فَذْلَكاتٌ لُغَويةٌ سياسيّة 3+4
فَذْلَكاتٌ لُغَويةٌ سياسيّة (3)
*فَذْلَكَةُ التاء*:*
*(تَعِسَ) وأخواتها!..*
*تَلا، تَاهَ، تَرَحَ، تَابَ، تَاسَ، تَفَلَ، تَاخَمَ، تَجَرَ، تَرْمَسَ، تَبِعَ، تَنَفَّسَ، تَرْجَمَ*
* * * * * * * * * * * *
(تَعِسَ): من معانيها: هَلَكَ.. والتعاسة ربما يكون مصدرها العبودية للمال، كما ورد في الحديث الشريف: (تَعِسَ عبد الدينار، تَعِسَ عبد الدرهم..)، أي: هلك كل مَن يجعل من نفسه عبداً للدينار والدرهم، إذ يتحوّل المال إلى رَبٍّ مزيّفٍ لذاك المخلوق التعيس، الذي يصبح منحوساً أيضاً، فيما لو (تَلا)، أي: اتّبع.. منهجاً بشرياً وضعياً غير منهج الله سبحانه وتعالى، فيحوّل نفسه إلى عبدٍ ذليلٍ للربّ الذي يُشرّع له ويُجبره على تنفيذ تشريعه الوَضعيّ الخاطئ، ما يؤدي به إلى التخلّف، لأنّ تَخَلَّفَ من معاني (تَلا) كذلك!.. وبذلك يصبح التعيس المنحوس.. مُتخلِّفاً أيضاً !..
ما ذكرناه ينطبق على الفرد، وعلى المجتمع والأمة.. فإذا (تَاهَ) الفرد، أي: ضلَّ طريقَه، بتنفيذ المناهج البشرية الخاطئة الظالمة.. أو إذا (تَاهَت) الأمّة كلها، لتنفيذها مناهج مستوردة من الشرق أو الغرب، وتركت دستورها ومنهجها الذي ارتضاه الله لها.. فإنّ التعاسة ستكون بانتظارها!.. ثم ستقع في مساوئ فعل (تَرَحَ)، أي: حَزِنَ، فتكثر فيها الأحزان والأشجان، أي: الأتراح!..
عندئذٍ سيكون أمام الأمّة طريقان: طريق (تَابَ)، أي: رجع عن المعصية وعاد إلى الله عزّ وجلّ، وإلى تنفيذ منهجه العادل الصالح لكل زمانٍ ومكان، فيسعد بذلك في الدنيا والآخرة، أي تسعد بذلك الأمّة وتتقدّم نحو الخير والرشاد.. أو تمضي في الطريق الثاني، وهو طريق: (تَاسَ)، أي: صار تَيْساً، إذ يركبها العناد، فتصبح كالتَّيْسِ إذا حَرَنَ، أي: أصرَّ على موقفه وموقعه الخاطئ.. وحينذاك، ستقع هذه الأمّة التي كرّمها الله سبحانه وتعالى، في حفرة (تَفَلَ)، أي: بَصَقَ.. فتصير عرضةً لذلك الفعل القبيح (تَفَلَ)، الذي تمارسه عليها كلّ أمم الأرض، التي لا ترغب لها أن تستيقظ من غفوتها أو نومها العميق!..
الأمّة التي تتخلى عن دستورها ومَنهجها ودِينها، يَدْهَمها خطر عظيم، هو خطر (التَلْمود) مع خطر ما يسمى بــ (التشيّع الصفويّ الفارسيّ): وهما خطران متعاضدان، للتعاليم اليهودية الصفوية المجوسية العنصرية البغيضة، التي تفعل فعلها في جسد الأمّة المستغرقة في نومها، أو الغافلة عن عدوّها!.. وهذان الخطران هما السمّ الزعاف الذي يتغلغل في جسد الأمّة، وبخاصةٍ عندما ينطلق حَمَلَتُه اليهود والصفويون من بعض أنحاء الأرض، لاحتلال قلب وطننا العربيّ والإسلاميّ، متّبعين أسلوب (تَاخَمَ)، أي: جاوَرَ ولاصَقَ!.. وبعد أن يجاورنا اليهود والصفويون بملايينهم، قادمين إلينا من كل فَجٍ عميق.. يُعمِلون فينا القتل والتشريد والتمزيق، منفِّذين بذلك تعاليمهم الخبيثة، بمساعدةٍ ومؤازرةٍ من بعض الغربيين الحاقدين!..
