حكايات عمر سلامة الشعبية
جميل السلحوت
نشر الاستاذ عمر سلامة خمس قصص شعبية في كتيب من 40صفحة بحجم صغير، تزينها رسومات على الحاسوب صممتها رشا صوان. وقد سمّاها"حكايات شعبية المجموعة الأولى(1)"
بدون دار نشر أو تأريخ للصدور، مع انها صدرت في بداية العام 2011.
عمر سلامة:
فلسطيني مولود في العام 1948في عرب السواحرة قضاء القدس، حاصل على ليسانس تاريخ من جامعة بيروت العربية، عمل مدرسا في مدرسة السواحرة الغربية للبنين حتى أحيل على التقاعد قبل بضع سنوات، وهو شقيق الأديب الراحل خليل السواحري.
التراث الشعبي: هو موروث الشعب عن الآباء والأجداد، وهو نتاج ابداعي للشعب جميعه، وليس لفرد بعينه، والتراث الشعبي جزء من مكونات الهوية الوطنية لأي شعب، فلا يوجد شعب لا تراث له، والتراث الشعبي تراكم لحضارة الشعوب عبر الأجيال وعبر التاريخ، فما وصلت اليه البشرية في أيامنا هذه من تقدم حضاري وعلمي ليس وليد أفكار هذا الجيل، بل ان هذا لجيل بنى على ما ورثه من الآباء الى أن وصل الى ما وصل اليه.
والتراث الشعبي قسمان هما:
قولي: مثل الحكاية، المثل، الأغنية، الأقوال...الخ.
عملي: مثل أدوات الزراعة، أدوات المطبخ، الأبنية، الأزياء....الخ.
حكايات عمر سلامة:
روى لنا عمر سلامة في هذا الكتيب خمس حكايات، أربع منها حكايات معروفة ومتداولة، ليس في فلسطين وحدها، بل هل في العالم العربي جميعه، ولا غرابة في ذلك، فالثقافة العربية متشابهة، مع بعض الفوارق البسيطة المتأثرة بالبيئة المحلية...وهذه الحكايات هي:
-أبو تحصن وملك الغابة.
-حاصدو الهواء.
-عواد والغولة.
نصائح للبيع.
أمّا الخامسة وهي:(البغل المسكين) فهي حادثة مؤلمة حقيقية، حدثت في بلدة الكاتب قبل حوالي 20 عاما، وقد أكد الكاتب ذلك دون أن يدري، عندما مهد لها بقوله:"حكاية البغل المسكين قصة حقيقية، حدثت في احدى القرى الفلسطينية"ص25. كما أنه أورد الأسماء الحقيقية للأشخاص في الحكاية.
والحكايات الشعبية لم تكتب للأطفال كما يعتقد البعض، فهي كبقية الفنون الشعبية، خلاصة تجربة جيل أو أجيال، فيها عِبَرٌ مستفادة، صحيح أن فيها تسلية كما هي بقية الآداب بما فيها الأدب الرسمي، لكن الحكمة المستفادة يجب أن لا تغيب عن بال من يقرأها أو يسمعها، وقد حاول الكاتب أن يستنبط بعض الحكم والعبر المستفادة وان لم يستنبطها جميعها.
اللغة:
يجد التذكير هنا أنه يوجد خلافات في الرأي حول كيفية تدوين الحكاية الشعبية، وهل تدون باللغة المحكية" العامية" أم بالفصحى؟ وكل أصحاب رأي حاولوا الدفاع عن وجهة نظرهم، فأنصار العامية تشددوا كثيرا، حتى أن بعضا منهم قال "بأن على مُدوِّن الحكاية أن يسجلها حرفيا كما سمها، وأن يكتب اسم الراوي الذي سمع الحكاية منه وعمره، وتاريخ سماعه للرواية، أما دعاة الفصحى فقد احتجوا بأن الفصحى مفهومة من كل القراء العرب، وهم ضد تكريس اللهجات العامية لأسباب كثيرة.
