ردّ فعل على استفزازات الشانئين أو صدًى لأفعال المُحبّين!
▪ وتعلمتُ أن تكون (أفعالي) جسراً يربط بين المبادئ التي أؤمن بها وبين المقاصد التي أسعى لتحقيقها، وأن تكون جسراً بين أطراف المسلمين الذين يقتلهم التحزّب وتفتك بهم العصبيات، والذين صاروا في كل مَحَكّ طرائقَ قدَداً وصاروا جزراً معزولة عن بعضها.
وسوم: العدد 908