لا يكتفي اليهود والصفويون والصليبيون بما فعلوه، بل يبذلون جهودهم لإيقاع أمّتنا كلها بين مخالب الـ(تيوقراطيّة)، وتعني: نظام الحكم الذي يجمع فيه الحاكم بين السلطتين الدنيوية والروحية!.. وقد طُوِّرَ هذا المعنى في عصرنا الحديث إلى أشمل من ذلك، فأصبح الحاكم في كثيرٍ من بلاد المسلمين، يجمع كل السلطات –بمختلف أنواعها وأشكالها وألوانها وأصنافها- في شخصه الكريم، بالترغيب أو بالترهيب، وبقوّة الدستور الذي يُفَصِّله كما يشاء، أو بقوّة الحديد والنار.. وبذلك تنقلب سُلطته إلى تَسَلُّطٍ كريهٍ، على رقاب الناس، ويقوم بإصدار القوانين والتشريعات، التي تكفل له دوام التسلّط، والتحكّم في أرواح الناس وأقوات العباد وثروات البلاد!.. والحاكم هنا ليس بالضرورة فرداً، فقد يكون حِزباً أو طائفةً أو طُغمةً أو مجموعةً مختارة، اختارها الشعب بأكثريّته الساحقة (كما يزعمون)!.. لشدّة عِشقه لها، وغَرَامه بها.. إلى درجة أنه (أي الشعب) ترك لها كل دبابةٍ ومدفعٍ وصاروخٍ.. لقمع المحبّين، وقهر العاشقين لعدلها ونزاهتها وأمانتها ووطنيّتها!..
يمكن للفئة الحاكمة المذكورة، أن تقوم ببعض الخطوات الضرورية لتثبيت نفسها على كراسيّ السُلطة.. فمثلاً قد تستخدم طريقة: (تَجَرَ)، أي: مارس التجارة من بيعٍ وشراء!.. والتجارة هنا ليست بالمال والمتاع، بل بالكلام والشعارات الطنّانة، والبيانات الرنّانة.. فتصبح شعارات: التحرير، والوحدة، والحرية، والعدل، والمساواة، و.. هي البضاعة التجارية الرائجة، ويُستخدم لترويج ذلك الـ (تِلِفِزْيون): وهو جهاز ينقل الأصوات والصوَر!.. فيتحوّل الجهاد والنضال من سوح الوغى والقتال الحقيقية، إلى ذاك الجهاز العجيب الغريب، وعندئذٍ يصبح النضال (تِلِفِزْيونياً) صِرفاً!..
وإذا ما تجرّأ شخص من الشعب لقول الحق، كأن يقول مثلاً: إنّ السيد الحاكم وجيشَه (تَرْمَسَ)، أي: تغيَّبَ عن الحرب، وسبّب ضياع البلاد والعباد.. فإنّ ساحة المعارك ستصبح فوراً، كلَ شارعٍ وبيتٍ وزاويةٍ وفضاءٍ في الوطن، ويصبح الشعب هو العدوّ الذي ينبغي تصفيته أولاً، للتفرّغ بعد ذلك إلى العدوّ الحقيقيّ الخارجيّ!.. ولتنفيذ ذلك بحق أبناء الشعب، يتم تنفيذ أسلوب: (تَبِعَ)، أي: سار في أثره، وبالمعنى الحديث: لاحَقَهُ!.. فكل مَن (تَنَفَّس)، وخرجت من بين أنفاسه كلمة ناقدة أو مُعترِضة.. يصبح متبوعاً، أي: مُلاحَقاً، من قبل أجهزة الحاكم العزيز.. الكثيرة!.. وقد يُستَخدَم في هذه الحرب الداخلية أسلوب: (تاخَمَ)، فكل من يتنفّس، ينبغي أن يُرسَلَ إليه مَن يتاخمه، أي: يجاوره ويلاصقه، لتعليمه كيفية التنفّس على منهج السادة الذين يحكمون البلاد والعباد!.. وقد يُستَخدَم الـ (تِلِفون) في هذه الحرب الشرسة أيضاً: وهو جهاز ينقلُ الأصواتَ من مكانٍ إلى مكانٍ آخر.. وقد يكون المكان الآخر مَقرّاً حِزبياً أو عسكرياً أو أمنياً!.. إذ يقوم القائمون على أمن الوطن، وأمن المواطن العزيز وراحته.. بإحصاء كل ذبذبةٍ من ذبذبات صوته، ثم إحالتها إلى قسم: (تَرْجَمَ)، أي: بيّن الكلام ووضّحه، أو نقله إلى لغةٍ أخرى!.. وغالباً ما تقع أخطاء شائعة أثناء عملية الترجمة، بقصدٍ أو من غير قصد.. تكون كافيةً لترجمة البشر وتحليلهم، إلى عواملهم الأولية من اللحم والدم والعظم!..