وقد حاول عمر سلامة أن يروي لنا حكاياته باللغة الفصحى قدر المستطاع، لكنه وقع في عشرات الأخطاء اللغوية، ولو أنه لجأ لمدقق لغوي قبل النشر، لتجنب الوقوع في هذه الأخطاء، وبما أنه قدم حكاياته وأصدرها في كتيب كما هي الكتب المقدمة للأطفال، فإنه يجدر التذكير بأن الأطفال يقدسون الكلمة المطبوعة، ومن أهداف الكتابة للأطفال هدف تعليمي، ولذا فان الأخطاء اللغوية هنا تشكل خطيئة، يجب عدم تكرارها....خصوصا وأن الكاتب كتب على الغلاف الخارجي" المجموعة الأولى" مما يعني أنه بصدد اصدار مجموعات أخرى...ولن أعدد هنا هذه الأخطاء لكثرتها..لكنني سأنوه لخطأ ليس نحويا، وجاء في الكلمات الأولى للحكاية الأولى"أبو تحصن وملك الغابة" فقد بدأ الكتب حكايته قائلا:"أبو تحصن لقب الوجاهة والتبجيل، تطلقه بعض الحيوانات الكاسرة على الثعلب"ص2 وكلمة "أبو" و"أمّ" اذا ما سبقت اسم العلم فانها كنية وليست لقبا، وفي الثقافة العربية فإن مخاطبة المرء بكنيته تعبير عن الاحترام والتقدير، ومن أطلق "أبا تحصن" على الثعلب هو الانسان وليس الحيوانات الكاسرة. أما اللقب فهو من الصفات فـ"ملك الغابة" الذي ورد في الحكاية هو لقب للأسد.
ولا أعلم لماذا اختار الكاتب عنوان" البغل المسكين" عنوانا للحادث المأساوي الواقعي الذي اعتبره حكاية. ولماذا اختار المسكين صفة للبغل الذي تسبب بقتل طفل بريء؟ فمن المسكين الضحية أم البغل؟
الرسومات ...الاخراج ...والمونتاج:
الرسومات لم تكن جميعها موفقة وتناسب الموضوع، فمثلا في الصفحة3 صورة الغراب الذي يحمل الثعلب ويطير فيه، هي أقرب الى صورة النسر منها للغراب، وفي تقديري أن الكاتب أخطأ أيضا عندما روى في الحكاية أن الغراب هو من حمل الثعلب وطار به، والغراب والثعلب معروفان في بلادنا وفي كل البلدان، والغراب لا يستطيع أن يحمل الثعلب وأن يطير به...فكيف سنقنع الطفل بذلك؟
وفي حكاية"حاصدو الهواء"ص9 أخطأ الكاتب عندما بدأ الحكاية قائلا"يحكى أن أهل جزيرة نائية كان يحكمهم ملك ظالم مستبد"ص10 وهو يروي لنا حكاية شعبية فلسطينية، فأين الجزر في فلسطين قريبة أو نائية؟ بل أين الجزر العربية النائية؟
وما الحكمة من لجوء الكاتب الى اختيار جزيرة لتدور فيها أحداث الحكاية؟ أما الرسومات جميعها في الحكاية، فانها شخوصها لا يبدون عربا، وصورة الزوجة ص14 تشبه صور"الجنيات" كما تخيلها الرسامون الغربيون، والبيت أو القصر ص12 لا علاقة له بفن العمار العربي...ولاحظوا رسومات حكاية"عواد والغولة" انها هي الأخرى بعيدة عن التراث العربي ايضا. وفي "البغل المسكين" رسومات البغل هي لحصان وليست لبغل..
وعلى الغلاف الخارجي لا داعي لكتابة "اعداد وتقديم" فاعداد وحدها تكفي، لأن الكاتب لم يكتب تقديما للكتيب.
عنوان المجموعة:
العنوان"حكايات شعبية-المجموعة الأولى" غير كافٍ وغير دالٍ وحبذا لو أن الكاتب اختار عنوان احدى الحكايات ليكون عنوانا للمجموعة.
"ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع"