أرْجُوزَة الشُّهُبُ المَرمِيَّةُ على مُدَّعِي السَّلَفِيَّة
أرْجُوزَة الشُّهُبُ المَرمِيَّةُ على مُدَّعِي السَّلَفِيَّة
للشيخ أحمد بن غنَّام الرشيد الحمود الحنبلي الكُويتي(*)
ت 1430هـ - 2009م رحمه الله تعالى
إعداد وتهذيب وتصحيح وشرح: سيد أحمد بن أحمد السيد
*ملاحظة:
(قال الشيخ أحمد الرشيد هذه الأرجوزة البديعة ينتقد فيها منهج الألباني الحديثي وفتاويه التي خرق بها الإجماع, وما يفعله أتباعه "السلفيون والظاهريون الجُدُد"من تحريف وتبديل في الكتب, والتحريم عندهم بِالذَّوق والمزاج, والعياذ بالله تعالى, نسال الله السلامة والاستقامة والثبات, آمين):
الحَمْـــدُ لِلَّهِ الذي أرشَدَنَــــا لِـدِيـنـهِ , و بِالـهُـدى أيَّـدَنَــا
و أرسـلَ الهادي نبِيَّ الرحمـةِ مُحَمَّدًا ؛ مُنقِـذَ هـذي الأمَّـةِ
مِـنَ الضــلالِ , و من الأوهامِ و داعِـيـًــا لِـدينهِ الإســــلامِ
وصلِّ رَبِّ ذا الجلال سَرْمَدا على النبيِّ الهاشِمِي؛ أحمَـدَا(1)
والآلِ والصحبِ الكرامِ البَرَرَةْ لاسِيَّمـا مِنهُم رِجَالٌ عشَـرَةْ(2)
**********
وبعـدُ؛ فاعلَمْ يا أخـا العِرْفـانِ سـلَّـمَــكَ اللهُ مـِنَ الخُســرانِ
بـــأنهُ قد كثُـــرَ الضــــلالُ في ذا الزَّمانِ , و كذا الجُهَّـالُ
كَصِبْيَةٍ في قُطرِنا قد ظهَـرُوا مذاهِبَ الأسلافِ طُرًّا أنكَرُوا(3)
فإنـهُـم - واللهِ- حـقًّــا جَهَـلَـةْ أفكارُهم سَـخيـفـةٌ مُهَـلْهَـلَـةْ (4)
عُــمْـدتُـهُـم مـا ألـَّفَ الألـباني من كُـتـبٍ؛ رَكِـيـكةِ الـمَعـاني(5)
حَـيثُ أبَـاحَتْ لهُمُ السُّفُــورَا كَـفَـاهُ ذَمـًّــا و كَفــاهُ زُورَا(6)
وإن تَقُلْ: قالَ ابنُ حَزمٍ سكَتُوا كأنَّهُ الـوَحْيُ إليهِ أنصَتُـوا(7)
وإن تقل ذا مَذهبُ النُّعمـــانِ أومالكٍ بَحْرِ النَّـدَى الرَّبَّاني(8)
أو ابنِ إدريسَ الذي قد مَهَـرَا في الفِقهِ, أوأحمدَ صاغَ الدُّرَرَا(9)
فرُّوا كَمِثلِ حُمُـرٍ مُستَـنْـفِـرَةْ قَضُوا الزمانَ جَدَلًا وثَرْثَرَةْ(10)
جَـوابُـهم نَحنُ وهُم رِجالُ تَقليدُهم - في عُرفِـنا- ضَلالُ(11)
تبـًّا لَهُم بِمَا بِهِ قد فاهُوا في مَهْمَهِ الضلالِ طُرًّا تاهُوا(12)
**********
وأصلُ هذا المَذهَـبِ الجَديدِ إذا أرَدتَ العِــلمَ بِالـتـأكِيــدِ
عِصَـابَةٌ من الحِجَـازِ مَـرَدُوا مِن طَيبَةَ الغَرَّاءِ مِنها شُـرِّدُوا(13)
حيثُ سَـعَوا في فِـتـنةٍ هُـناكَا ونَصَبُـوا في أرضِها الشِّـبَاكَا(14)
و لَجَـؤوا لِـبَـلَـدِي الحَبِـيــبِ حيث غدت مرتع كل ذيـــب(15)
فوَجَدُوا الجَـوَّ مُـلائِـمـًا لَـهُـمْ فـنَـفَّـذُوا في بَـلـدي خُطَـطَهُم
