صدر حديثا للأستاذ العبابنة
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
عن دار الكتب الوطنية ؛ هيئة أبي ظبي للثقافة والتراث "المجمع الثقافي "صدر حديثا للأستاذ الدكتور يحيي العباينة أستاذ الدراسات اللغوية والنحوية والصرفية في جامعة مؤتة كتاب وسمه "بنية الفعل الثلاثي في العربية والمجموعة السامية الجنوبية ـ دراسة مقارنة في الأصول الفعلية "وقد جاء كتابه في جدول ضم فيه (44) صوتا ومثلها من الرموز ليتسنى للمتلقي أن يقرأ في لغات عربية قديمة بادت من نحو اللغات الصفاوية والثمودية واللحيانية وهي لهجات عربية شمالية كتبت بالخط المسند ، كما يمكِّن القارئ من أن يقر أمن لغات المجموعة العربية الجنوبية من نحو لغة سبأ ومعين والحضارمة ولغة أهل شحار ومهرة وسوقطرة و ذكر بان تسميته لهذه المجموعة العربية الجنوبية لا بسندها دليل على اشتراك كلي مع اللغة العربية الشمالية في أنظمتها اللغوية مجتمعة محتجا بما يقوله أبو عمرو بن العلاء في ما يروى عنه "ما لسان حِمْيرَ وأقاصي اليمن اليوم بلساننا ولا عربيُّهم بعربيِّنا "وخص مجال دراسته "بنية الفعل الثلاثي الأصلي بين العربية والمجموعة العربية الجنوبية "وكان من أهمها اللغة الأثيوبية الكلاسبكية ( الجغرية )فيما يخص البنية الحركية الداخلية، واعتمد معجم(w.leslau)في جمعه لمادة الأثيوبية واللهجات الجنوبية، ثم اتَّبع المنهج الوصفي في دراسته أولا والمنهج التاريخي المقارن ثانيا، ثم صنف المادة بعد إكماله جمعها بحسب أقسام الفعل العربي وجعل المادة المشتركة في أبواب متشابهة وافرد المختلف في مباحث خاصة؛ضمن هذه الأبواب، ودرس الأفعال الصحيحة ؛ الصحيح السالم ومضموم العين ومكسوره ومفتوحه، وعزَّز دواسته بشواهد لغوية من القرآن الكريم والشعر القديم مما يجوز الاحتجاج به ، ثم درس الفعل المضعف وأتى على أمثلة كافية من اللغات الجغرية، ودرس الفعل المضعف تضعيفا مقطعيا من نحو الفعل "زلزل "وغيره ومثل على صوره الجديدة بعد تدخل قانون المخالفة واحتجَّ بشواهد قرآنية من نحو قوله تعالى "الآن حصحص الحق "و بقوله عز شأنه "فكبكبوا فيها "وفي قوله تعالى "فدمدم عليهم ربُّهم " وكان من ابرز ملاحظاته أن اللغة العربية محصنة بشواهد تجدها في الشعر والقرآن الكريم،وقد ثبت الثاني منهما مستوى اللغة التركيبي وهي بالتالي أكثر حصانة من اللغة العبرية (ص13) ،ودرس من الأفعال الفعل المهموز وما طرأ عليه من تغييرات لصعوبة نطقه (ص46)ودرس مهموز الفاء واتى بأمثلة تطبيقية عليه شانه في ذكره سبوع في معنى أسبوع بحذف الهمزة محتجا برأي أستاذه المرحوم الدكتور رمضان عبد التواب بان أهل الحجاز إذا اضطروا همزوا (ص47)، ودرس مهموز العين بتحقيق الهمزة في حشو الكلمة فمن العرب؛ فمنهم من يهمزها في لهجة الحجاز ومنهم من بحذفها أو تسهيلها أو قلبها إلى حرف مد أو يتخلص منها يتخلص منها ويعزى الأمر إلى البيئات العربية .كقولهم "البأس" مهموزا و"الباس"، ونظر في مهموز اللام نحو كلأ وقارن به اللهجات العربية الجنوبية ،فلم يجد كبير خلاف.
