رسالة التّوعية في "وهكذا أصبح جاسوسا"
عن مركز بيت المقدس للأدب صدرت عام 2018 "رواية" "وهكذا أصبح جاسوسا" للأديب الفلسطيني وليد الهودلي. وتقع الرواية في 170 صفحة من الحجم المتوسط.
سبق للكاتب وليد الهودلي أن تعرّض للاعتقال أكثر من مرّة، وأمضى هو وعقيلته في سجون الاحتلال سنوات طويلة من عمره.
وهذه "الرّواية" ليست الإصدار الأوّل للأديب الهودلي عن الاعتقال ومعاناة الأسرى، فقد سبق وأن صدر له عدّة أعمال أدبيّة بهذا الخصوص تتراوح بين القصّة والرّواية ومنها: روايات "ستائر العتمة" و "مدفن الأحياء"و"أمهات في مدفن الأحياء" ورواية "الشعاع القادم من الجنوب"، ورواية "فرحة"، وحكاية(العمّ عز الدين)، و"ليل غزة الفسفوري"، و"منارات" مجموعة قصصية و"مجد على بوابة الحرية "مجموعة قصصية، و"أبو هريرة في هدريم" مجموعة قصصية، و"عائشة والجمل" قصة للأطفال، و"النفق" مسرحية، و"في شباك العصافير" مجموعة قصصية.
ولن أتوقّف هنا كثيرا أمام تصنيف هذا الإصدار من حيث هل هو رواية أو مجموعة قصصيّة أو غير ذلك.
بداية يجب التّنويه أنّ أدبيّات الاعتقال والسّجون ليست جديدة على الأدب العربيّ، فهي معروفة منذ قرون، كما أنّه ليست جديدة على الأدب الفلسطينيّ، فهي معروفة منذ ما يقارب القرن مع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين، ومعروفة أيضا بعد قيام اسرائيل كدولة في مايو 1948م، لكنّها أصبحت ظاهرة بعد حرب العام 1967 لكثرة المعتقلين بسسب تغوّل الاحتلال.
وقد صدرت مئات الكتب من قصة ورواية ودواوين شعريّة وأبحاث الّتي خطّتها أقلام من داخل الأسر أو بعد التّحرّر منه. كما أنّ الحديث عن تساقط البعض في بحر الخيانة والعمالة ليس جديدا أيضا فقد طرقه أكثر من كاتب.
والكاتب الهودلي إصداراته جميعها تتحدّث عن معاناة الأسرى وعذاباتهم، وهو بهذا يسجّل بشكل وآخر تجربته الشّخصيّة التي عاشها أو عايشها في الأسر الذي قضى فيه ما يقارب العقدين.
و"روايته" هذه "وهكذا أصبح جاسوسا" نصوص توعويّة تحذّر من مغبّة ألاعيب مخابرات الاحتلال التي تحاول خداع المعتقلين؛ ليعترفوا بالتّهم الموجّهة إليهم سواء كانت صحيحة أو ملفّقة، من خلال التّرغيب والتّرهيب أو من خلال المتساقطين "العصافير" الذين خانوا شعبهم وأمّتهم ووطنهم، وقد طرح فيها عشرين حكاية أو قصّة مختلفة لمن خاضوا هذه التّجربة، فأدلوا باعترافات أضرّت بهم وبغيرهم في حالات ضعف نفسيّ أو جسديّ، أو حالات خداع خانهم فيها ذكاؤهم أو فطنتهم. وكأنّي بالكاتب في هذه "الرّواية" يطرح دروسا توعويّة يحذّر فيها من يتعرّضون للاعتقال من مغبّة السّقوط في مستنقع الخيانة، ولا ينتبهون لأنفسهم إلا بعد فوات الأوان، وقد توقّفت كثيرا أمام عنوان"الرّواية" الحادّ والذي لا يتناسب والمضمون. وأثناء قراءتي لهذه الرّواية عادت بي الذّاكرة إلى كتاب حسام خضر "الاعتقال والمعتقلون بين الاعتراف والصّمود" الصادر عام 2005.
وسوم: العدد 1047