فـبَدَؤوا يَدعُونَ بَعضَ السُّذَّجِ إلى طَريقٍ مـائـِـلٍ وأعْـوَجِ(16)
لَــكِـنـَّـه هَـــدْمٌ لِــدِيــنِ اللهِ فـلا تَـكُـنْ عن أمْرِهِم بِلَاهِـي(17)
وسـفَّـهُــوا مـذاهــب الأئـمـة حيثُ هُمُو مـفـتـاحُ كُـلِّ غُـمَّة(18)
ولـقَّـنُوا الشَّبابَ قدْحًا فِـيهِـمُو يا ويحهـم أنـفسهم قـد ظلموا(19)
تَـصَدَّرَ المَـجـلِـسَ كُلُّ وَغْــدِ قد حادَ عن دربِ الهُدَى والرُّشْدِ(20)
ومِن جَهُـولٍ ظاهِريِّ المَذهَبِ عَديـمِ فَهْمٍ, جَـدَلِـيِّ المَـشـرَبِ(21)
لـيـسَ لَـديهِ أدبُ الرِّجَــــالِ فهوَ بِحَقٍّ أجْهَـلُ الجُـهّـــــالِ
وكُلِّ مَن شَـبَّ على الوَقَـاحَةْ لا يَستَطيعُ - أحَـدٌ- إصلاحَـهْ(22)
**********
وإنَّ مِن عَلامَةَ النُّقْصَــــــانِ مُحَدِّثَ الشَّــامِ غَـدَا الألـباني(23)
مِن بَعدِ بَدرِ الدِّينِ نَجْلِ الحَسَنِ لقد خَلا الجَوُّ لهـذا الأرعَــنِ(24)
ضعَّفَ ما يَشَا من الحَدِيــثِ بِرَأيِهِ الـمُسْتَـهْـجَنِ الرَّثِـيـثِ(25)
لِغالِبِ الضَّعِيفِ بِالوَضْعِ حَكَمْ شَهَّرَ في أهْلِ المَعَالي والحِكَمْ(26)
بِـلا حَـيَـــــاءٍ, و بِـلا رَوِيَّــةِ وجُلُّ قَصْدِهِ ابْتِغَــاءُ الشُّهْـرَةِ(27)
فخالِـفَـنْ تُذكَـرْ قَدِيمًـا قِـيـــلا عِندَ الرَّعَاعِ إنْ ترُمْ تَبْجِيـلا(28)
وكُــلُّ مَـن قـلَّـدَ ذا الألـبـانـي يَـبُـوءُ بِالـخَيْـبَةِ والخُسـرانِ(29)
فإنهُ قد خرَقَ الإجماعـــــــــا وخالفَ الأصحابَ والأتباعَــا
فَدَعْهُ تَسْلمْ مِن غُلـوٍّ وشَطَطْ ومِن بَلاءٍ وعِـقَـابٍ وسَـخَـطْ(30)
وكُلُّ شَخْصٍ شَـيْخُـه الكِـتـابُ فَعَنهُ يَنْأى الرُّشدُ والصَّـوَابُ(31)
**********
لقَد خَلَا الـجَـوُّ لِأهـلِ الجَهْـــلِ فَحَـرَّفُـوا و بَدَّلُوا في النَّقْــلِ
وكلُّ شَيءٍ خالَـفَ الـمَـذاقـــــا فَباطِلٌ لَـدَيهِـمُو إطـلاقــــا(32)
فالعِـلـمُ عِـنْـدَ أهـلـه أمانَــة وكُلهمْ عنِ المِـرَا قد صانَهْ(33)
أهلُ الحَدِيـثِ فَهُمُ الصَّيَارِفَةْ قد مُـلِـئُـوا حَقِـيـقةً ومَعرِفَةْ(34)
قد خَدَمُوا الحَديثَ حَقَّ الخِدمَةِ ونَقَّحُوهُ مِن هَوًى وشُبْهَـةِ(35)
فبَـيـَّنُـوا الصَّحِيحَ و الضعيفـا وذكروا الغَريبَ والمَوقوفا(36)
وعَنهُ ذادُوا وانـبَـرُوا لِلـباطِلِ أنعِمْ بِهِـمْ مِن سادةٍ أفاضِـلِ(37)
وإنْ تَجِدْ بَعدَهُمو مَنِ ادَّعَى عِلمَ الحَديثِ, حَقُّهُ أن يُصفَعَا(38)
وأنْ يُقالَ: اخْرَسْ كَفاكَ ذَمَّـا وأن تَمُوتَ حَسْرَةً, وغَـمَّـا(39)
