عن دار " الكلمة للنشر والتوزيع " في غزة ؛ صدر الديوان الأول للشاعر الشاب محمد أبو نصير " للوطن المسجون أغني " ، وهي إحدى قصائد الديوان الثلاثين . يفتتح الشاعر ديوانه بقصيدة " محبوبتي غزة " ، فيخاطبها فيها خطاب المحب حبيبته :
وعنوان الديوان وما فيه من قصائد أخرى عن السجن والأسرى صدى تجربة شخصية للشاعر الذي سجن عامين في الانتفاضة الثانية حين كان في السادسة عشرة ، وفي هذا السياق تنساب قصيدة " حرية أسير "
ولما في شعره من سلاسة وبساطة وعذوبة إيقاع غنى بعض قصائده مغنون فلسطينيون ؛ مثل " جرح اليرموك " ، و " للوطن المسجون أغني " اللتين غناهما يوسف عزام العضو في فرقة فنية فلسطينية في الدنمارك ، وفي غزة غنى محمد المدلل قصيدة " سأحطم قيدي " . ويكتب محمد قصائد بالعامية لا تقل جمالا وحلاوة عن الفصيحة ، وقد تتفوق عليها أحيانا إدهاشا وإمتاعا لولوعه بالثقافة والتراث الشعبيين . يهدي شاعرنا الشاب ديوانه إلى : " الذين رحلوا شهداء من أجل الوطن ، إلى مناضلي هذه الأرض المقدسة ، إلى أمي تلك التي تسكن حنايا الروح ، إلى أبي النبع الصافي الذي لا يدنو منه النضوب . " ، وإنها لهدية مقبولة من شاعر في مطلع مسيرته الشعرية طامحين إلى هدايا أخرى منه أكثر خصوبة ونضجا وأوسع أفقا ، وأول الربيع تفتح زهرة ، وإشراقة دافئة ، وتغريدة عصفور محبور .
"إليك أزف القصائد شوقا = رفوفا ، عبيرا كطيب الزهر " ،
ويسترسل في خطابه : " أحبك أنت ومن لي سواك = يراقص حرفي إذا ما انتثر "
" يداعب بالهمس بوح القوافي = فتخضر منها ضفاف القمر "
" إليك قصيدي حكايا روتها = ليالٍ على الشط والمنحدر " .
والشائع في الشعر الفلسطيني أن يحل الوطن ومدنه وقراه محل المحبوبة الأنثى ، فدرويش يهتف جهوري الصوت : " إنني العاشق والأرض الحبيبة " . وفي قصيدة " من غزة " يحدد الشاعر المبتدأ المكاني لشعره ، يقول : " من غزة أكتب أشعاري = من أرض العزة والغضب "
" أرسلها حمما وشواظا = ورسائل نزلت كالشهب " . ويمجد في قصيدة " رثاء محمود درويش " الشاعر العظيم ، يقول : " سجلت أنك للعروبة عزها " ، ويرى أن هذا العز يناغم هوية العروبة القومية والإنسانية ويليق بها : " إن العروبة عزة وإباء " ، ويعاتبه متحسرا : " يا سيد الشعراء كيف تركتنا = ومضيت وحدك فالحروف بكاء "
" والعالم العربي حيران الخطا = ما فيه إلا ميتم وعزاء "
" وصباحه بالقتل يبدأ نشرة = ويجيئنا بشروره الإمساء "
" صرنا نقاتل بعضنا بربيعنا = فإذا الربيع خسارة وشتاء " .
ويصحو من أساه وغمه ، فيتسلى بما خلف درويش من موروث شعري يضيء الطريق إلى تحرير الوطن المغتصب : " كلماتك اللاتي لدينا كنزها = هي في الطريق إلى المرام ضياء " .
وفي القصيدة عنوان الديوان " للوطن المسجون أغني " يحدد الشاعر هوية من يوجه إليه شعره أو غناءه . إنه الوطن المسجون أرضا وإنسانا ، يقول : " للوطن المسجون أغني = للقدس وكامل أوطاني " ، ويخاطب السجان الصهيوني متحديا متصلبا مبينا أنه صاحب الأرض وما عليها : " سجاني ، محتل بلادي ، يا زارع جرحٍ بكياني "
" لي اللوز وزيتون الكرمل = ونخيل يأبى نسياني " .
: " فلتسمع كل الدنيا = عن حقي أنا لن أرجع "
" أقسمت بعزمي وإبائي = سأحطم قيدي ، لن أركع " .