أوراق مرمر القاسم المهربة في ندوة اليوم السابع
أوراق مرمر القاسم المهربة في ندوة اليوم السابع
جميل السلحوت
استضافت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، الكاتبة الفلسطينية ابنة شفا عمرو مرمر القاسم، حيث ناقشت باكورة اصداراتها "أوراق مهربة من الأراضي المحتلة" والذي صدر بداية العام 20112 عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمّان.
بدأ النقاش جميل السلحوت فقال:
عنوان الكتاب مثير ولافت للانتباه، وما أن تقرأ الكتاب الذي يحتوي ستين نصّا وتقديمين حتى تعود الى العنوان لتتساءل عن سبب اختيار الكاتبة له، فهل في المحتوى ما يشكل خطرا يستدعي عملية التهريب؟ ، وإذا ما كانت أوراق الكاتبة خطيرة الى هذه الدرجة، فإن نشرها قد فضح أمر تهريبها؟ ونحن هنا ندخل في جدال قد لا نخرج منه، لكن من يقرأ النصوص قراءة فاحصة، سيجد أن للفلسطيني المرابط على تراب وطنه خصوصية فريدة، لا تنطبق على بقية شعوب الأرض، وسبب ذلك هي خصوصية القضية الفلسطينية، وما نتج عنها من تشريد للشعب الفلسطيني، بحيث أعطت تميزا فريدا للتواجد الفلسطيني في أماكن تواجده المختلفة، غير أن فلسطينيي الداخل، أو ما يطلق عليهم فلسطينيو 1948، وهم من تشبثوا ببيوتهم وأرضهم على أرض وطنهم في الجزء الذي قامت عليه دولة اسرائيل، خصوصية لها ما لها وعليها ما عليها، فمنهم من تمّ تشريده وسلب أرضه، فأصبح لاجئا في وطنه الذي لم يغادره، وهم يتعرضون لعملية استلاب قومي واضطهاد طبقي وصراع ثقافي لا يعانيه أبناء شعبهم الآخرون...لذا فإن النشر عن معاناتهم وطموحاتهم هو رسالة مهربة تخطت الحواجز والحدود لتصل الى من يُفترض أن يقرأوها وأن يعوا ما فيها.
ومن هنا جاءت أوراق مرمر القاسم "المهرّبة" وواضح من خلال هذه الأوراق أن كاتبتنا تمتلك لغة أدبية شاعرية آسِرَة، لغة مليئة بفنون البلاغة من استعارة وكنية وتشبيهات، وتقديم وتأخير ومقابلة وطباق...الخ ومخزونها اللغوي هذا قادها الى التلاعب بجماليات اللغة، لتعجن فكرتها بطريقة ساحرة، وتقدمها للمتلقي وجبة شهية ما عليه إلّا التفكير بها، والتمتع بغوايتها.
ومرمر القاسم لم تصنف إصدارها الأول هذا تحت أيّ صنف أدبيّ من الصنوف المتعارف عليها، وكأنها تترك للقارئ حرية تصنيفها، مع إدراكها التام بأنه لا يمكن تصنيفها تحت مسمى جامع لها، فهي كسرت قيود التصنيف وطرقت باب التجريب، طرقته بفلسفتها الخاصة وبفكرها المتقد، فنصوصها في غالبيتها مقالات أدبية، تحمل في ثناياها قضايا سياسية واجتماعية، بعضها يقترب من القصة القصيرة وإن كان يهرب منها، وبعضها فرض نفسه كقصة قصيرة جدا، ومنها ما جاء على شكل قصيدة، وبعضها كان لطرح فكرة معينة، حامت حولها وغلفتها بقالب لغوي بليغ، وهي لم تعتمد على البنيوية اللغوية لتتغنى بجمالية النصّ تاركة المعنى، بل جبلت لغتها وحلقت بها عاليا، حاملة المعنى بأيد مغطاة بقفاز اللغة الحريري، فهي تطرح أفكارا أرهقت عقلها وفكرها وجسدها وذاكرتها، وترهق حاضرها ومستقبلها، وفلسفتها في الحياة ليست ذاتية، بل تنسحب الى الهمّ الجماعي لأبناء جلدتها، طرحت هموما سياسية، وعادات وتقاليد، منها الإيجابي ومنها السلبي، وتطرقت للعلاقة بين الرجل والمرأة، فطرحت المفهوم الدينيّ الذي ينظم هذه العلاقة، وانحازت له مستشهدة بآيات من القرآن الكريم، ومن الأحاديث النبوية الشريفة، لكنها في نفس الوقت لم تكن مباشرة في رفض العلاقات الأخرى، وهي بهذا لم تنصب نفسها واعظة دينية، ولا منظرة في الأخلاق، وهي من نصّها الأول"إلى من أدمن الخيبات" تحسّ بأنين الأرض التي طال انتظارها لفارسها الذي يمتطي جواده الأبيض، لكنها"ولولت مثل الحريم حينما أنجبت من مغتصبها اثنين وستين عاما وخيبة مرمرا"ص12 وواضح أنها كتبت هذا النص في الذكرى الثانية والستين للنكبة، والذي صاحبه الهجوم على سفينة مرمرا التركية، التي جاءت محملة بمواد الإغاثة لقطاع غزة المحاصر. وهي تنتقد تخاذل الأمّة في التعامل مع قضاياها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فتقول ساخرة" وما زال بأيدينا سلاح الشجب والاستنكار"ص15. ولها رأي أيضا في قضية الانسلاخ الثقافي، والانبهار بالعولمة والضياع الفكري فتقول"ليتهم يدركون كما أيقنتَ أن استمرارية الفكر لا تكون إلا حين نستمد الفكر من الحضارة، لأن الماضي فعل تعاكسه ردة فعل مستقبلية"ص53.