أما الفعل الرباعي الذي على وزن "فعلل"من أربعة أصول مثل "دربخ "وقرطس " والفعل "زلزل "وغيره ومثل على صوره الجديدة بعد تدخل قانون المخالفة واتى من شواهد قرآنية من نحو قوله تعالى "الآن حصحص الحق "و "فكبكبوا فيها "وقوله تعالى "فدمدم عليهم ربهم " وكان من ابرز ملاحظاته أن ، وما نحت من نحو "بسمل وحوقل "فوجد المؤلف أمثلة مشابهة في اللغات الجنوبية العربية (ص55). وتوقف عند الأفعال المعتلة وقسمها ثلاثة أقسام بحسب موقع"شبه الحركة فيها "( الواو أو الياء) من الجذر الثلاثي،فما جاءت فاؤه واوا أو ياء فهومثال ، وسمي مثالا لأنه يماثل الفعل الصحيح في صحة ماضيه ، وهو قسمان واوي مثل وجد ويائي مثل يبس ، وانفردت المجموعة العربية بالجمع بين نوعي المثال في بناها الصرفي ،وأما ما جاءت عينه معتلة بالواو أو بالياء فهو الأجوف نحو قال (بالواو ) وباع (بالياء )وأما المعتل الثالث فهو الناقص، إذ تحتل الواو أو الياء لامه نحو "دعا" من دعو، وقضى يقضي ، ودرس تحولات أبنية الفعل المثال في المجموعة الجنوبية وهي قليلة وذكر تحول المثال إلى صحيح والمثال اليائي إلى مهموز الفاء لصعوبة المخرج ، واتى بأمثلة تطبيقية من لغات العرب من شمال الجزيرة وجنوها ، وجدول غير واحد ليبين أشكالا من الأفعال كالأجوف (ص93)،شمل ثلاث خانات هي الكلمة الأثيوبية والكلمة العربية والجذر (واوي أو يائي )ولبين تحويلات أخرى في بنية الفعل الأجوفـ وذكر متى تسقط عين الفعل الأجوف (ص99)وثمة جدول يبين فيه قياسية الفاصل في الفعل الناقص الواوي في اللغة العربية والأثيوبية في ثلاث خانات أيضا (112) وخلص إلى أن النظام الكتابي للصوامت في المجموعة الجنوبية أكثر ثبوتا واقل فوضى(113) وجدول للناقص اليائي ليقارن بين العربية والأثيوبية في دراسته لجذر الفعل (ص122)، وجاء في دراسته كعالم مختص بأنه يصعب عليه لن يحكم بالصالة أو الفرعية على بعض الأفعال (123)وجدول رابع (157)يبين الزيادة غير الفضية إلى معنى في طائفة من الأفعال الأثيوبية الجغرية فأدرج جدولا من أربع خانات ذكر الجذر ومضعف العين والفعل الثلاثي والمعنى ، وذكر أوزان المزيد من الثلاثي في اللغة العربية ولغات المجموعة الجنوبية ومثل عليها وخص الأفعال الأثيوبية بجدول إذا جاءت تامة أو ضاعت منها حركة شانه في جدول (ص219)وجدول للغة الإثيوبية مما ضاع منها حركة عينها (ص222ـ 223) من الفعل الجوف والقلب المكاني وغيرهما.
ومخلص القول في دراسة الأستاذ الدكتور يحيي قاسم العبابنة انه جهد كثيرا في أن يفرد في دراسة مستقلة بنية الفعل الثلاثي في لغات المجموعة السامية المعروفة بالجنوبية ، ليجد في نتائجه أن هذه اللغات خضعت بدرجات متفاوتة لقوانين عامة عملت في اللغات جميعا وان كانت القوانين متفاوتة لأسباب جغرافية أو لأسباب حضارية واختلاط أهلها بغيرهم ، من شعوب مختلفة ، وتبين من الدراسة أن للعامل الديني أثرا في إحداث أنواع من التغير والتغيير من حيث كم الفعل وكيفيته في الحقول الدلالية ، ؛ ذلك أن للكنيسة الأثيوبية دورا في توسع اللغة الغجرية أكثر من العربية لما ذكره الباحث ، كما أن اللغات الجنوبية تعرضت اقل تطورا من اللغات الشمالية التي يبرز فيها قوانين مشتركة في لهجة واحدة . وقد اتكأ البروفسور العبابنة على مصادر عربية وأجنبية قديمة وحديثة بلغ مجموعها (92) اثنين وتسعين مصدرا ومرجعا عربيا و(44) الربعة وأربعين مصدرا ومرجعا بلغات أجنبية وقد ساعدته معرفته باللغات العربية القديمة في أن يجيد درسها ويقارن بين لغاتها بدقة العالم الباحث؛ لتخرج هذه الدراسة من بين يديه مرجعا رصينا للنحو المقارن بين البنية الثلاثية للأفعال العربية في شمالي الجزيرة وجنوبها، ويقال مثله عن دراسة جادة في علم الصرف العربي، ولعلها الدراسة الإبداعية الأولى التي تملك ناصية الدرس المحكم في دراسة بنية الفعل الثلاثي في كافة حركاته وأبنيته الصوتية عند العرب ، في شمال الجزيرة العربية وجنوبها ، كما أنَّ تمكنه من معرفته كثيرا من اللغات العربية القديمة مهدت له المقارنة بين أفعال اللغة فوضع رموزا صوتية وظفها في دراسته احتلت الصفحة السابعة من كتابه وعددها الربعة وأربعين صوتا فمهَّد بها للمتلقين قراءة اللغات العربية القديمة ويقارن في ما بينها من جانبيها اللغوي والصرفي بان واحد، كان ذلك كله بين صفحات كتابه البالغ عددها (252) مائتين واثنتين صفحة من القطع الكبير وبطباعة أنيقة .