مديح لمرايا البلاد

للأستاذ محمود شقير

موسى أبو دويح

كتب الأستاذ الأديب محمود شقير (أبو خالد) الجزء الأوّل من كتابه أو يومياته من سنة 1996م إلى نهاية سنة 1999م الّتي أسماها (مديح لمرايا البلاد). والّذي صدرت طبعته الأولى عن دار الجندي بداية سنة 2012 في 338 صفحة.

عنوان الكتاب (مديح لمرايا البلاد) قدّم له بجملة لمحمود درويش: (نحن لا نطلب من مرآتنا غير ما يشبهنا). وأبو خالد بعد عودته إلى بلاده فلسطين، بعد إبعاده عنها مدّة زادت على ثمانية عشر عامًا، وجد نفسه بعد عودته بين أهله وذويه، وأصحابه وأحبابه، وبلاده ومسقط رأسه؛ ولا شكّ أنّه رأى في بلاده ما يسرّه ويبهج نفسه ويفرح قلبه بالرّغم من وجود الاحتلال البغيض.      

لقد كتب خلال أربع سنوات 212 يوميّة قصيرة، بمعدل يوميّة واحدة كلّ أسبوع؛ وذلك لانقطاع في أول اليوميات مدة ثلاثة أشهر ونصف؛ سنة 1998م حيث ابتدأ يومياته في 16/04/1996، وانقطاع خلال سفره لأمريكا زاد على أربعة أشهر؛ كتب خلالها يومياته في أمريكا، ولكنّه لم يثبتها في هذه اليوميات، آملا أن يخرجها في كتاب مستقلّ عن رحلته إلى أمريكا وإلى غيرها من البلدان.

جاءت اليوميّات بلغة انسيابيّة سهلة سلسة، لا تعقيد فيها ولا تَقَعُّر ولا تمحُّل ولا سفسطة ولا حذلقة، وغلب على اليوميّات النّاحية الإنسانيّة الهادئة الودودة الرّحيمة عند محمود؛ حيث ركّز على علاقته بوالديه –رحمهما الله- وطغى عليها علاقته بابنته أمينة الّتي تعاني من ضمور في العضلات، وحفيده محمود الّذي يعاني صعوبة في النّطق

-عافاهما الله-. كما جاءت النّاحية العمليّة واضحة جليّة في اليوميّات، فكان لعمله في وزارة الثّقافة الفلسطينيّة، في هذه الفترة، نصيب كبير.

ولا يغيب عن البال أنّ قَدْرًا وافرًا منها، كان عن صديقه الشّاعر محمود درويش، الّذي كان له مكانة خاصّة في نفسه، والّذي قال له ذات يوم: "إنّ على الكاتب أن يفعل كما يفعل النّمل أثناء العمل؛ حيث يقوم النّمل بجهود صغيرة، لكنّها مثابِرة، وفي النّهاية تظهر حصيلة العمل".

أبو خالد قارئ نَهِم، ومع هذا فإنّه يطلب المزيد دومًا، ويؤلمه كلّ أمر يحول بينه وبين القراءة والكتابة. وهذا يذكّرني (بابن رشد) الّذي قيل فيه: (لم يجلس "ابن رشد" على عرش العقل العربي بسهولة ويسر، فلقد أمضى عمره في البحث وتحبير الصفحات، حتى شهد له معاصروه بأنه لم يدع القراءة والنظر في حياته إلا ليلتين اثنتين: ليلة وفاة أبيه وليلة زواجه). فمثل هذا الجَلَد على القراءة والكتابة أمر يُغْبط عليه أبو خالد وكلّ من هو على شاكلته.

أبو خالد مع قدرته على الكتابة، وإجادته للّغة، إلا أنّه يراجع ما يكتب مراجعات كثيرة فهو يقول في يوميّاته: (عدت إلى "ظلّ آخر للمدينة"، وأجريت التّصحيحات المطلوبة على الكمبيوتر، وسأظلّ أراجع هذا النّصّ أربعة أشهر أخرى قبل أن أدفع به إلى المطبعة). فليت كتّاب اليوم يراجعون كتاباتهم السّيّئة شهرًا بدل أربعة.

ونذكّر أبا خالد بالملاحظات التالية:

1.               تحذف ألف (ابن) بعد النّداء فتكتب هكذا: (يا بن فلان).

2.               كلمة (أربعمائة) الأحسن كتابتها هكذا: (أربع مئة).

3.               نقول: الأربعينات ولا نقول الأربعينيّات؛ لأنّ مفردها الأربعين.

4.               كلمة (ها أنا ذا) الأحسن كتابتها هكذا: (هأنذا).

5.               ونقول: أنا وفلان وعلان وزيد وعمرو، ولا نقول: فلان، علان، زيد، عمرو وأنا.

وختامًا: اليوميّات رائعة وصادقة تستحقّ القراءة، وننتظر الأجزاء الأخرى.