يبقى أن نقول بأن كل نص من هذه النصوص يحتاج الى نقاش منفصل ومطول كي نعطيه حقه، وما كتبته لا يتعدى كونه إشارات سريعة لفتح النقاش.
وقال ابراهيم جوهر:
في أوراقها الجريئة تقيم الكاتبة (مرمر القاسم) ثورة احتجاج باللغة ، وفي اللغة
تحتج على الركون القائم بحكم التقليد ، والنصائح ، وتعاليم التربية التقليدية التي تثور عليها الكاتبة ، وتظهر ندمها لأنها استمعت لها ، فأورثتها صفة القبول السلبي . في أوراقها هذه تغوص الكاتبة في ذكرياتها ، وتستحضر تجربتها ممثّلة لمن يشاركها التجربة والمعاناة . وكأني بها توازي كتاب (أحلام مستغانمي ) ؛ (نسيان .كم ) الداعي إلى الحياة بعيدا عن التذلل للذكر . هنا تظهر (أنا) الكاتبة عفيّة تدافع عن قدراتها وإنسانيتها وحقوقها الكاملة غير المنقوصة .
هل يمكن أن تكون هنا تتمثّل الوطن كما تريده ؟!
إن وطنا لا يحترم نصفه المتمم لا يمكن أن يكون حرا كامل السيادة .
تظهر جرأة التحدي والاحتجاج بلا مواربة، ولا ترميز في نصوص الكاتبة المتنوعة ، بل بصراحة في الانتقاد غير خافية، تقدمت الكلمات وهي تفاجئ قارئها بجرأة التعبير حينا، وفصاحته حينا، وبيانه.
الكاتبة استفادت من إمكانيات اللغة في الجناس اللغوي والطباق والمقابلة . وعملت على ذاكرة الكلمات وذاكرة الصور . تلك الصور التي اختزنتها ذاكرة وعيها في طفولتها لتحتج عليها اليوم في هذه الأوراق المهرّبة ، حاملة رسالتها بوضوح غير خاف . فلماذا كانت هذه الأوراق مهرّبة ؟
التهريب هنا ليس كما قد يتبادر لذهن للقارئ من الوهلة الأولى . إنه تهريب من جدر الصمت والخنوع والقبول بالحال القائم، وإن لم يغب الهمّ الوطني والسياسي العام الذي هو خاص أيضا يؤثر في الأقلام والأرواح .
الكاتبة تصرخ وتحتج وتشكو هنا، وتنوّع أساليب احتجاجها .
إنها تجرّب صوتها، وقلمها. وتبني فكرا خاصا يستند إلى رؤيا واضحة في ثنايا فكرها الخاص .
الكاتبة تريد بناء عالمها الخاص كما تراه. وقادها هذا التصور الى الاحتجاج والرفض والبكاء والغضب، والثورة. كتبت بسخرية، وبثقة بالذات، ونقلت معاناتها الموجعة .
ثورتها في نصوصها التي جاءت وفق حالاتها النفسية ومعاناتها الخاصة هنا تقدّم للدارس المهتم ميدانا للغوص والتحليل والوقوف على جوانب خافية في المعاناة .
هنا التعبير يقود إلى البوح، والصدق . كما يقود إلى الغضب حين تعاد الذكريات وتستحضر المعاناة مرة أخرى .