بِفَقْدِ أهلِ الفضلِ و الكَـمَـالِ يَكثُرُ أهلُ الزَّيغِ والضـلالِ(40)
**********
يا رَبِّ فاهدِنَا إلـى الصَّـوابِ ودِينَكَ احفظهُ مِنَ الأحزابِ(41)
بِـجَـاهِ طــهَ سَــيـِّـــدِ الأبـرارِ و آلِـهِ وصَـحـبِـهِ الأخـيــارِ(42)
صَلَّى عليـهِ رَبُّـنا وسَــلَّـمَــا وآلِه والصَّحبِ ما غَيثٌ هَمَـى(43)
**********
--------------------------------------------------------------------
(*) صاحب القصيدة هو: الشيخ أحمد غنام الرشيد, أبو عبد الرحمن
وهو أحمد بن غنام بن رشيد الحمود الحنبلي الكويتي؛ عالم حنبلي فاضل وتربوي وشاعر أديب, وإمام وخطيب كويتي. *أصل عائلته من نجد من "جلاجل - سدير" ثم سكنوا "الزبير", وكان فيهم بعض العلماء.
*والده: غنام بن رشيد كان مشهورا بالعبادة والمحافظة على الجماعة, حتى في آخر عمره وعجزه عن المشي؟!
*ولد في منطقة "المرقاب" الكويتية. *درس في بعض الكتاتيب, ثم في "المعهد الديني" عام 1948م أولَ افتِتاحِه.
*شيوخه: أخذ العلم عن عدد من الشيوخ؛ منهم: 1- الشيخ محمد بن سليمان الجراح الحنبلي السلفي درس عليه الفقه "باب الحج".
2- كما درس "الآجرومية وشرحها"و"الرحبية في الفرائض وشرحها على الشيخ محمد أحمد الفارسي.
3- ودرس أصول الفقه على الشيخ عبد الرحمن الدوسري الذي كان يسمى "الحافظ"؛ فقد كان سريع الحفظ وكان يحفظ كثيرا من كتب الشيخ ابن تيمية عن ظهر قلب؟! 4- كما درس الفقه الحنبلي "العبادات" على الشيخ عبد الوهاب عبد الله الفارس. 5- الشيخ عبد العزيز قاسم حمادة. 6- الشيخ يوسف بن عيسى القناعي.
*تلامذته: تلمذ له طلاب كثيرون؛ منهم: الشيخ خميس الناصر, والشيخ علي سعيد السويدي من قطر, ومحمد يوسف المليفي.
*عمل إماما وخطيبا ومؤذنا في مساجد كويتية عدة زهاء ثلاثة عقود؛ ما بين 1948- 1978م. *تقاعد من عمله في"وزارة الأوقاف"سنة 1978م.
*سعى في أعمال خيرية كثيرة, ومنها: إيصال زكوات وصدقات المحسنين إلى مستحقيها. كما طبع كتبا ووزعها على طلاب العلم.
*جمع مكتبة ضخمة ضمت ما ينيف على 5000 كتاب, حافلة بأمهات الكتب؛ في التفسير والفقه وكتب التاريخ والتراجم ودواوين الشعر والأدب.
*قدم دروسا رمضانية لـ "إذاعة الكويت" عام 1414هـ - 1994م.
*درَّس في "مدرسة الملا سليمان علي الخنيني", و"مدرسة جمعية الإصلاح الاجتماعي" في الكويت.
*درَّس كتاب "نيل المآرب" لابن أبي تغلب الحنبلي عام 1985م, وممن درسه عنده: محمد يوسف المليفي.
*توفي الأربعاء في: 8/3/1430هـ = 4/3/2009م.
*له قصائد كثيرة لو جمعت لشكلت ديوانا ضخما؛ كما يقول الأستاذ عبد العزيز أحمد العباد, وذكر مجموعة منها.
