قراء في كتاب الخلاف بين السنة والشيعة

قراء في كتاب

الخلاف بين السنة والشيعة

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين / 11/10/2010 /  /ما ان وصل الى أسماع الغرب بأن جميع المسلمين في العالم بالرغم من اتجاههم بصلواتهم الى الكعبة  المشرفة الا أنهم على اختلاف بالعقائد فيما بينهم وان هناك طائفتان كبيرتان في  الاسلام الا وهما اهل السنة والشيعة  تعيشان في اختلاف مستمر وعداوة بينهما .

ومن اجل ان يكسب الغرب انتصارات سياسية على العالم الاسلامي بدأ يقوم بالتحريض بين لطائفتين  المذكورتين .  فقد  مني بهزيمة موجعة بالحروب الصليبية الا انه استطاع تحقيق بعض أهدافه المرجوة بالدول الاسلامية التي احتلها ثقافيا واجتماعيا  بعد ان  فشل بردهم عن دينهم بالرغم من حركات التنصير التي استمدت قوتها من الغرب . وعندما يأس الغرب من تحقيق اهدافه السياسية بتركيع المسلمين رأى بالخلاف بين السنة والشيعة ضالته المنشودة وانقسم الغرب على نفسه ما بين مؤيد لبلاد اهل السنة ومؤيد للشيعة للتحريض بشكل  اكثر بين المسلمين والوقيعة بينهما بحرب ضروس مثل الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت بعيد  اصلاحات مارتين لوثر الدينية على الكاثوليكية وذلك في اعوام 1548 وما بعدها الى ان وقعت الحرب اوزراها بعد وساطات كثيرة ثم وقعت حروب الثلاثين عاما الدينية  في اوروبا بين اعوام 1618 و 1648  للسيطرة على النفوذ بين الكاثوليك والبروتستانت والحركات الاصلاحية الدينية الاخرى مثل اصلاحات جون كالفين / السويسري / وغيره تلك الحروب الدينية التي كادت ان تهلك الحرث والنسل في اوروبا وخاصة في المانيا فسقوط الالاف من الضحايا ارغم بلدية مدينة بون في اعوام 1680 الموافقة على ان يتزوج الرجل امرأتين نظرا لقلة الرجال الذين قتلوا بتلك الحروب .

والتطرق حول الخلاف بين السنة والشيعة شديد الحساسية اذ يُتهم كل من يبين اخطاء الشيعة  ويحذر من التشيع بالفتنة ، والخلاف كان سياسيا ثم تطور فقهيا ونجم عنه فتنا لا تعد ولا تحصى .

فالخلاف السياسي يكمن باحقية الخلافة ، والسيف الذي بين جسد الامة كان من أجل الخلافة ، فقد ذهب اهل السنة والجماعة بأن الخلافة جائزة لكل مسلم تتم البيعة له  من قبل اهل الحل والعقد ولذلك وافق المسلمون على استلام بنو عثمان الخلافة من العباسيين عندما قام آخر الخلفاء العباسيين في مصر  المتوكل على الله بالتنازل عن الخلافة واعطاءها للسلطان سليم الاول العثماني ، وذهبت طائفة منهم انها في قريش لقوله صلى الله عليه وسلم الخلافة في قريش ورأى بعض اهل السنة مثل عبد القاهر الجرجاني صاحب كتاب / الفرق بين الفرق / ان الخلافة في بني عبد شمس / بني أمية / لانهم استطاعوا حماية  ثغور المسلمين اكثر من بني العباس التي حصرها فيهم الراوندية  بينما ذهبت الشيعة بان الخلافة فرض وهي في ولد علي بن أبي طالب رضي الله  وشذت طائفة منهم عندما أعلنت بأن الخلافة في ولد علي / الاصغر – زين العابدين / بن الحسين بن علي رحمهم الله تعالى   لان امه فارسية وقالت طائفة منهم ان الخلافة في ولد جعفر بن ابي طالب .