هنا كاتبة تتمرد ....هنا كاتبة تؤسس ....هنا كاتبة تهرب وتهرّب، تهرب من واقع تنتقده. وتهرّب روحها لكي تعيش في مكان لم تسمّه بل ألمحت إليه ...لعله ذاك العالم المأمول في محصّلته النهائية المستمدة من نقيض الموصوف المعبّر عنه هنا .
وجدت تعبيرا خاصا عن ذات الكاتبة، حددت مكامن معاناتها، وطموحها. كانت سيرتها حاضرة بقوة، وتقف وراء الكلمات. فالكاتب عادة ما يكتب نفسه ويخرج روحه إلى العلن والورق .
أشارت إلى حالات الضياع التي تأسر قلبها وروحها. لم تكن جافة ولا جلفة، بل رقيقة حافظت على الأنثى في داخلها، الأنثى التي لا تعني المسكنة والضعف والاستكانة والقبول بكل ما هو موجود ومتعارف عليه اجتماعيا .
تثور على العادات البالية، وتنتصر للحياة .
وقفت على الأرصفة ورأت العمر يمضي بأرصفته وهي على رصيف الحياة .
مرمر القاسم في أوراقها المهربة سخرت، وهذت ،وتمردت . قالت ما تريد بلغة متينة ذات استعارات وتشبيهات ومجازات .
وأرسلت غضبها سريعا على شكل برقيات موجزة ، اقتربت فيها من أسلوب القصة القصيرة جدا .
لم يشغلها هاجس النوع الأدبي كشكل فني بل صبت اهتمامها على المضمون / رسالة التوعية وإشهار الموقف .
إنها تقف بوضوح أمام مرآة ذاتها فتصارحها . تعبّر لها ، ولنا ، ناقلة الكثير مما كوّن ثقافتها الخاصة بموقفها الخاص من الناس والحياة .
إنها تحمل مشروعها الثقافي الخاص بوضوح في ذهنها ، لذا نراها تؤصّل له وتنظّر أحيانا . وتنقل المشكلات التي تقض مضجعها كما رأتها وخبرتها .
هذه الأوراق تستحق الدراسة المعمقة لأنها تحمل موقفا من الحياة والناس . ..ولأنها تفتح أبوابا على الفن التعبيري باللغة والفكر والمعاناة ....ولأنها تشعر بكاتبة تدرك مسؤوليتها تجاه مجتمعها .
وقال سمير الجندي:...من يقرأ نصوص مرمر للوهلة الأولى، يظنها نصوصاً عبثية، فيعود للمرور عليها مرة أخرى، وأحيانا يتطلب الأمر العودة للنصّ الواحد أكثر من مرتين، فيجد فيها عمقا فلسفيا، بخاصة الفلسفة الوجودية، فهي تخاطب النفس، وتخاطب العقل، فتتحدث عن الفكر، والفهم والإدراك، كما تتحدث عن الإحساس، وتدخل في متاهات مفهومنا للضمير وعلاقة ذلك بالنفس البشرية، ص 22-23...
في حقيقة الأمر، إنني احترت من أين أدخل في تحليلي الأدبي لنصوص الكاتبة، ولكنني في النهاية، قررت البدء من حيث الفكرة التي عرجت عليها كاتبتنا في نصها الأول" إلى من أدمن الخيبات" فقد شبهتْ في هذا النص الإدمان على الفكرة كمن يدمن على التدخين، فالشخص يستطيع الخروج من حالة الإدمان إذا ابتعد عن التدخين، لكنه لا يستطيع التخلي عن أفكاره... فما هو مفهوم الفكر؟ هل هو مفهوم مجرد؟
نعم، إن الفكرة مفهوم مجرد؛ إذ هي مجمل الأشكال والعمليات الذهنية التي يؤدّيها عقل (ذهن) الإنسان، والتي تمكنه من خلق نموذج العالم الذي يعيش فيه، وبالتالي تمكنه من التعامل معه بفاعلية أكبر لتحقيق أهدافه وخططه ورغباته، وغاياته.
ويرتبط بالفكر مفهوم الإدراك، والوعي، والفهم، وشدة الإحساس، ثم الخيال الذي يساعد الإنسان على رسم الصور وتصويرها بدقة بحسب تفاعل الخيال مع الفكرة...
والجدير ذكره هنا، أن عملية التفكير مرتبطة ارتباطا وثيقا بالخبرات التي يحملها الشخص في ذاته، وتسهم تلك المعلومات في حلّ مشكلاته، ثم يتبعها الاستنتاج الذي يتبعه قدرة الفرد على اتخاذ القرارات، فالتفكير أعلى درجات الإدراك، ويندرج تحتها تحليل المعلومات؛ (طبيعة قوانين المجتمع)ص45 وعلاقة الإنسان بهذه القوانين، وأثرها في بناء الشخصية، من الخبرات التي تؤثر تأثيرا مباشرا على قرارات الفرد في المجتمع ...كل منا يأتي عليه وقت خلال لحظات حياته، يسرح مع نفسه، يفكر، يتخيل يراجع شريط حياته، أحيانا يصاب بالسعادة وأحيانا بالحزن لدرجة الكآبة...
