اَلشَّاعِرُ
ذ.د. الجيلالي الغرابي _ المغرب
إن الشاعر كائن متميز، ومخلوق فريد، لأنه يملك حسا لا يملكه غيره، وحدسا لا يملكه غيره، وقريحة لا يملكها غيره، وخيالا خصبا مجنحا لا يملكه غيره، ولغة ثرية يتيمة لا يملكها غيره...
إن الشاعر يشبه النحلة، ووظيفته تشبه وظيفتها، فهي تنتقل من حديقة إلى حديقة، وتطير من وردة إلى وردة، ومن زهرة إلى زهرة، ثم تمتص رحيقها لتصيره دواء شافيا للنفوس العليلة والأجسام السقيمة...
وهو الآخر يتنقل من مجمع إلى مجمع، ويسير من نادٍ إلى ناد، ليعبر عن أفراح الناس وأتراح الأنفاس بأسلوب معجز، وفي صورة بهية سنية...
إن الشاعر رسول حمله الله عز وجل رسالة سامية سرية، وكلفه بتبليغها على أحسن وجه...
إن الشاعر إنسان حساس حساسية مفرطة، تهزه أدنى حركة في هذا الكون هزا عنيفا، وتؤثر في أعماق أعماقه تأثيرا شديدا، إذ يتأثر بشروق الشمس وغروبها، وبتفاؤل النفس وتشاؤمها، ويتأثر بمد البحر وجزره، وبسكون ماء النهر وخريره، ويتأثر بأنين الروح، وبتنفس الصبح...
إن الشاعر هو من ينظم بدم قلبه لا بحبر قلمه شعرا، وهو من يمد بينه وبين الناس جسرا...
عشتار عودي
أرى الموتَ يُعَرْبدُ في الشوارع والطرقاتِ
أرى الليلَ يعبثُ بضِعاف المخلوقاتِ
أرى الجوعَ يقطفُ أرواح الكائناتِ
نفوسٌ تحتضرُ
أحلام تتبخرُ...
من يكفكف دموعَ الثكالَى؟!
من يبدِّد حيرةَ الحيارَى؟!
من يرشد التائهين في الصحارَى؟!
من يقول لا في وجه الصهاينة والنصارَى؟!
صبيان يتسكعونَ
فتيان ينتحرونَ...
عشتارُ عودي إلينا يا عشتارُ
عشتار عودي فقد طال منا الانتظارُ
صبايا تئنُّ
فتيات تحنُّ...
أمْطِري هذه الأرضَ شيئا من الحبِّ
خَفِّفِي عنها بعضًا من التعبِ
علها تنتفض من جديدٍ
علها تحتفي بيوم عيدٍ...