عمر يظهر في القدس- نجيب الكيلاني

يحيى بشير حاج يحيى

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

تتخيل هذه الرواية عودة عمر بن الخطاب إلى الدنيا بشكل مفاجئ، ويظهر في القدس بعد النكبة التي أصابت العرب والمسلمين عام 1967م، فيدهش من مظاهر التغيير التي حدثت في المدينة، ويتألم للواقع السيء الذي يعيشه المسلمون، فيشخص الأدواء، ويعطي حلولاً لها.

ومن خلال خوف الصهاينة من هذه الشخصية وعدم تصديقهم بحقيقتها، وخشيتهم أن يكون صاحبها أحد رجال المقاومة، تبرز مهمة الفتاة اليهودية (راشيل) لكشف هوية هذا القادم، فتعجب به وتتأثر بأحواله! ثم يلقى القبض عليه بعد حادثة تفجير، ويؤتى به إلى مستشفى يضم عدداً من الأطباء العرب، ومن خلال الضجة التي أحدثها وجوده، تحاول السلطات الصهيونية اغتياله، ويسعى الأطباء العرب إلى تهريبه.

وفي أحد الأيام يستيقظ الجميع فلا يجدون أثراً للخليفة، إذ يختفي فجأة كما ظهر فجأة، فتقتل راشيل، ويسجن الأطباء بتهمة الاشتراك في شبكة جاسوسية يتزعمها شيخ فدائي يدّعي أنه عمر بن الخطاب!

لقد هدف المؤلف أساساً إلى صنع مواجهة مثيرة بين الإسلام والفلسفات المعاصرة، بين الإسلام ممثلاً في عمر بن الخطاب، والفلسفات المعاصرة ممثلة باليهود الذين احتلوا القدس عام 1967م، وبالماركسيين من ذراري المسلمين وغيرهم، وبالعلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة في زماننا. (رحلتي مع الأدب الإسلامي – نجيب الكيلاني). وقد نجح إلى حد ما في استدعائه لهذه الشخصية التاريخية العظيمة التي تبدو على مستوى الحدث التاريخي، لكنه اقتصر في تعامله معها على أفكار مألوفة ومباشرة، فجعل من عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، مسلماً نموذجياً، ولم يحتفل بخصوصية الشخصية العمرية في تفاعلها مع الواقع، فلم يستنطقها بأبعد مما هو مألوف في المسلم النموذجي المثالي الحق، واقتصر دوره على الكشف عن الأسباب التي أدت إلى الهزيمة في بعدها التاريخي الممتد، فجاءت شخصيته عامة، وملامحه بلا خصوصية قادرة على الإضاءة المطلوبة، ومن هنا فإن الطاقات المذخورة لم تستثمر على الوجه المطلوب في شخصية الفاروق. (في الأدب الإسلامي – قضاياه وفنونه ونماذج منه – د. محمد صالح الشنطي).

وجاءت اللغة مكتنزة بالمفردات الضخمة ذات الإيقاع الجهير، فهي منبرية أكثر منها حوارية. وجاء سياقها الأسلوبي متضمناً ملامح اللغة العصرية، والخلفية المكانية ممثلة في القدس الشريف ظلت وعاء للحدث، فلم يسلط الكاتب ضوءاً كافياً على ملامحها الخاصة، ولا على مجتمعها، واقتصر على جانب واحد، ولعله أراد منها أن تكون رمزاً للعالم الإسلامي برمته، فلم يعن باستنطاق تضاريسها المكانية والبشرية.

ومع هذا فقد خطا الكاتب خطوة واسعة، حين مزج الخيال بالواقع، وربط الماضي بالحاضر، واستخدم الحلم إطاراً.

لقد أحكم الكاتب التخطيط والتنفيذ فجعل الأحداث يأخذ بعضها برقاب بعض، لكنها أدار الصراع بين الخليفة، بما يمثله من قيم وما يعنيه من صحوة، وبين ركام الفساد والشر والقوى التي تمثل الواقع المرير.