نظرية الإمامة لدی الشيعة.. عرض ونقد 21
نظرية الإمامة لدی الشيعة.. عرض ونقد
خالد سندي
الحلقة (21) الأخيرة
هل يجوز التدين بالتشيع الإثني عشري ؟
بعد دراسة نظرية أو عقيدة الإمامة والآثار التي تركتها في عقائد وسلوك فرقة الشيعة الإثني عشرية، والوقوف علی تلك العقائد، يبقی سٶال محوري لابد من طرحه، هل يجوز التدين بالتشيع الإثني عشري وهو مبني علی تلك العقائد ؟ تعتبر الحلقات من الحلقة (7) إلی الحلقة (19) من هذه الدراسة، وهي من الآثار التي خلفها الإعتقاد بالإمامة، جواب هذا السٶال. لكن ربما يصعب الرجوع إلی كل تلك الحلقات، لذلك أذكر عناوينها أولا، وثم أقتبس بعض روايات القوم التي أوردناها تحت تلك العناوين لينبلج الحق لكل ذي بصيرة أو ألقی السمع وهو شهيد، وعناوين الحلقات هي؛
1- عدم الإعتراف بالله تعالی وبنبينا محمد (صلی الله عليه وسلم)، (الحلقة 7).
2- عقيدة وحدة الوجود، (الحلقة 8).
3- عقيدة تأليه الأئمة، (الحلقة 9).
4- تحريف القرآن والتشكيك فيه، (الحلقة 10).
5- نبذ السُّـنة وإسقاطها، (الحلقة 11).
6- تكفير الصحابة وكل المسلمين وهدر دمائهم وإستحلال أموالهم، (الحلقة 12).
7- الإعتقاد أن أئمتهم يعلمون الغيب، (الحلقة 13).
8- الإعتقاد بعصمة أئمتهم، (الحلقة 14).
9- الإعتقاد بالرجعة، (الحلقة 15).
10- عقيدة التقية، (الحلقة 16).
11- الإعتقاد بالمهدي المنتظر، (الحلقتان 17- 18).
12- الإعتقاد بولاية الفقيه، (الحلقة 19).
مما لا شك فيه أن الإعتقادات التسعة الإولی، كل منها كفر صريح، ومعتقدها كافر خارج عن الملة، ولكن إذا ما إجتمعت كل تلك الإعتقادات في شخص أو فرقة، أي ?ان معتقدا بكلها ف?فره آنئذ كفر مركب، مركوم بعضه فوق بعض. وأما الثلاثة الإخيرة فقد بنيت عليها إعتقادات هي كفر صريح.
وبخصوص العقيدة الأولی، عدم الإعتراف بالله تعالی وبنبينا محمد (صلی لله عليه وسلم)، يقول نعمة الله الجزائري، (المتوفي في 1112هـ) الذي يصفونه بـ (العالم العامل والكامل الباذل، صدر الحكماء ورئيس العلماء)،هذا "العالم العامل.." يقول في كتابه (الأنوار النعمانية)؟؟!!: " إنا لا نجتمع معهم - أي مع السنة - على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك أنـهم يقولون: إن ربـهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر. ونحن لا نقول بـهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا (١).
لا أعتقد أن كلامه هذا، وتلك العقيدة، تحتاج إلی توضيح، فهي كفر صريح، ومعتقدها خارج عن الإسلام تماما، وأوضحنا في الحلقة (7) كيف أنهم لا يٶمنون بالله تعالی وبنبينا محمد (صلی الله عليه وسلم).