هذا داء الأمّة العُضال، فهل له من (تِرياقٍ)، أي: دواءٍ مضاد؟!.. لأنّ التاريخ لا يرحم المتقاعسين المتثاقلين عن تخليص الأمّة من دائها.. و(تاريخ) كلمة تعني: جملة الأحوال والحوادث التي يمرّ بها كائن أو أمّة أو شعب!.. فَسَجِّل يا تاريخ.. سَجِّل!..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الفَذْلَكَة -كما ورد في المعجم الوسيط- تعني: [مُجْمَلُ ما فُصِّلَ وخُلاصَتُهُ]، وهي [لفظة محدَثة].
فَذْلَكاتٌ لُغَويةٌ سياسيّة (4)
فَذْلَكَةُ الثاء
*(ثَقِفَ) وأخواتها!..*
*ثَبَتَ، ثَلَمَ، ثَكِلَ، ثَابَ، ثَارَ، ثَأرَ، ثَغَبَ، ثَرَدَ، ثَرَا، ثَخُنَ.*
*(ثَقِفَ)* الرجلَ في الحرب، أي: أَدْرَكَهُ!.. وقد ورد في محكم التنـزيل قوله عزّ وجلّ: *(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ)* (البقرة: من الآية 191)..
أي: حيث وجدتم أعداءكم، الذين يحاربونكم ويعتدون عليكم وعلى أوطانكم وشعوبكم ومقدّساتكم.. وحيث أدركتموهم خلال حربكم معهم في ساحة المعركة.. فاقتلوهم، لأنهم بالمقابل يرومون قتلكم والتنكيل بكم.. لكن في عصرنا الحاليّ -عصر النظام العالميّ الجديد- لا معنى لكلمة (ثَقِفَ)، لأنها انقرضت!.. فإذا كانت حربنا مع عدوّنا قد توقّفت (أو أُوقِفَت) وانتهت.. فما حاجتنا إلى كلمة (ثَقِفَ)؟!..
بما أننا نعيش عهداً ذهبياً من السلام والأمان والاطمئنان والرخاء، بدأ منذ أكثر من نصف قرن، واشتدّ منذ مؤتمر مدريد، ووصل إلى ذروته منذ بدء الاجتياح الأميركيّ للبلاد الإسلامية كالعراق وأفغانستان، والاجتياح الصهيوني اليهودي للضفة الغربية الفلسطينية وقطاع غزة.. وأخيراً، الاجتياح الأسدي الصفوي المجوسي الروسي الصليبي الغربي، للشام المباركة وسورية الأبية، بل لكل معاني الخير والعدل والحقوق والأخلاق الإنسانية، التي جعل الله بها من الإنسان إنساناً، ومن البشر بشراً.. بما أننا نعيش هذا العهد السلاميّ الذهبيّ.. فإنه من الواجب علينا أن نُدخِلَهُم –أي أعداءنا- من حيث أخرجونا!.. وأن نمتثل إلى أمر: وقَـبِّلوهم، بدلاً من: واقتلوهم!.. لأنّ حالة السلام والأمان مع عدوِّنا قد (ثَبَتَتْ)، أي: استقرّت!.. والدليل هو ما نشهده يومياً من اجتياحاتٍ عدوانيةٍ ومجازر وتنكيل، يقوم بها أعداؤنا البهائم الوحوش المذكورين أعلاه، الذين ينثرون علينا أكاليل السلام والأمن والرخاء.. والقليل! من الطغيان!..، وما علينا إلا أن نعتمد طريقة: (ثَلَمَ)، في تعامله مع عدوّنا، الذي سلب أرضَنا، وشرَّدَنا وقومنا، وسرقَ مالَنا، وذبح أطفالَنا، وقتّل شعبَنا بشيوخه ونسائه!.. و(ثَلَمَ) السيفَ، أي: جَعَلَهُ غير قاطع، وما حاجتنا إلى السيوف القاطعة البتّارة الحادّة؟!.. فالسيوف في زماننا هذا، لا تُستَخدَم إلا لتقشير (البطاطا) و(الباذنجان)، أو لتقطيع (البصل) و(البندورة)، لأنها لا تصلح -بعد ثَلْمِها- لأكثر من ذلك!..