أما الخلاف في الفقه فأهل السنة يأخذون الاحكام من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وجعلوا باب الاجتهاد مفتوحا ، فلما بعث رسول صلى الله عليه وسلم معاد بن جبل الى اليمن قال له بم تحكم قال بالقرآن فان لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان لم أجد فاجتهد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي وفق رسولُ رسولَ الله لما يرضي الله ورسوله ، وحديث النواس بن سمعان قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله عن الاثم فقال الاثم ما حاك في صدرك وخشيت ان يطلع عليه الناس واستفت قلبك وان أفتاك الناس وأفتوك . أما  الشيعة فيزعمون بأن فقههم مأخوذ من أهل البيت هذا الادعاء كان وراء ظهور فرق كثيرة من الشيعة الكثير منهم من المحترقة والقليل منهم من عافاه الله  كما أدى فقه الشيعة الى خلاف في العقائد والاحكام مع اهل السنة وقاموا بتشكيك روايات الحديث النبوي اضافة الى تشويههم التاريخ الاسلامي حت كثرت ظاهرة تأييد من يطالب بإعادة كتابة تاريخنا ليزيدوا التشكيك به فاصبح الخلاف بين السنة والشيعة فقهي وسياسي وتاريخي .

وبالرغم من خلاف الغرب مع ايران بسبب ملفها النووي الا انهم ينظرون الى الشيعة في العالم وخاصة الجعفرية والاسماعيلية منهم الذين يعتبرون الاغلبية الكبرى من الشيعة  بايران وبعض الدول العربية نظرة تضامن وعاطفة ، وتكمن هذه العاطفة والدعم المعنوي لهم لأسباب تاريخية بحتة . فقد ساهم الاسماعيليون ويعرفون بفرقة / الحشاشين /  بانتصارات الصليبيين في بلاد الشام من خلال قيامهم بعمليات اغتيال طالت قادة الجهاد الاسلامي تلك الاغتيالات ساهمت بتأخير استرداد بيت المقدس كما كانوا وراء الفتن بين قادة المسلمين أنذاك الى أن استطاع الملك العادل نور الدين الشهيد / محمود بن زنكي / القضاء على شرهم بعض الشيء ويحظى زعيم الاسماعيلية في العالم كريم الدين آغا خان باحترام كبير من الغرب . أما الشيعة الجعفرية وهم السواد الاغظم من شيعة اليوم فقد كانوا وراء عدم توسعة فتوحات الدولة العثمانية في اوروبا . كان قيام الدولة العثمانية كدولة خلافة اسلامية قوية بمثابة خنجر حاد لاوروبا المسيحية ، فقد ظنت اوروبا وقبيل سقوط الاندلس عام 1492 ان الاسلام قد وهن في اوروبا ولكن عندما سقطت القسطنطينية / استانبول / بيد العثمانيين المسلمين عام 1453 وتحققت البشارة النبوية بفتح تلك المدينة جمعوا قوتهم للحيلولة دون انقاذ الدولة العثمانية للدولة الاسلامية الضعيفة في غرناطة التي سقطت بيد الملك فرديناند عام 1492 ، وسعوا للتصالح مع الاسر الحاكمة في اوروبا لمواجهة الدولة العثمانية فقد قامت دولة هابسبورج  التي كانت حاكمة اوروبا بلا منازع و التي يطلق عليها / الدولة الرومانية المقدسة / بمواجهة الدولة العثمانية ووقف فتوحاتها في اوروبا ، فما ان حاصر العثمانيون فيينا في الحصار الاول عام 1529 وكادوا ان يفتحوها حتى انشبت الدولة الصفوية في ايران الحرب ضد الدولة لعثمانية من خلال تشجيع ومناشدة القيصر  فرديناد  الاول / 1503 – 1564 / الذي استلم  حكم عائلة هابسبورج عام 1531 بعد تحقيق انتصار رمزي على جيش الدولة العثمانية الذي كان يقوده الخليفة سليمان القانوني ، ثم استطاع الامير ايجون فون هابسبورج  انهاء الحصار العثماني الثاني لفيينا في عام 1683 عندما اندلعت الحرب مرة اخرى بين العثمانيين والصفويين  .

وينظر الغرب الى الشيعة بأنهم أقل خطرا عليهم من أهل السنة الذين  كانوا وراء  كل حركة تحرير وحملة راية الجهاد ضد الاحتلال الغربي لاي دولة اسلامية أما الشيعة فلم يحملوا أي راية جهاد في بلد اسلامي وقع فريسة الاستعمار ولم يقم الغرب بعيد حوادث 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001 بمنع ا منظمة شيعية عن العمل في اوروبا مثل منعه لمنظمات اسلامية يتزعمها اهل السنة عن العمل خشية الارهاب ، فقد تشاجر وزراء داخلية دول الاتحاد الاروبي مع بعضهم البعض بشأن ارهاب حزب الله اللبناني وأجمعوا على عدم منع اي منظمة متعاطفة معه. .