وعن عقيدة وحدة الوجود التي تجعل الخالق والمخلوق شيئا واحدا، لم يختلف في كفر معتقدها وقائلها إثنان من المسلمين، بل والحق الذي لا مرية فيه أن معتقدي وحدة الوجود أشد كفرا من المشر?ين الذين بُعِث فيهم النبي (صلی الله عليه وسلم)، لأنهم كانوا يقرون بوجود الخالق ويباينونه عن المخلوقين، أي كانوا يٶمنون بربوبية الله تعالی وخالقيته، وبمربوبية المخلوقات ومخلوقيتهم. ووردت آيات كثيرة في القرآن الكريم في هذا الباب (آتي إليها فيما بعد)، بيد أنهم كانوا يعبدون الأصنام والأوثان ظنا منهم أنها تقربهم إلی الله زلفی، كما جاء في قوله تعالی: " مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ" سورة الزمر/3، فصاروا مشركين من هذه الجهة، وإيمانهم بوجود الخالق، عزوجل، لم ينفعهم، لأن العبادة يجب أن تكون خالصا لله وحده لا شريك له، ولا يجوز صرف شيء منها لأحد المخلوقين، كما يقول الله تعالی: " فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ " سورة الزمر/2. " أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " سورة الزمر/3. وقوله تعالی للنبي (صلی الله عليه وسلم): " قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي" سورة الزمر/14. وقوله: " فَادْعُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كرِهَ الْكافِرُونَ " سورة غافر/14، وقوله: " هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " سورة غافر/65،
وفي موضوع (عقيدة وحدة الوجود) تطرقنا إلی أقوال علماء الشيعة الإثني عشرية، وفي مقدمتهم الخميني، في وحدة الوجود، وإستدلالهم بالقول المنسوب لأحد أئمتهم: " لنا مع الله حالات هو هو، ونحن نحن، وهو نحن، ونحن هو ". وإلی جانب ذلك بينا تأييد وتأ?يد كبريات مراكزهم، منها مركز الإبحاث العقائدية التابع لعلي السيستاني الذي يعد من أكبر مراجعهم المعاصرين، لتلك العقيدة، ولم نسمع أو نقرأ أن أحدا من علماء الشيعة الإثني عشرية أنكر علی الخميني أو غيره القائلين بوحدة الوجود قولهم أو معتقدهم، أي أنها من عقائد هذه الفرقة، لذلك ي?ون لهم نفس حكم أصحاب عقيدة وحدة الوجود.
وفيما يخص عقيدة تأليه الأئمة أوردنا روايات كثيرة من مراجعهم الموثوقة عندهم أنهم يجعلون "الأئمة" جزء من الله تعالی، ويعتقدون أن الأئمة مخلوقون من نور الله، وأنهم يد الله وعينه وقلبه ونفسه.
وفي نفس السياق نقلنا قولا لأحد علمائهم، التبريزي الأنصاري في كتابه اللمعة البيضاء، يجعل علي بن أبي طالب إلها وندا لله تعالی، إذ يقول: (( وكذا الكلام في إطلاق روح الله على عيسى (عليه السلام)، ونفس الله على علي (عليه السلام)، وهذا المعنى جار في المقام، سواء جعل الإضافة للإعظام، أو لنحو التشبيه في المقام))، لا عجب بعد ذلك أن تراهم يخلعون علی "أئمتهم" نفس صفات الله، إذ يروي الكشي عن أبي جعفر أنه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((أنا الأول، وأنا الآخر، وأنا الظاهر، وأنا الباطن، وأنا وارث الأرض))، وهي نفس الصفات التي وصف بها الله تعالی نفسه في القرآن المجيد، إذ يقول: " هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " سورة الحديد/3. وقوله تعالی: " إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ " سورة مريم/40،
وليس هذا فحسب، بل يجعلون "الأئمة" أربابا من دون الله، ويضفون عليهم صفات التخليق وتدبير الكون، من الإحياء والإماتة، وإنزال المطر وإنبات الشجر وغيره، ويدعون أن علي بن أبي طالب حي لا يموت، رغم أنه قتل غدرا علی يد شيعته الذين إنشقوا عليه، لذلك ينسب المجلسي إليه القول: (( أنا أحيي، وأنا أميت، وأنا حي لا أموت)). ويعزون إليه القول أيضا: أنا دحوت أرضها، وأنشأت جبالها، وفجرت عيونها، وشققت أنهارها، وغرست أشجارها، وأطعمت ثمارها، وأنشأت سحابها، وأسمعت رعدها، ونورت برقها، وأضحيت شمسها، وأطلعت قمرها، وأنزلت قطرها، ونصبت نجومها، وأنا البحر القمقام الزاخر، وسكنت أطوادها، وأنشأت جواري الفلك فيها، وأشرقت شمسها))، يا تری ماذا بقي لله تعالی ؟؟!!
في حين ما كان المشركون يعزون شيئا من ذلك إلی آلهتهم، بل يٶمنون بربوبية الله تعالی وأنه وحده الذي يحيي ويميت ويرزق ويدبر الأمر، وفي ذلك يقول الله تعالی:
" قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ " سورة يونس/31،
" قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨٤﴾ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكرُونَ ﴿٨٥﴾ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿٨٦﴾ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٨٧﴾ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨٨﴾ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ ﴿٨٩﴾ سورة المٶمنون،
" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴿٦١﴾ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٦٢﴾ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٦٣﴾ سورة العنكبوت،
" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " سورة لقمان/25،
" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ عَلَيْهِ يَتَوَكلُ الْمُتَوَكلُونَ ﴿٣٨﴾ سورة الزمر/38،
" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ " سورة الزخرف/9،
" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ " سورة الزخرف/87،
الملاحظ من هذه الآيات أن المشركين كانوا مقرين بتوحيد الربوبية ومٶمنين به، إي ما كانوا يجعلون لله تعالی شريكا في ذلك، لكن الشيعة الإثني عشرية يعطون هذا النوع من التوحيد إلی أئمتهم، فبذلك يكون كفرهم أشد من كفر المشركين الذين بعث الله تعالی فيهم نبيه محمد (صلی الله عليه وسلم).