*كُتب عنه كتاب: "أحمد غنام الرشيد الشيخ الأديب". للأستاذ عبد العزيز أحمد العباد في 31 صفحة.
*حليته: كان الشيخ أحمد الرشيد أسمر, ذا لحية مشتعلة بالشيب, قريبة من قبضة, متوسط السِّمَن, يرتدي قميصا "ثوبا؛ جلابية" إلى ما فوق الكعبين.
*ينظر عنه وعن أرجوزته: "أحمد غنام الرشيد". للأستاذ عبد العزيز بن أحمد العباد صفحات متفرقة منه, "تكملة معجم المؤلفين" لمحمد خير رمضان يوسف 1/193, موقع"منتدى المودة العالمي", فواز البرازي في "تويتر- الشابكة" 26/7/2018م, موقع "تاريخ الكويت" فيه مقالات عنه.
الشيخ أحمد بن غنام الرشيد الحنبلي يرحمه الله
من مخطوط أرجوزة الشهب المرمية من وسطها
من مخطوط قصيدة الشهب المرمية من أولها
آخر قصيدة الشهب المرمية "المخطوطة"
*شرح الأرجوزة؛ وقد سميته:
"قذائفُ الحَقِّ المِدْفَعِيَّة في توضيح الشُّهُبِ المَرْمِيَّة"
(1) ذا الجلال: يا ذا العظمة والهيبة. *سرمدا: دائما أبدا.
(2) البررة: ج بارّ, المطيع, الصالح. *لا سيما: خاصَّةً. *رجال عشرة: هم ساداتنا العشرة المبشرون بالجنة ؛ أبو بكر, وعمر, وعثمان , وعلي, وعبد الرحمن بن عوف , وطلحة بن عبيد الله , والزبير بن العوام, وأبو عبيدة عامر بن الجراح, وسعيد بن زيد, وسعد بن أبي وقاص, رضي الله عنهم أجمعين, وعنا بهم يا رب العالمين.
(3) كصبية: مثل صبية, والصبية ج صبي؛ الطفل. فهؤلاء الظاهريون الجُدُد مثل الأطفال السفهاء في شَغَبِهم وتطاوُلهم على الكبار من السلف الصالح والعلماء الكبار الجهابذة في عصرنا, وفي قلة عقولهم وطيشهم, *في قطرنا: في بلدنا؛ في جنس قطرنا, في جُلَّ بلادنا العربية الإسلامية.
*مذاهب الأسلاف: المذاهب السُّنِّيَة الأربعة المتبوعة؛ التي كتِب لها الرضا و القبول, وحفظ الله بها دينه, وقلَّ أن تخرج في مجموعها عن الحق ونهج الصواب؛ كما قال الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى. *أنكروا: جحدوا الاعتراف بها , وعلى رأس هؤلاء المُتَمَسلِفين الشيخ ناصر الألباني ومعه جماعته والمدخلية والجامية والوادعية, ومُفَرَّخاتُها ... . وسخِروا من أهلها, وعَدُّوها أصنامًا أربعة , وفتحوا باب الاجتهاد على مصراعيه لكل من هَبَّ ودَبَّ ودَرَجَ, ولو كان مسلما عَجَمِيًّا جديدًا؟َ!!
(4) جهلة: ج جاهل. *سخيفة: ضعيفة. *مُهلهلة: شديدة الضعف والرَّكاكة.
(5) عمدتهم: أساس مذهبهم. *ما ألف الألباني... : مُستندهم وأصولهم كتب ومؤلفات الألباني التي فرقت الأمة الإسلامية, وشقت عصا الجماعة المؤمنة, وبذرت بذور الفتنة بين عامتهم, وهي الضعيفة الركيكة كثيرة التناقض, وسوء الأدب والطعن في كثير من السلف والخلف؛ (كما في الأمثلة الكثيرة التي أوردتها في ترجمة شيخهم الضال المُضِل ناصر الألباني: كقوله عن الإمام الأعظم أبي حنيفة رحمه الله: "مشكوك في إسلامه"؟!! وقوله عن الإمام السيوطي الموسوعة: "حاطِبُ لَيْلٍ"؟! وقوله عن العلامة المحدث الرباني سيدي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحم الله روحه ونَوَّرَ ضريحَه- قوله عنه: "له غُدَّة كَغُدَّة البَعير"؟!! , وكما عند بعض تلامذته بذيئي اللسان كمقبل الوادعي الذي يقول عن العلامة الرباني الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله "قَرَضَ الله شفتيه"؟! وعن الترابي: "تَرَّبَ الله وجهه" ... ؛ من هذا الهجاء المُقْذِع والسباب والشتائم والهمز واللمز والنبز التي لا تَمُتُّ إلى النقاش العلمي والنقد البنَّاء بأي وشيجة أو صلة, والتي يتورع عنها عامة المسلمين فضلا عن علمائهم وخيارهم.