وقد ظهر مؤخرا كتاب يحمل عنوان / الخلاف بين السنة والشيعة / فامت الجمعية الالمانية للسياسة الخارجية  ببرلين بنشره وتوزيعه يخلو هذا الكتاب من الطابع العلمي / تاريخيا وفقهيا / عبارة عن مجموعة تحاليل سياسية قام بها مجموعة ممن يطلق عليهم بخبراء الشرق الاوسط  ، يؤكد الكتَّاب بأن الشيعة مستضعفين من قبل اهل السنة وانهم السواد الاعظم في بعض دول الخليج العربي اضافة الى العراق ولبنان ومحرومون من العمل السياسي في السعودية اضافة الى هضم حقوقهم .

فيعتقد  جويدو  شتاينبيرج من المعهد الالماني للسياسة والعلوم ببرلين ان الشيعة التي تصل نسبتهم في السعودية ما بين 5 الى 10 في المائة يعاملون معاملة قاسية حقوقهم مهضومة ولا يسمح لهم بالعمل الحكومي اضافة الى محاصرتهم في مناطقهم التي تعتبر اكثر مناطق المملكة غنى بالنفط والموارد الحيوية الاخرى كما ان شيعة السعودية منبوذين وكأنهم ليسوا بمسلمين ، ويكذِّب أحد الشيعة اقاويل شتاينبيرج فيؤكد انه رأى في الحد شرطة من الشيعة السعوديين يقومون بشرفون على امن الحجاج ، كما يؤكد أحد الصحافيين الذين زاروا وزارة الاعلام والثقافة  السعودية  بأنه اجتمع مع سعوديين شيعة يعملون في الوزارة كانوا يصلون مع المصلين . ويؤكد شتاينبيرج انه بالرعم من عدم وجود  احزاب في المملكة العربية السعودية الا أن حزب الله السعودي يعتبر الجهة الرئيسية التي تحاور لحكومة السعودية بمطالب الشيعة الذين يشكون من الظلم وما شابهه .

أما كاتيا نيتهامر من المعهد الالماني لعلوم شمال افريقيا والشرق الاوسط في جامعة مدينة هامبورج فتؤكد أن نسبة الشيعة في البحرين تصل الى ما بين 55 و 75 في المائة من عدد سكان البحرين الذي يصل عددهم الى حوالي 1 مليون و 100 الف نسمة  كانوا يعانون من هضم الحقوق والتعسف والكبت من قبل حكام البحرين التي تحكمها عائلة تنتمي الى السنة والجماعة وكانت سياسة التعسف هذه وراء المظاهرات والعنف التي وقعت في تلك الدولة الى أن قامت الحكومة بتطبيق اصلاحات اجتماعية وسياسية ساهمت بدمج الشيعة بالعمل الحكومي الا أنهم لا يزالون يعانون من   الملاحقة والاعتقالات واتهامهم بتدبير انقلابات وغيرها والدليل على ذلك الاعتقالات التي جرت مؤخرا قبيل الانتخابات التي ستجري بتلك الدولة في وقت لاحق من الشهر الجاري .

بل ويجعل واضعو الكتاب الشيعة السواد الاعظم في العراق ولبنان ، ويعود سبب تأكيدهم على  ذلك الى ان شيعة العراق  الذين تتراوح  نسبتهم ما بين الـ 60 والـ 65 في المائة / حسب ادعاءات المؤلفين /  يحظون بدعم كبير من ايران  والولايات المتحدة الامريكية هذا الدعم ساهم بابرازهم اعلاميا  وانهم الاغلبية الساحقة من مسلمي ذلك البلد ، أما في لبنان التي تتراوح نسبتهم ما بين 35 و 45 في المائة على حسب اداعاءات مؤلفي الكتاب   فقد ساهمت الحرب الاهلية   والثورة الخمينية التي كانت وراء دعم حزب الله والاحزاب الشيعية الاخرى مثل امل وغيرها بأن يصبحوا  القوة الرئيسية السياسية والعسكرية في ذلك البلد مع العلم ان اهل السنة من العرب في العراق يفوق عدد الشيعة كذلك الحال في لبنان .