تناولت الكاتبة هذا الأمر بصورة طبيعية لا تكلف فيها، وكأنها تنقل حالة من حالاتها الذاتية، كأنها اغتصبت لحظة زمنية للتتفرغ للتفكير، فهي تتساءل:" ماذا يحلّ بعظام المدفون بعد عام"؟ص12 هي لا تقصد هنا العظام نفسها إنما الفرد نفسه عندما يوارى التراب، يصير نسيا منسيا، هذا ما يحدث، وخاصة للضحايا، فالسّاسة هم كحفاري القبور، والمتسلقون حفارو قبور، والمستغلون حفارو قبور، هم يفكرون، تتفتق عقولهم عن خطط جهنمية للسيطرة على كل شيء تطاله عقولهم...
الأنا في نصوصها هي:
شخصية الكاتبة، في حالاتها المعتدلة، هي تقبل بعض التصرفات من هذا وذاك، وتربطها بقيم المجتمع وقواعده، تحاول إشباع بعض الغرائز التي يتطلبها (الـ هو)، ولكن في صورة متحضرة يتقبلها المجتمع ولا ترفضها الكاتبة، أقتبس من النص ص 25" دخلت كثيرا في تفاصيل الأنا، وبحثت عنك، فلم أجد فيها غير ذاكرة مثقلة عبء الماضي"...
استخدمت الكاتبة، لغة فنية، شاعرية، لا تخلو من الصورة، واستطاعت تحويل الفكرة، بل مجموعة الأفكار إلى نصوص أدبية، باستخدام لغة مناسبة ملائمة للأفكار التي طرحتها في نصوصها، مجموعة النصوص أوراق مهربة، لا يمكن دراستها والكتابة عنها في عجالة من أمرنا، يكفي أن نتناول نصا من نصوصها بالدراسة والتحليل لنجد عمق ما فيها من معلومات وقضايا تختفي خلف الكلام الظاهر للنصوص، فما يميز النصوص في هذا المقام، الرمزية في الكلمات والصور والجمل، تجعلنا نقف متسائلين حيارى، أمام كل فقرة من الفقرات، لذلك فإنني أكتفي بهذه المصافحة، على أن أتناول نصاً من نصوص المجموعة في وقت لاحق...
وقال طارق السيد: كتاب يحمل أوراقا كما أسمته صاحبته، أوراق نقد اجتماعي أو فلسفة حياتية وفي بعض الأحيان ثورة على الاوضاع السياسية التي صبّت جامّ غضيها بها على التخاذل العربي، دون الحديث بشكل واضح عن المحتل في الأرض المحتلة كما جاء في العنوان.
في بداية الكتاب وضع التقديم وهو من ضرورات أيّ عمل أدبي، ولكن ما كتب تحت مسمّى مدخل في صفحة(9) كان نوعا من حشو الكلام غير اللازم، ولم يخدم النصّ الأدبيّ، ومثال ما قال صاحب المدخل عن الأوراق "منحها قيمة فنية موضوعية اتسمت بمنهجية أدبية متأنية بانورامية سردية غابت عنها المصطلحات والمفردات الشكلانية، مما عمق التميز بالمضامين والأدوات للمسائل الفنية والموضوعية من حيث اللغة الذاتية المتدرجة، ضمن نسق إبداعي واع متمكن".
حملت المقالات عناوين عديدة لمواضيع متعددة" لكاتبة تحمل في صدرها ثورة عارمة" تطيح بكل ما تصدمه كلماتها" والجهد الواضح في اختيارها لكلمات تناسب عملها الأدبي، واستخدامها لأساليب التعنيف في النصوص .
لقد غلبت الخاطرة والفلسفة على المقال، ولكن إذا كانت الكاتبة قد خاطبت في نصوصها القارئ البسيط ، أو لنقل متصفح الصحف، فإنها ستواجه صعوبة، أمّا اذا كانت قد خاطبت في نصوصها مثقفا فوق المتوسط فإنه سيستحسن ما يقرأ.
سأذكر بعض الملاحظات التي اخترت الحديث عنها وهي :
أولا:عبارات من صنع الكاتبة لها مذاق أدبي جميل مثل :
1. يختصر التاريخ على أبواب الكتب مخلفا بعض رصاصات باردة صفحة 16
2. كأن قهوتي لم تعدل مزاج قلمي صفحة22.