(6) أباحت: أجازت وأحَلَّت. *السفور في اللغة العربية: كشف المرأة وجهها. والمقصود: كتابه: "حجاب المرأة المسلمة". *كفاه ذما: كفاه هجاء وقُبحًا. *زورا: باطلا وكذبا.
(7) وإن تقل قال ابن حزم ... : أي: أنهم عندما يسمعون قولا لابن حزم يسكتون, وكأن كلامه قرآن منزل, أو حديث صحيح صريح متواتر. وكذلك حينما يسمعون كلاما لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب؛ فإنهم يسكتون ويصمتون وينصتون باهتمام؟! بخلاف أقوال غيرهم من الأئمة؟!
(8) ذا مذهب النعمان: هذا مذهب الإمام أبي حنيفة ؛ واسمه: النعمان بن ثابت بن زوطى ت 150هـ رحمه الله. *مالك: هو الإمام مالك بن أنس الأصبحي الحميري ت 179هـ. *بحر الندى: بحر الكرَم.
(9) ابن إدريس: هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي المُطَّلِبي ت 204هـ. *مَهَرَ: أجاد وأتقن. *أحمد: هو الإمام المُبَجَّل أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المُتوفى 241هـ.
*صاغ الدررا: ألَّف الكتب الأغلى من الجواهر.
(10) فروا كمثل حمر مستنفرة: هربوا هروب حمير الوحش الخائفة شديدة النفور والهروب. *قَضُوا: أصلها: قَضَوا, لكنها ضُمَّت وسُكِّنَت واوها لضرورة الوزن. *جدلا: مجادلة ومراء لا طائل من ورائه.
*ثرثرة: كلاما فارغا هُرَاءً.
(11) جوابهم نحن وهم رجال ... : أي: إذا قلت لهم أثناء مناقشتهم: قال الشافعي أو أبو حنيفة ... , كان جوابهم: "هؤلاء رجال ونحن رجال", وليت شعري أهم رجال حقا؟! أم ذُكور فقط؟!!
وبهذه المُناسبة؛ فإني سأورد قصة طريفة - تُعجِبني كثيرا- سمعتها عن العلامة الربَّاني الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي ت 1999م؛ هي: أنه سمع رجلا يقول أنا كالشافعي ؟! فقال له الشيخ أبو الحسن لله دَرُّه: يا هذا لقد وهمتَ وأخطأتَ فإنك أردتَ أن تقول: أشبَهتُ بَغْلَةَ الشافعي! فقلت: أشبهتُ الشافعي؟! *تقليدهم في عرفنا ضلال: أي: تقليد هؤلاء الأئمة من خيرة السلف الصالح ضلال وانحراف. أما تقليد الألباني وجماعته وابن باز وابن عثيمين والفوزان وابن جبرين وعبد العزيز آل الشيخ وابن منيع وربيع المدخلي والجامي وجميل زينو والوادعي والحويني ... فهو عين السُّنَّة والجماعة والصواب ؟!!
بل إن بعضهم: سمَّى المذاهب الأربعة "أصنامًا أربعة".
*ثلاثة قصص من قصص هؤلاء "السلفية المجتهدين" ورفضهم تقليد المذاهب الأربعة ودعوتهم كل الناس إلى الاجتهاد:
*الأولى: جرت معي فقد كنت مرة ذاهبا إلى مدينة"الرقة"السورية لزيارة بعض أقربائي ثَمَّة فركبت مع رجل عامي سائق شُوَيحِنة دَرَّاجة؛ المُسَمَّاة "طْرِيزِيلة" فجرى بيني وبينه حديث وأصبح يتكلم في بعض المسائل الفقهية؛ فقلت له: وما مذهبك أنت؟ فأجاب: أنا ليس عندي مذهب, أنا مذهبي الكتاب والسنة! وهو لا يجيد العربية, ولا يحفظ القرآن, ولا الحديث, ولا يعرف شيئا من أصول العلم؟!
