الإتجاه السياسي في شعر الدكتور معتصم الحريري
تناول الشاعر د.معتصم الحريري في قصائده الرائعة عدداً من الأغراض السياسية والوطنية والإسلامية والوجدانية.
فضح الطواغيت:
وها هو يعمل بجد في فضح الطواغيت الذين قتلوا وسفكوا دم الأبرياء، فيقول:
كُلُّ الجيوش وإِنْ تعاظمَ شرُّها تَبقى لها عينٌ على الأوطـانِ
إلا (أبوشحّاطـةٍ) بكتِ العِـدى مِنْ فِعلِــهِ في شَعبهِ بِحنانِ
حتى الوحوشُ الكاسراتُ استنكرت تشبيههُ في البطشِ بالحيــوانِ
جيشٌ يُسلِّمُ أرضهُ في ساعةٍ و يَفِـــرُّ مِـنْ أعدائــهِ بِثَــوانِ
لكـــن إذا أهـــداهُ وَرداً شعبـه أهـداهُ أطنــــاناً مِـن النِّيرانِ
بالتْ جيوشُ الأرضِ فوقَ فراشــهِ من حِضنِ (روسِيٍّ) إلى (إيرانــي)
مستمتعاً يأوي إلـى أحضانهمِ لينــام فـوق ذراعهم بِأمـانِ
إن باتَ (حامي الدار) يطلب حامياً فالعرضُ مسموحٌ بلا استئـذانِ.
العيد:
منذ سنوات والشعب السوري محروم من فرحة العيد لذا فإن الشاعر الشاب معتصم الحريري دهش لهذا؛ فقال:
سلم على العيد قلبي ما له عيـدُ
مادام يحكمنا في الشام عربيــدُ
فهو يبين أن العيد في الشام مكدر بسبب جرائم الظالمين.. ويفضح الروس والمجوس الذين عاثوا في البلاد فساداً، فيقول:
ما دام للروسِ راياتٌ بساحتنــــا
وللمجوسِ بأرض العرب تمهيــدُ
مادام شعبي يذوق الموت لا أحدٌ
يبكي عَلَيْهِ وصوت الحق مفقودُ
لا عيد حتى ينـال الثــأر غايتــهُ
حتى تكفَّ عن الصدرِ التناهيـــد
بلغ دمشق:
ويقول معتصم الحريري في قصيدة أخرى تحت عنوان بلغ دمشق:
بلغ (دمشق) سلاما من محبيهـــــا
سلام عاشقها بالـــــروح يفديهـــــا
سلام من هاجه شوق لرؤيتهــــــــا
فعـــاد منخــذلا بالدمـــع يبكيهـــــا
سلم عليها و قــــل لي أي قافيــــة
أهدي إليها و فــــكري هائم فيهــــا
وكيف أنسى وفي عيني ترى شجنا
نسجت فيه مع الأيــام ماضيهـــــــا
وجمال دمشق يدهش العقول، ويبهج النفوس وينعش الأرواح يقول الشاعر معتصم الحريري في وصفها:
آه (دمشق) بلاد طــاب مسكنهـــــــا
دين و دنيا و رب العرش حاميهـــــا
جاهدت قلبي بأن يسلى محبتهـــــا
علـــي بسلوانهــا أبتــاع ترفيهـــــــا
وما علمـــت بـــأن (الشام) أغنيــــة
من يستمعهـــا فلا ينســى معانيهـــا
قصدتك اليوم في (تشرين) محتسبا
آلام قومـــي عنــد الله يحصيـــــها
باعوك فيه وشادوا منــــه مفخـــرة
يا ويلهم سفهـــوا التاريخ تسفيهــــا
ويعيب على الحزب القائد ما أوصل إليه حال البلد حيث نشر الفساد وحكم بالاستبداد.
يا أيهــا (البعث) يا شيطــان أمتنــــا
يا باعثــــا كل أحـــــزان الدنا فيهـــا
أمــا فتئــت لديـــن الله معترضـــا
و للخيـــانات و الأحقــاد تحميهـــا
مـــا أنــت إلا شعـــارات ملفقــــة
البغي أسسهــــا والجــور راعيهـــا
ولكن الشاعر يحذر رجال البعث بأن شباب الشام إذا هبوا فسوف يطيحون بالظلم والظالمين ..