وعلاوة علی ذلك ينظر أقطاب هذه الفرقة إلی أئمتهم كآلهة، فمن هذا نراهم في تفاسيرهم وكتبهم الأخری يفسرون لفظ الجلالة (الله) والإله والرب، بالإمام.
جاء في تفسير العياشي عند قوله تعالی ﴿وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ﴾ سورة البقرة/238. قال: طائعين للأئمة، أي أنه فسر لفظ الجلالة (الله) بالأئمة، وجعل الإمام هو الله، تعالی الله عما يصفه المشر?ون.
وفي نفس التفسير نقرأ تفسيره لقوله تعالی: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا إِلَـٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ..﴾ سورة النحل/51. قال: يعنى بذلك، ولا تتخذوا إمامين، إنما هو إمام واحد، أي أنه فسر كلمة (إله) بالإمام، وجعل الإمام إلها.
وفي بحار الأنوار (٢)، يفسر قوله تعالى: " أإله مع الله بل كثرهم لا يعلمون " قال: أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد ، أي فسر (الأله) بالإمام، وجعل الإمام هو الإله.
ل?ن أنظر إلی ?لام الله تعالی السابق في سياق الآية التي فيها، وما قبلها من الأيات وما بعدها، لتری ?يف أن الآيات ?لها تتحدث عن ربوبية الله وحده لا شريك له وألوهيته، يقول الله تعالی:
" قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّـهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ تَعَالَى اللَّـهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٦٤﴾ " سورة النمل.
وحسب تفسيره فإن هذه الآيات وما قبلها وما بعدها ?لها تتحدث عن ربوبية الإمام وألوهيته وتوحيده !! فهل ثمة ?فر وشرك أ?بر من هذا ؟
وفي تفسيره لقول الله تعالی: (( وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) سورة الكهف/110. قال: التسليم لعلي، لا يشرك معه في الخلافة مَن ليس ذلك له ولا هو من أهله، أي جعل علي بن أبي طالب رب العباد، لأن الله تعالی يخاطب النبي (صلی الله عليه وسلم)، في هذه الآية، والآية بتمامها هي: " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " سورة ال?هف/110،
ويقول الخميني عن قوله تعالی: (( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)) سورة الرعد/2. أي رب?م الذي هو الإمام (٣). والخميني، عليه من الله ما يستحق، هنا يجعل الإمام رب العباد. وللتأكد من ذلك، أنظر إلی محل كلمة (ربكم) من هذه الآيات الثلاث في سورة الرعد، لتروا كيف جعل "الإمام" هو الرب، في حين أن الله تعالی يقصد نفسه لا غيره:
" المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ اللَّـهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴿٢﴾ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٣﴾ ".
مع هذا الغلو المفرط والفاحش في الأئمة، لم يقف غلو الشيعة الإثني عشرية عند هذا الحد، بل جاوزه وتخطی كل حدود الكفر، حتی جعلوا الله، سبحانه وتعالی عما يصفون، عبدا من عبيد أئمتهم، عياذا بالله تعالی، حيث يزعمون أنه يهبط من السماء، فيزور هو وملائكته والأنبياء قبر الحسين؛
يذكر الملا المجلسي في بحار أنواره ؟! عن يونس بن وهب القصري، قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فقلت: جعلت فداك، أتيتك ولم أزر أمير المؤمنين عليه السلام، قال: بئس ما صنعت، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة، ويزوره المؤمنون ؟
وجاء في كامل الزيارات عن صفوان الجمّال أنه قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام: لما أتى الحيرة، هل لك في قبر الحسين ؟ قلت: وتزوره جُعِلتُ فداك؟ قال: وكيف لا أزوره، واللهُ يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء.
هذا هو الإله الذي يٶمنون به، وهذا هو سر قول نعمة الله الجزائري السابق " إنا لا نجتمع معهم - أي مع أهل السنة - على إله ولا على نبي ولا على إمام..