*الثانية: ذكر الشيخ د. محمد حسن هيتو في كتابه: "المتفيهقون": قصة عن رجل غربي - "أظنه ألمانِيًّا"- أسلم حديثًا على يد أحد هؤلاء الإخوة "السلفيين" المساكين؛ فسأله أحد الناس: وما مذهبك؟ فقال: مذهبي الكتاب والسنة؟! وهو أعجمي لا يعرف اللغة العربية, ولا شيئا من علوم الإسلام!!
*الثالثة: أحد هؤلاء الإخوة "المجتهدين والرجال بلا آلة": جلس في أحد المساجد ليُدَرِّس مِن "صحيح البخاري" ؛ ففتح على "باب حِلَقِ الذِّكْر" فقرأها: "بابُ حَلْقِ الذَّكَرِ"؟!
(12) تبا: هلاكا لهم وخَسَارًا. *فاهوا: تكَلَّمُوا ونطقوا. *مهمه: صحراء وتِيه. *طرا: جميعا. *تاهوا: ضلوا.
(13) عصابة: جماعة. *الحجاز: مكة والمدينة, والمقصود هنا: المدينة, كما في الشطر الآتي. *مَرَدُوا: طغوا وجاوزوا الحد. المعجم الوسيط 861. *من طيبة الغراء... : من المدينة المنورة أخرِجوا وطُرِدوا, والمقصود الشيخ ناصر الألباني و بعض جماعته؛ فقد فُصِلَ من "الجامعة الإسلامية" في المدينة النبوية سنة 1383هـ - 1963م بسبب فِتَنِه وشَغَبِه, من جملتها: فتواه بهدم وإزالة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإخراجه من المسجد النبوي؟!
(14) حيث سعوا في فتنة هناكا ... : هو ما سبق بيانه في البيت السابق.
*ونصبوا ... الشباك: وضعوا الفِخَاخ للإيقاع بالعلماء الصالحين وإخراجهم من المملكة السعودية ومن التدريس في الجامعة كالعلامة الشيخ عبد الفتاح أبي غدة وغيره؛ من باب: عَلَيَّ وعلى أعدائي".
(15) ولجؤوا لبلدي الحبيب ... : جاء هؤلاء المخربون المدعون للسلفية في الستينيات؟ إلى الكويت؛ التي صارت مرعًى لكل غَدَّارٍ ماكِرٍ مِنهم.
(16) السُّذَّج: ج ساذج, البسيط العامي غير العالم والمثقف. *الطريق المائل والأعوج: المنحرف عن الحق. والمقصود: دعوة العامة إلى ترك تقليد المذاهب الأربعة والاجتهاد بتقليد هؤلاء "السلفيين" أنفسهم؟!!
(17) لكنه هدم لدين الله: أي دعوة ترك اتباع المذاهب الأربعة هي دعوة إلى الفوضى وتدمير للإسلام؛ لذلك ألف العلامة الشيخ زاهد الكوثري ت 1952م رحمه الله رسالته الشهيرة: "اللامذهبية قنطرة اللا دينية", وألف علامة حماة وبلاد الشام المجاهد الشيخ محمد الحامد ت 1969م رحمه الله رسالته المعروفة: "لزوم اتباع مذاهب الأئمة حَسْمًا للفوضى الدينية", وألف العلامة والمفكر الإسلامي الشيخ د. محمد سعيد رمضان البوطي ت 2013م - رحمه الله- كتابه النفيس الشهير: "اللامذهبية أخطر بدعة تُهَدِّد الشريعة الإسلامية"؛ وهو مضمون المناظرة الشهيرة التي جرت بينه وبين الشيخ ناصر الألباني في أوائل السبعينيات الميلادية, وقد انتصر فيها الشيخ البوطي مُتَجَرِّدًا لشرع الله وأئمة أهل السنة, ولما ردَّ الشيخ ناصر وتلميذه محمد عيد العباسي على مناظرة وكتاب الدكتور البوطي في كتاب: "التعصب للمذاهب هو البدعة" لم يَرُدَّ الشيخ البوطي عليهما قائلا: أنا رددتُ أول الأمر بيانا للحق وانتصارا له, فلن أرُدَّ اليوم انتصارا لنفسي!!