إن (الشــآم) إذا اهتـــزت مناكبــــه
ألقـاك عنه ذليــل النفـــس حانيهـــا
تلك (المغول)؛ وقد دانت لها الدنيـا
وتحت أسـوارهـا شلــت أياديهـــــا
كذا (الفرنجة) كم قد حاولت عبثــا
فيهـــا فألحــق قاصيهـــا بدانيهـــــا
فقل لمن غــرزوا فيهــــا مخالبهــــم
ودولة (الرفض) شادوا في نواحيها
غدا سنأتي و(روح القدس) يسبقنا
نحــرر (الشام) بالإيمـــان نحييهــــا
وكما زال المغول والتتار والمستعمر عن بلادنا فسوف يزول الطغاة، ويرمي بهم الشعب في مزابل التاريخ .
وكتب د.معتصم الحريري مؤكدا أن الشعب السوري لن يقبل بغير سقوط بشار الأسد ومحاكمته، فيجب أن ينال الظالم جزاء ظلمه:
فقل لجميع أهل الأرض أنّــــا
بغير سقوط (بشار ) كفرنــــــا
دم (السوري) لن يغدو نبيـذاً
ولا أشلاؤهُ ستبـــاعُ وزنــــــا
ولا أحلام ثورته ستـــــــذوي
ولو ملؤوا عليه الأرض حُزنـا
وهذي (الشام) ما ذلت لبــاغٍ
ولا رضيت مدى التاريخِ غبنا
هي الموت الزؤامُ لكل عــــادٍ
ولحنُ المجدِ فيها كم تغــنـّى
بها شعبٌ تُغازلـــــهُ المنايــــا
و يعشقها و يُولدُ حينَ يفنـى
مصالحكم سيدعسها وحَـلٌّ
بلا حريةٍ سيعودُ (تِبنـــَـــــا)
ومهما تحفرون له سيرقـــى
ويبلغ ما أراد و ما تمنـــّــــى
لقد تفاجأ معتصم الحريري بثورة أهل حوران؛ وأعجب بشجاعتهم، فقال مصوراً البطولات الجماعية لهم:
من قلب (حوران) في السهل الخصيب أتت
بشائــــرُ الخيــــرِ و(الجبـّــــارُ) يختــــــارُ
تحرّك الشعـــبُ مثل السيلِ مُندفعـــــــــــاً
وفي ســواعـــــده عـــــزمٌ و إصــــــــــرارُ
بين الرّصـــاصِ و بين المــوتِ قد وُلـِــدتْ
حريــــةٌ وهـَــوى في الخــِـزيِ (بشـّـــــارُ)
وغــــــدٌ تَــحدّرَ مِن وغــــــدٍ بِنُطفتــــــــهِ
وغـــــدٌ و في دمِـــــهِ رِجسٌ و أقـــــــذارُ
وأثناء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التقط معتصم الحريري صورة أردوغان؛ وهو ساجد وصورة كمال قليجدار؛ وهو يطأ سجادة الصلاة بحذائه...ولا غرو أن يبدي د. معتصم الحريري إعجابه بالسيد الرئيس أردوغان حفظه الله، ويندد بالحزب الكمالي، فيقول:
سَجّـــــادةٌ لكنّهــــا فُرقــــــــانُ
ولمن يَشُـــكُّ فإنّهــــا تِبيــــــانُ
هَِي مِنْ جُنودِ اللهِ رَغمَ سُكُونِها
و يبانُ فيها الكُفــرُ و الإِيمــــانُ
شتّانَ مَنْ يَجثُو عَليهَا ساجِــداً
ودموعهُ في صُوفِهـــا هتّــــانُ
أوداعــــسٍ بحذائـــهِ مُتكَبّـــراً
مُتغَطرِســـاً وكأنّــهُ الشيطـــانُ
يا أخوة الإســلامِ هــــذي آيـــةٌ
ولِمنْ تَعامــى إنهـــا البُرهــــانُ
ومصيرُكُمْ أضحى على سَجادةٍ
فيها الجِنانُ ودونها النِّيــــــرانُ.
