"عناق الأصابع" لعادل سالم

"عناق الأصابع" لعادل سالم

موسى أبو دويح

صدرت الطّبعة الأولى من رواية عناق الأصابع لعادل سالم عن مؤسّسة شمس للنّشر والتّوزيع في القاهرة سنة 2010م.

بدأت الرّواية بتنويه من الكاتب حيث وصفها بأنّها ملحمة تاريخيّة تصوّر حياة  الأسرى الفلسطينيّين والعرب في سجون الاحتلال الصهيونيّ البغيض. ولقد جعلها كاتبها واحدًا وخمسين قسمًا، أعطاها أرقامًا متسلسلة وجاءت الرواية في حوالي 360صفحة.

استمدّ الكاتب عنوان روايته: (عناق الأصابع) من واقع السجون اليوم، حيث كان قديمًا زوّار السجون يدخلون إلى غرف المساجين أثناء الزيارة ويقضون وقت الزيارة معهم وبينهم. وبعدها فصلوا بين المساجين والزوّار بقضبان حديدية يمدّ الزائر يده خلالها ويصافح السجين وبإمكانه أن يقبّله للمسافة الواسعة بين القضبان. ثم ضيقوا المسافات وجعلوا الفاصل شبكًا حديديًا بإمكان الزائر أن يدخل إصبعه فقط من الفتحة وغالبًا لا يستطيع إدخال إصبع الإبهام لصغر الفتحة. واليوم استعاضوا عن كلّ ذلك في كثير من السجون الحديثة بحاجز زجاجي سميك بين السجين وزائره، ويتخاطبان بجهاز تلفون عند الزائر وآخر عند السجين.

أهدى الرواية إلى معلميه في المدارس الابتدائيّة والإعداديّة والثانويّة، وذكر أسماء تسعة وعشرين معلّمًا منهم، هم من تذكّرهم، واعتذر لمن نسيهم.

وختم روايته بعنوان: قالوا في الرواية: بدأها بتقريظ للدكتور (بوشعيب الساوريّ)، ناقد أدبيّ من المغرب، بعنوان: عناق الأصابع إضافة نوعيّة للمشهد الروائي الفلسطينيّ. وثنّى بموضوع للدكتورة الفلسطينيّة (نجمة حبيب خليل) من جامعة سدني/ أستراليا بعنوان: توثّق الرواية لدور المرأة في النضال الوطني. وبعدها لكلمة للدكتور (أحمد الخميس) من مصر بعنوان: اشتباك بالواقع عبر الشّكل الروائيّ. وأخيرًا أستاذ الأدب العربيّ الحديث بجامعة حلب (أحمد زياد محبك) يكتب نقدًا للرواية بعنوان: النهايات مدهشة.

كلٌّ من هؤلاء النقاد الأربعة، تناول الرواية من جانب أو جوانب، وكتبوا وأجادوا، وما كتبوا غير الحقيقة، فكانت كتاباتهم أوسمة للرواية زادتها حسنًا على حسن.

لفت نظري الوعي الذي صار عند بعض الأسرى حول رجال المقاومة والمسؤولين في منظمة التحرير بعد أوسلو. وكاتب الرّواية عادل سالم هو أكثرهم وعيًا؛ اسمع ما يقوله على لسان أحد الأسرى المحررين:

(بعد أوسلو قتلوا فينا كلّ حماس للنضال، خدعونا، كنّا نتوهّم أنّ قيادة الخارج جماعة من المناضلين، فإذا بكثير منهم من الفاسدين الذين جاؤوا ليكوّنوا الثروات على حساب الشعب المسكين. حتّى الشرفاء منهم تعبوا وتغيّروا، لم أتصوّر يومًا أن أرى أشرف المناضلين يتساقطون في معمعان النضال أمام الأموال. الفساد في كل مكان. الأجهزة التي مَهَمّتها حماية شعبنا أصبحت أولوياتها حماية إسرائيل). (صفحة356-357).

لغة الرواية سهلة سلسة جميلة رائعة، وكاتبها مبدع، والأخطاء في الرواية قليلة، ولو دقّق الكاتب وأعاد قراءة الرواية قبل الطبع لتلافى أكثرها.

وختامًا: الرّواية وثيقة مهمّة تؤرخ لأدب السجون الذي ترعرع في فلسطين بعد نكستها سنة 1967م ولكثرة ما اعتقل من شبابها بعد الانتفاضة الأولى سنة 1987م وبعد انتفاضة الأقصى وإلى يومنا هذا. الرواية تستحق القراءة وجديرة بالاقتناء.