* فلا تكن عن أمرهم بلاهي: أي: أيها العالِمُ والغيور على هذا الدين لا تكن عن أمر هؤلاء المُخَرِّبِين لِدين الله تعالى وشريعته الغَرَّاء وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- بمنشغل وغافل؛ بل كُن حارِسًا يَقِظًا دَيْدَبَانَ مُتنَبِّهًا لمكرهم وكيدهم وتلبيسهم.
(18) سفَّهوا مذاهب الآمة: نسبوا المذاهب الأربعة إلى الخِفَّة والطيش والحُمْق والغفلة؟! *الغُمَّة: الكُرْبَة والحُزن والشِّدَّة.
(19) ولَقَّنُوا الشباب قدحا: عَلَّمُوهم وحفَّظُوهم عبارات مُسيئة وجارحة لأئمتنا أئمة الهدى: كقول حامد الفقي عن الإمام الأعظم أبي حنيفة: "أبو جِيفَة"؟! وقولهم عن الإمام الشعراني: "البعراني", وقولهم عن الشيخ محيي الدين ابن عربي: "الشيخ الأكْفَر"؟! وهو الذي دُسَّ عليه كما دُسَّ على الشعراني وابن تيمية "كما يقول الشيخ د. سعيد رمضان البوطي".
(20) تصدر ... : جلس في صدر المجلس, في أوله. *الوغد: الحقير الخسيس الحاقد على أئمة السلف والخلف. *الرشد: الصواب والتَّعَقُّل.
(21) جهول: كثير الجهل. *ظاهري: يأخذ بظواهر النصوص الشرعية, ولا ينظر إلى بواطنها وفحواها ومقاصدها وعللها وحِكَمِها. *عديم فهم: لا يفهم كلام العلماء الجهابذة المحققين؛ لجهله المُركَّب, ولله در الإمام الشافعي القائل: "ما جادلت عالما إلا وغلبته, وما جادلني جاهل إلا وغلبني"؟!!. *جدلي المشرب: من يُجادل لأجل الجدل, بلا هدف.
(22) وكل من شب... : ومن كل فاسد مِمَّن نشأ على الصفاقة وقلة الحياء.
(23- 24) من علامة النقصان ...: من علامة الخسران والخذلان أن يصبح رجل كناصر الألباني محدثا لبلاد الشام, بعد محدثها وشامَتِها العلامة الرباني الشيخ بدر الدين الحسني؛ محمد بن يوسف البيباني الحسني المغربي الدمشقي ت 1935م. *نجل الحسن: ابن سيدنا السبط الحسن بن علي عليهما السلام؛ فالشيخ بدر الدين هو من سُلالته, كما هو معروف.
*خلا: تُرك وفرغ. *الأرعن: الأحمق, قليل العقل.
(25) المُسْتَهْجَن: القبيح جدا. الرثيث: الضعيف, الهالِك, الميت وبه رَمَقٌ. المعجم الوسيط 328.
(26) شَهَّر في أهل المعالي ... : أساء وشوَّه سُمعة أهل العلم والفضل والحكمة؛ من علماء سلفنا وخلفنا الكبار.
(27) بلا حياء: بغير حياء من أهل العلم وأساطينه. *بلا روية: بلا تَأنٍّ وتفكُّر في عاقبة هذا الأمر الخطير"حكمه على كثير من الأحاديث الضعيفة بأنها موضوعة مكذوبة, وتشهيره بالعلماء ورثة الأنبياء". *جل ...: أكثر ما يقصد من أفعاله القبيحة تلك أن يصبح مشهورا معروفا ؛ كذلك الرجل الذي أراد أن يُشتَهَر ويُعرَفَ سريعًا فبالَ في ماء زمزم؟؟!!
(28) فخالفن تذكر ... : قال أسلافنا قديما: "خالِفْ تُعرَفْ". *الرَّعَاع: سِفْلَة الناس وأرَاذِلُهم. *ترم: تُرِد. *تبجيلا: احتراما وتقديرا.
