قراءة في قصائد الشاعرة هيمان رمزي
يوسف هداي الشمري
[email protected]
هيمان رمزي.. شاعرة من أربيل في كردستان العراق، تتألق كلماتها في فضاء سرمدي،لتعانق الجبال، وتطل علينا من عل في نظرة حزينة ذات دمع هطل، فجاءت قصائدها مثخنة بالجراح في مداد لا يكف عن النزيف..
تتسم جل قصائد الشاعرة هيمان رمزي بعاطفة متأججة،تضج بعبارات الشوق والهيام في حالة عشق تستبد بقلمها لينزف جراحاته ألما ممضا.
في قصيدة "ألوان الروح" تناجي الشاعرة المحبوب قائلة:
عند رحيلك
أمسي بلحن
العودة
وأمطرك
بعيني
فالدمع هنا ينساح من مقلتيها كما المطر.ليس هنا فحسب، بل حتى في قصيدة "امرأة من عنب"
تراقصك بدمعها
هي المطر
كحبات عنب
وحين يتسبد بها الجنون، يحيلها قلعة أمام جيشه، ليولي رمحه بالفرار، وبعد أن تفرض سطوتها عليه،تعلن انهزامها أمامه في حالة ضعف كسيرة. فتقول:
فهل
تقبلني أسيرة ؟؟
طوعا لا جبرا
أما في قصيدة"ريشة وورقة وقلم" فتقول:
من شفتيها تناديك ألم
فى عينيها هلاك
هو حب عنيف وقاس بيد أنه نقي وطاهر،إذ يعلن عن افلاطونيته قائلا:
غدا سننشر في الجريدة
ونوقع قانون حب الأفلاطوني
أو كما جاء في نص آخر:
في قميصى
الأبيض
لأنك ملاك
بلون الورد
هذا النقاء يتبدى في البياض الذي يشع في ثنايا نصوص الشاعرة، على هيئة غيوم تارة أو ثلج تارة أخرى.
بين
موجات البحر
تخرج بدمعاتها
كالثلج
أو كما تقول:
أظل أنتظر
سقوط الثلج
كي أتذكر
برودة أيامي
أو كما جاء في قصيدة "صمت الثلوج"
في زحمة الأنتظار
في الشوارع المدوية بصمت الثلوج
رغم كل هذا البياض والذي يعد انعكاس لبياض الحب الأفلاطوني، ثمة بقع حمراء تتفرق هنا وهناك،كأنها جراح تنزف جراء طعنات غدر فتلطخ صفاء ذلك البياض الناصع..
محطة قلبي مكسوة بشراب أحمر..
وفي نص آخر تقول:
والسماء تخجل منها فتصبح حمراء
هي بلا شك قسوة تتأجج في جوانح تلك النصوص،فالأنفاس لها شرر،كما نجد اللهب يحرقنا بشواظه على شكل موقد نار أو بركان.
ويتبدى ولع الشاعرة بالرسم والألوان بحضور "الموناليزا".
ذالك اللغز لم افكه
لم أجده حتى في موناليزا
يعجزالرسام في خيال عينيها
فرشاتي عجزت
ألواني هولاألوان
وعندما يكون اللون هو لا لون والزمن يتوقف وتتجمد الساعات فإننا بالطبع أمام لوحة "ميوعة الزمن" لسلفادور دالي،بل أمام سريالية تتماهى بها الأيام والفصول الأربعة، فتحتار شاعرتنا في زمانها :
أطل واقفة بين
أمسك ويومك
أمسك لي
ويومك الأن
حيرة تأخذها إلى مديات مجهولة في حالة ضياع وسفر دائمين:
أسافر من
أيامك الوردي
في فنجان
عشقك أهيم
أو كما جاء في قصيدة هذا هو قطاري:
فالذي أعرفه هناك قطار
محطته فى قلبى
لعل هذا الشعور متأت من حالة غربة تكتنف روح الشاعرة، وإحساس بالعدم:
تجول الأيا م بما حملت
قتلت حياة فيها لم تولد
أطفأت عمرا لم يكن
أجهضت فيها وليد الأمنيات
هذه العدمية والاحساس باللامكان:
دفنت في مقابر اللاوعي
وشيعت لواحة اللامكان
جعلت روح الشاعرة تسمو بها عاليا، فحلقت بقصائدها كطائر اسطوري فحلق معها الخيال. :
هيام القمر
بخفة الريشة
في الهواء
وفي نص آخر:
سبقت أشواقك وحملتها
غيوما نتلاقى وننصهر
أو كما تقول:
شفعت لها نجوم متناثرة
كي أصبح كوكبها
مدار الشمس أبتسمت
تحليق جاء وكأنه هروب من واقع سوداوي سطرته هيمان رمزي بشكل جلي، في قصيدتها "ألوان الروح" إذ نجد السوداوية تتجلى بوضوح في هذه الكلمات:
عندرحيلك
كل الالوان
تحولت
للأسود
بيد أنه سواد غير دائم، فلا زال بصيص أمل في هذه الحياة فلنستمع للشاعرة كيف تتحفنا بهذه المقطوعة الجميلة:
حين عودتك
لون روحي
بريشتك
كي يخرج
من ضحكاتي
ألوان قوس
قزح
هي بلا شك ابنة اربيل، وشاعرة الحب الافلاطوني.. هيمان رمزي..