أتَشَكَرُ قَاتِلي:
وهذه قصيدة كتبها الشاعر معتصم الحريري يخاطب فيها السيد إسماعيل هنية بعد زيارته لحسن نصر الله وشكره على دعم المقاومة حيث يقول فيها:
أَتشكرُ قاتلي وتبوسُ راسَــــــه
وتأتي كي تُعلِّمني السّياســــــة
وتنعتهُ (شهيد القدس) كلـــبٌ
عَقورٌ لم تفارقـــــهُ النّجاســـة
وتطلــبُ بعـــد ذلــك أن أُواري
لأجلكَ غيظَ قلبي وَاحتِباسَـــه
كأنَّ (القدسَ) قُدسكَ ليسَ قُدسِي
تُوزِّعُ باسمهــــا حُلــــلَ القَداسَـــة
ويحذر المجاهدين من التفريق بين دم الشهداء في فلسطين وسورية، فهو دم زكي مقدس هنا وهناك ..
كأنّ دِماكَ من مســــكٍ مُصَفّـــــى
ونهرُ دِمايَ ماءٌ في نُحاسَـــــــــة
كأنّ مَشاعرِي أنا مــــن تُـــــرابٍ
وحِسُّكَ مثل ( ياقوتٍ) و(ماسة)
أَوحدكَ من تموتُ تعــالَ وانظـــرْ
شربنا الموتَ حتى جفّ كاسَــــــه
أوحدكَ من تُحاصرُ رَغمَ ضَعفِـــي
كِلابُ الأرضِ جاءتْ للحراســــــة
أوحدك من تُحارِبُ هل ترانــــــي
لعشر سنين ألهو في (وَناسَــــــة)
لقد حاربتُ رمــلَ الأرض حتــــى
وجِنَّ الكون آذانـــي وناسَـــــــه
فما داهنتُ في دينـــــي عــــدواً
ونَحرِي دونَ من يبغي مَساسَـــه
ألست أخاكَ كيف تبيــــــعُ أُمّــي
وتعرضها بأسواقِ النِّخاسَــــــــة
وتُغريكَ الدراهمُ عــن حِماهــــا
وتزعمُ أنّ ذاك مــــن الكِياسَــــة
فما معنى المبادئِ بعــــــد هـــذا
وكيف أُزيلُ عن قلبي الْتباسَــــه
وهل يبقى مِن البنيــانِ رَسْــــمٌ
إذا الأضرارُ قد بَلغتْ أساسَــــــه
وهل ترضى عدوكَ لي صديقــــاً
أَكُفُّ به صديقــــكَ وافتراسَـــه
والشعب السوري قاسى من ظلم إيران أكثر مما قاسى من اليهود عبر التاريخ...
وأنعتهُ( حبيب الشام) إِذْ مـــــا
رمى (إيرانَ) خِنجَرهُ وفاسَـــــه
فمثلكُ إنّني قد ضقتُ ذرعــــــاً
كلانا اليومَ قد عانى وقاســــى
فلا تغضبْ إذا تاجرتُ يومــــــاً
وكانتْ صفقتِي مَعَهُ (حَمَاســـا)
فمهــــلاً أيّها المخدوعُ مَهــــلاً
فقدْ خانتكَ أحداقُ الفَراسَـــــة
ولا تُفســـدْ جِهــاداً مِنْ عَبيـــــرٍ
تَفتّــحَ وَردُهُ (فُــلاًّ ) و(آســـــا )
فوا أسفـــاه وا أسفـــاه إنـِّــــي
أرى الأغصـانَ قد صارت يَباســا
ويعالج الشاعر د. معتصم الحريري أحوال العراق وجراحه، فيقول مؤكدا على حرمة الدم المسلم:
بالله مابال العراق. بالشر يحترق احتراق
ويكادُ من أحزانهِ. يقضي بكاءً واختناق
قد ضاع مابين الطوائف. والمذاهب والنفاق
الكل يعرض سلعة ويصيح في سوق الشقاق
أو لم يكونو إخوة. مابالهم قطعوا الوثاق
وغدا العدو هو الصديق. يعد من أغلى الرفاق
ودماء أبناء العمومة. دون أسباب تراق
الموت أصبح لعبة. والشعب فيه على سباق
فليضحك المحتل هذا. ما أراد من الفراق
وليشرب البترول خمرا. من شرايين العراق
وأخيرا:
ما زال الشاعر د. معتصم الحريري يكتب الشعر؛ ويتفجر عطاء وحيوية..
أرجو الله أن ييسر أمره، فيطبع شعره الإسلامي والوطني لتعم الفائدة بين إخوانه وأحبابه.
مصادر الدراسة:
١_ صفحة معتصم الحريري على الفيسبوك.
٢_ مواقع إلكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1064