ولو جمعنا ما جاء في كامل الزيارات وبحار الأنوار إلی تفسير العياشي والخميني إلی الآيات السابقة، إضافة إلی الراوايات السابقة التي تقول أن علي بن أبي طالب هو الأول والآخر والظاهر والباطن.. وأنه هو الذي يحيي ويميت، وأنه دحی الأرض.. سوف تنجلي حقيقة هذه الفرقة، وسوف تنقشع عنها كل سحب الشك، وحقيقتهم هي أنهم لا يٶمنون بالله تعالی، بل يٶمنون بأن أئمتهم هم الآلهة.
يا تری هل هناك كفر أشد من هذا الكفر ؟
وبخصوص القرآن، هذا الكتاب السماوي العظيم أيضا لم يسلم من ألسنة الشيعة الإثني عشرية وأياديهم، فقد طالته تلك الألسنة الخبيثة والأيادي الآثمة، فإذا كان سلفهم، المشركون في الجزيرة العربية، وصفوا كتاب الله تعالی المعجز، بالسحر وأساطير الأولين، وقول البشر، وما إلی ذلك من الإفتراءات، كما جاء ذلك في القرآن الكريم؛
" فَقَالَ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴿٢٤﴾ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴿٢٥﴾ " سورة المدثر.
" وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ " الأنعام/25،
" وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ " سورة الأنفال/31،
" وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ" سورة النحل/24،
" وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " سورة الفرقان/5،
" لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ " سورة النمل/68،
إذا كان ذلك موقف المشركين من كتاب الله الذي أنزله لهداية البشرية، وحاولوا بما أوتوا من قوةٍ التشكيك فيه والحط من قدره والتقليل من تأثيره في النفوس، فقد جاء أخلافهم من الشيعة الإثني عشرية ليكملوا المشوار، وليحرفوا هذا الكتاب العظيم ويشككوا فيه ويتلاعبوا بآياته، ومن ثم ليتهموا الآخرين بتحريفه، وقد أوردنا في الحلقة (10) في مبحث (تحريف القرآن والتشكيك فيه) روايات كثيرة من مصادرهم الموثوقة والمعتمدة لديهم، لكن ولبيان المقصد أكتفي بهذه الرواية التي رواها الكليني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن القرآن الذي جاء به جبرئيل (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه وآله) سبعة عشر ألف آية "(٤).
وألف "آية الله" النوري الطبرسي كتابا سماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب الأرباب)، والعنوان غني عن بيان مراده، لذلك لا حاجة للتعليق عليه. فقد جمع فيه أكثر من ألفي رواية حول التحريف. وليس من عالم من علمائهم إلا ويدلي بدلوه، بشكل أو بآخر، في هذا الموضوع ويقول بتحريفه، ولهذا السبب يستحيل أن تری عالما من علمائهم ي?فر القائلين بتحريف كتاب الله تعالی.
ولا شك أن القول بتحريف القرآن أو التشكيك فيه، هو كفر بواح وخروج من الدين كليا، وهو إجماع المسلمين في عصر ومصر.
وبالنسبة لسنة النبي (صلی الله عليه وسلم) فقد أسقطوها كلية ونبذوها وراء ظهورهم، فليس عندهم سنة، لذلك ليس عندهم حتی كتاب واحد خاص بسنة النبي (صلی الله عليه وسلم). وعندما يتحدثون عن السنة، فإنما يقصدون بسنة أئمتهم، لا سنة رسول الله (صلی الله عليه وسلم)، وحتی إن وجدت عندهم بعض الأحاديث النبوية، فهي إما موضوعة أو في سندها زنادقة أومجهولون أوغلاة أو ضعفاء، أو يوجد إنقطاع في السند.
ومعلوم أن نبذ السنة هو إسقاط لأحد الوحيين، والله تعالی يأمرنا في أ?ثر من آية في القرآن بإتباع النبي (صلی الله عليه وسلم)، منها قوله تعالی: " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " سورة الحشر/7، وقوله: " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " سورة آل عمران/31.
وأما عن تكفير الشيعة الإثني عشرية للصحابة الذين زكاهم الله تعالی وأثنی عليهم وبين رضاءه عنهم في عشرات الآيات، ووصفهم بأفضل الصفات وأعلاها وأزكاها وهي الإيمان، ووعدهم بدخول الجنة، وكذلك هم الذين حفظوا لنا القرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة، وهم الذين أوصلوهما إلينا بكل أمانة وإخلاص، وانتشر الإسلام علی أيديهم، لذلك يعد تكفيرهم كفرا، لأنه تكذيب لكلام الله تعالی وعناد إزاء قوله عزوجل، وإسقاط للقرآن والسنة والإسلام.