إذن: على كل مَن (ثَكِلَ) وَلَدَهُ، أي: فَقَدَه، أو (ثَكِلَ) قريبَه أو عائلتَه، أي: فقدهم كلهم على يد عدوِّنا الحبيب.. أن يثوبَ إلى رُشده،.. و(ثابَ) معناها: رجع أو تاب!.. أما إذا (ثارَ)، أي: هاجَ وانتشر غضبه، وراودته نفسه في أن يعمل بأسلوب: (ثَأرَ)، أي: قتلَ قاتِلَ قومه.. فإنّ أبطال السلام والتحرير والصمود والممانعة الأشاوس، سيلجؤون إلى فعل: (ثَغَبَ)، أي: ذَبَحَ، إذ يُقال: ثَغَبَ الشاةَ، أي: ذبحها!.. مع ملاحظة أنّ الشعوب المسلمة كلها -في نظر أبطال السلام والصمود والممانعة والتحرير- ليست إلا قُطعاناً من الشياه، والمشكلة الوحيدة التي كانت تؤخِّر قليلاً أولئك الأبطال الأشاوس لإنجاز عمليات الذبح، هي عدم وجود آلاتٍ حادّة، لأنها كلها خضعت لفعل: (ثَلَمَ)، تعبيراً عن النيّة الصادقة في السلام مع عدوّنا الحبيب الطيّب المحتلّ!.. ما يدفع أبطالنا المذكورين للّجوء إلى فعل: (ثَرَدَ)، أي: ذبحَ بآلةٍ غير حادّة، إذ تُقتَلُ الذبيحة من غير أن تُقطَعَ أَوْدَاجُها!.. ومن الجدير بالذكر، أنه لا خوف على الذبائح من الألم والمعاناة -على ذمّة البيت الأبيض والبنتاغون والكرملن وحوزات أو مزابل قُمّ وطهران-، لأنّ أبطالنا الممانعين، متمرّسون في هذه الطريقة من الذبح الراقي، وقد حازوا في ذلك على أرقى الشهادات الأميركية والغربية الصليبية والصهيونية، لتصفية الشعوب الحرّة، بأسلوبٍ حضاريٍ مُبْتَكَرٍ رشيق!..
أما (ثَرَا)، فتعني: نما أو كَثُرَ، إذ يُقال مثلاً: (ثَرَا مالُ الطغمة الحاكمة المتسلّطة على رقاب الشعب.. بشكلٍ مُذهل، فازداد عدد الفقراء في الوطن ألْفَ ضِعف)!.. ويُقال أيضاً: (ثَرَا القومُ فأصبحوا مِلْيارَيْن، لكنهم غُثاء كغُثاء السَيْل)!.. أي: كَثُروا بشكلٍ هائلٍ، لكن من غير وزنٍ أو تأثيرٍ أو قوّةٍ حقيقية!.. لماذا؟!.. لأنهم استكانوا لسياط جلاّديهم، إلى أن (ثَخُنَتْ)، أي: غَلُظَت وصَلُبَت، وأصبح القوم يتحمّلون تلك السياط الثخينة الصلبة التي لا تتحمّلها الثيران الضخمة!.. و(الثَوْر) هو: الذَكَرُ الضخم من البقر.. وقد أُطلِقَت سابقاً على الإرهابيّ المجرم: (آرئيل شارون)، وحالياً تُطلَق على المجرم بشار بن حافظ، فعندما يُقال: هاجَ الثَوْرُ.. فإنّ ذلك يعني: هاجَ شارون أو بشار أو بوتين أو أي مجرمٍ وضيعٍ صفويٍ مجوسيٍ أو صهيونيٍ أو صليبيّ!.. وهؤلاء ليسوا ثيراناً، ولا أبقاراً، ولا حتى نِعاجاً.. لكنّ وسائل الإعلام الخبيثة المهزومة العميلة المضبوعة، فجّرَت (ثورةً) ضاريةً حين استلم هؤلاء مقاليد الحكم.. فجعلت منهم (ثيراناً) هائجةً لا يمكن ترويضها، إلا بالتنازل عن أوراق التوت الأخيرة، التي تستر عَوْرَات اللاهثين وراء سراب الحلول السلمية!..
وبذلك، فإنّ وسائل الإعلام العميلة إياها، أصبحت (مَنْعوجَةً)، بعد أن كانت (مَضبوعةً)، أما في زمن ثورة الحرية والكرامة السورية.. فقد أصبحت (مَبشورةً) نسبةً إلى المجرم الإرهابيّ الجبان: بشار!..
وهكذا، ينتهي فعل: (ثَقِفَ) في دورته، الذي يعني: أدركَ عدوَّه.. إلى فعل: هَرَبَ من عدوّه فأدركـه –أي عدوُّهُ-!.. وهَرَبَ: فعل له أهمية خاصة ومذاقات فريدة، سنتحدّث عنها في فذلكة (الهاء) إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
**الفَذْلَكَة - كما ورد في المعجم الوسيط - تعني: [مُجْمَلُ ما فُصِّلَ وخُلاصَتُهُ]، وهي [لفظة مُحدَثة].
وسوم: العدد 955