(29) يبوء: يعود ويرجع. *الخيبة: الإخفاق وعدم النجاح.
(30) الغُلُوّ والشطط: التَّشَدُّد والتطَرُّف, والبعد عن منهج الحق والصواب. *السَّخَط والسُّخْط: غضب الله تعالى وبُغضه وانتقامه. *الوسيط بتصرف.
(31) وكل شخص شيخه ... : كل شخص يأخذ علمه من الكُتب والأوراق وحدها من دون أساتذة وعلماء سيبتعد عن الحق والهداية والرشد؛ سيَضِلُّ, قال العلامة اللغوي المُفسر أبو حيان الأندلسي ت 745هـ رحمه الله:
ومَن أخذ العلوم بغير شيخ يضل عن الصراط المستقيمِ
و تلتبِسُ الأمُورُ عليه حَتَّى يَصِيرَ أضَلَّ مِن تُومَا الحَكِيمِ
(32) المذاق: المِزاج الشخصي والهوى. *فباطل ... : أي: أن أي مسألة تخالف هواهم ومزاجهم فهي باطلة بلا تَرَدُّد ولا شك ؛ لأنهم لا يسيرون على علم وهدى وكتاب مبين.
(33) فالعلم ... : أي: أن العلم الشرعي عند العلماء المحققين الربانيين أمانة استودعهم الله تعالى عليها, وكل هؤلاء العلماء صانوا علمهم أي: حفظوه من المراء والجدال بالباطل.
(34) أهل الحديث فهم الصيارفة: علماء الحديث الكبار الصادقون هم كالصاغة صاغة الذهب الخبراء بحقيقيه من مزيفه؛ هؤلاء قد امتلؤوا بالعلم والمعرفة والحق.
(35) قد خدموا ... : هم قد خدموا علم الحديث خدمة حقيقية عظيمة, وهذبوه من كل هوى ومزاج وباطل.
(36) بَيَّنوا: وَضَّحُوا وشرحوا. *الصحيح: الحديث الصحيح؛ وهو: ما رواه العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة قادحة. *الضعيف: الحديث الضعيف: ما كان فيه شذوذ أو علة قادحة في صحته ؛ كوجود كذاب أو ضعيف الحفظ ... . *الغريب: من الحديث ما رواه راو واحد؛ قال صاحب البيقونية رحمه الله:
ومُرسل منه الصحابي سقط وقل: غريب ما روى راو فقط
*الموقوف من الحديث: ما كان من كلام الصحابة رضي الله عنهم؛ قال البيقوني:
وكل ما أتى عن الأصحاب من قول وفعل فهو موقوف زُكِنْ
(37) ذادوا: دافعوا. *انبروا: تَصَدَّوا وتَعَرَّضوا وقاموا. *أنعم بهم: أكرِمْ.
(38) وإن تجد ... : أي: إن رأيت غير أولئك العلماء الأكفاء من يَزعُم أنه عالم بالحديث فحقه أن يُضرب بكف اليد مفتوحة ؛ أي: أن يوقف عند حده من الحُكَّام الصالحين بسجنه أو الحجر عليه كما في المذهب الحنفي لله در مُؤسسه سيدي أبي حنيفة قُدِّسَ سِرُّه؛ فإن في مذهبه: الحَجْرَ على المُفتي الماجن, أو: باعتراض العلماء العاملين عليه, ومنعه من نشر ضلالاته.
(39) اخرس: اسكت واصمُتْ. *كفاك ذما: كفاك سوءًا ومذَمَّة وعَيْبًا.
(40) بفقد أهل الفضل ... : بعدم العلماء الصالحين يكثر المنحرفون الضالون؛ بظهور الرؤساء الجُهَّال الذين أخبر عنهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بحديثه من صحيح الإمام البخاري: "إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء, ولكن يقبضه بقبض العلماء ...".
(41) دينك احفظه من الأحزاب: يا رب احفظ دينك الحنيف من عصابات السوء وأوباش العلماء المزيفين المُدَّعِين.
(42) بجاه طه ... : متوسلا إليك بحبيبك محمد سيد المطيعين الصالحين. *الأبرار: ج بَرّ, مطيع صالح.
(43) غيث: مطر. *همى: نزل وسالَ.
وسوم: العدد 938