وأما عن مزاعمهم بأئمتهم يعلمون الغيب، والتي تطرقنا إليها في الحلقة (13)، فهي أيضا كفر، لإنها تكذيب لكلام الله تعالی الذي ذكر في آيات كثيرة أن الغيب لله وحده لا شريك له، وأن أحدا من المخلوقات لا يعلم شيئا عن الغيب.
وكذلك الحال مع إعتقادهم بعصمة أئمتهم والأعتقاد بالرجعة وما إلی ذلك من الإعتقادات الباطلة المخالفة للعقيدة الإسلامية التي جاء بها النبي (صلی الله عليه وسلم).
وفي هذا المقام أود التذ?ير أني لم أتناول في هذه الدراسة كل عقائد الشيعة الإثني عشرية، التي هي نتاج الإعتقاد بالإمامة، بل هناك عقائد أخری، كالقول بالبداء، وعبادة القبور، وإستغاثة الأئمة في الشدة، والإستعانة بالأموات وطلب الحاجات منهم، وتفضيل الأئمة علی الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، وهي كلها من صلب عقائدهم، وكلها ?فر صريح.
ومما يجدر ذكره أن المشركين القدامی كانوا يعبدون الإصنام والأوثان في الرخاء، ل?نهم كانوا ينسون تلك المعبودات عند الضيق والكربات، وكانوا يتوجهون إلی الله وحده ويستغيثونه، كما جاء ذلك في القرآن، " هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ " سورة يونس/22، أما الشيعة الإثني عشرية في الرخاء وفي الضيق سواء، لا يدعون ولا يستغيثون إلا أئمتهم.
وليس هذا فحسب، بل حتی شهادتهم تختلف عن شهادة المسلمين، فقد جعلوها ثالوثا، تيمنا بثالوث النصاری، وذلك بإضافة شهادة ثالثة الی الشهادتين، وهي " وأشهد أن عليا ولي الله "، ولا يكون المرء عندهم مٶمنا إلا بالنطق بتلك الشهادة المزورة.
وإذا كان قوم نوح (عليه السلام) عبدوا ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا باعتبارها تماثيل رجال صالحين، فإن الشيعة الإثني عشرية يعبدون أوثانا بأسماء علي والحسن والحسين و.. وإذا كان بعض المشركين في الجزيرة العربية جعلوا الملائكة بنات الله تعالی، فإن الشيعة الإثني عشرية جعلوا أئمتهم عين الله ولسانه وقلبه ونفسه ويده وجنبه وعيبة علمه. وإذا كان فرعون إدعی الألوهية، دون أن يدعي الربوبية، فإن الشيعة الإثني عشرية يدعون الألوهية والربوبية لأئمتهم، ويجعلون الله تعالی عبدا لأئمتهم، كما مر، تعالی الله عما يصفه المشركون، ومن هذا المنطلق فإنهم لا يٶمنون بربنا ولا بنبينا محمد (صلی الله عليه وسلم)، لذلك أقول: إن الشيعة الإثني عشرية أشد كفرا وشركا من كل الكفار والمشر?ين في التاريخ، فعليه لا يمكن إعتبارهم حتی فرقة ضالة، بل هي فرقة من فرق المشركين المتشيطة غضبا علی الإسلام والمسلمين، ويتحرقون حقدا عليهما، ولهذا السبب ?انت سيوفهم دوما، وإلی الآن، في ظهر المسلمين.
ورغم ما يری المرء من تناقضات شديدة في عقائدهم، بحيث لا تری عقيدة من عقائدهم إلا وبإزائها عقيدة مناقضة لها، إلا أنها لا تٶثر في الإتجاه العام ولا ترفع عنهم الكفر، لأنها كلها تصب في إتجاه واحد وهو الغلو في "الأئمة".
وبناءا علی هذه العقائد الباطلة فإنه تسري عليهم كل الأحكام التي تسري علی الكفار والمشركين.
(١) الأنوار النعمانية. ج2. باب نور في حقيقة دين الإمامية. ص191. طبعة 2008. وأما في طبعة إيران- تبريز. ج2. ص278.
(٢) بحار الأنوار. ج23، باب21، تأويل المؤمنين والايمان والمسلمين والاسلام بهم وبولايتهم. رقم الرواية: 18،
(٣) مصباح الهداية. الخميني. ص155.
(٤) الكافي. ج2. كتاب فضل القرآن. باب النوادر. الرواية رقم:28.