3. خارج الجسد تتحدث عن التشرد .
ثانيا: الخلفية العقائدية واضحة وذلك من خلال الاستعانة ببعض الآيات والأحاديث النبوية في النص .
ثالثا: الاقتباس مثل ما ورد صفحة (27) تحت عنوان لا تسأل الحر لما تخون هي اقتباس من قصيدة القدس عروس عروبتكم للشاعر مظفر النواس.
رابعا:كان هناك بعض العبارات التي تعاني من ضعف في التعبير مثل:
1. هل قابلت امرأةً تلعق اللذة من الألم.......... كان من الأفضل قول تتألم في تلذذ،صفحة13.
2. طقطقة عظام الجرح ولا يمكن مقارنة الطقطقة بالجرحص17
3. تشبيه غير موفق في مقارنة العقل بالحذاء صفحة 47
4. في حالات قصوى صفحة (18) كان من الأفضل قول (لم يبق منك أيّ شيء بدلا من قول لم يبق بحوزتك كل شيء".
وأخيرا من غير اللائق وصف ورقة عقد الزواج بالورقة البالية صفحة24.
5. الغلاف بعنوان جذور لا تموت والصورة هي لجذور ناشفة ممزقة.
وقال رفعت زيتون:
مرمر القاسم في هذا الكتاب كما لو كانت في زيارات مكوكية لنفسها كلّما دعتها نفسها للحديث، أو للفضفضة ولأنّها أكثر التصاقًا بها، ولأنّها الأقرب لها، والأكثر ثقة بها، فإنّها كانت في زياراتها هذه تبوح بما يقال وما لا يقال.
لذلك خرجت الكثير من الفقرات على شكل فضفضة بمنظور ذاتي، وحسب رؤيتها هي خاطبت أكثر ما خاطبت ال ( هو ) كرجل ومجتمع وتقليد وفكر ومعتقد، ومن يعرف مرمر يعرف أنّها تضع الأمور في إطارها، وتعطيها حجمها دون مواربة ودون مجاملة، وتقول للقبيح قبيح، وللجميل جميل، لذا حاولتْ من خلال كثير من هذه الخواطر والهمسات أن تعرّي كثيرًا من هذه القضايا، وأن تزيل عنها ذلك الثّوبَ القناعَ لنراها على حقيقتها لكن بعينها هي .
لهذا طرقت باب الصّعب، ولمْ تسِرْ بطريق العاديّ المبتذل، بلْ سلكتْ من الطّرق أكثرها وعورة، لتصلَ إلى رسم شكلها الأدبيّ الذي تريد، وربّما نجحت في الكثير، وربّما كان التعقيد والغموض سببا في عدم وضوح الرؤية في طريقها، وأنا كقارئ أوقعني ذلك أحيانا في شباك عدم الفهم، مما جعلني أعيد القراءة لبعض الفقرات عدة مرّات، ولا أنكر تركي لبعض الفقرات إعياءً وأنا أدور في فلك حروفها لأعودَ إلى ذات المكان من قصور الفهم .
ولو ذهبتُ باتّجاه اللغة للحديث عنها هربا من الفلسفة التي لا أتقن المشيَ فوق رمالها المتحرّكة، فإنّني أقول أنّ مرمر القاسم قد أبدعت في خلق الصّورة القويّة، وتميّزت في جُمَلِها بيانا ومجازا، والنّصوص تعجُّ بالأمثلة الدّالة على ذلك، ممّا جعل الفقرات والحروف باقة معطّرة من النّثر الجميل، ولكني بالمقابل لا زلت أرى أنّ إنتاجها الأدبيّ بحاجة إلى المزيد من التريّث قبل الطّباعة، من حيث التّدقيق اللغويّ، فهناك الكثير ممّا يمكننا الحديث عنه، ولو شاءتْ كاتبتنا بيّنا لها ما اعترى هذا العمل من زلل.
ولكنّ هذه التّجربة تعتبر قفزة نوعيّة مقارنة بإصدارها الأوّل، ذلك الإصدار الذي تسقطه الكاتبة ذاتها من حساباتها.
أخيرا أقول أنّ مرمر القاسم حيّرتني هنا بين الجمال و المتعة وبين الانغلاق على المعنى، الذي أشعرني أحيانا أنّني أمام قلعة حجريّة سميكة، أحاول دخول باحاتها بفأس صغيرة.
وشارك في النقاش كل من: د. اسراء أبو عياش، محمد موسى سويلم، راتب حمد وعيسى القواسمي.