قراءة في قصيدة (حدود)

للشاعر المبدع خليل عبد الغفور

الشاعر: خليل عبدالغفور

ترجمة: جوتيار تمر

النص/ حدود

حدود

قصيدة مليئة بالوجيعة

بالتعب .. والحرية

كُتبت في صمت

وما ان انتهت  من نزقها..

تبقت من دموع قلمها

قطرتان تكفي لكلمتين

بالأولى كتبت (الحدود)

والدمعة الأخرى من شوقها للاتحاد بالحدود

جفت في عيون القلم

القراءة النقدية: جوتيار تمر

حدود

العنوان هنا يمثل القوة التعبيرية التي تمنطق الرؤية القائمة لدى الشاعر، وعلى الرغم من كونه يعمل على تأطير النص الا انه مؤثر وملفت للنظر، لكونه يبعث على التأمل والتأمل بحد ذاته عملية ذهنية تضيف جمالية للنصوص، لاسميا نصوص الومضة التي تتخذ من الوهج الدلالي التأملي ممراً للولوج في عوالم قصية من الابداع التخيلي الذهني والوجداني على حد سواء.

قصيدة مليئة بالوجيعة

بالتعب .. بالحرية

كُتبت في صمت

النص يبدأ هنا بقيمة شعورية قائمة بين الشاعر ونفسه وكأنه حوار ذاتي يحمل جواز سفر الى الخارجي، فالشاعر كأنه الراوي هنا مع العلم بأن المضمون يؤكد ان الشاعر ملتحم تماما بالكلمة، خاصة اذا علمنا بانه يتحدث باسم الشعر والقلم لكون الشعر هنا مادة سانحة للقلم والاخير يتحكم لكون هو الذي يقدم لنا التفاصيل، فالقصيدة التي نحن بصدد معرفة مسار كتابتها بدأت بنفسها لكنها محملة بالكثير من الوجيعة/ الالم، والتعب ومتعطشة للحرية بل هي مليئة بها لكونها تنشدها، ومع كل هذا فانها كتبت بصمت، لماذا الصمت، بلاشك هنا ضوابط واحكام فرضت عليها ان تكتب بهذه الطريقة، لعل اكثرها وضوحاً اللاحرية.

وما ان انتهت  من نزقها..

تبقت من دموع قلمها

قطرتان تكفي لكلمتين

استمرار الحدث الشعري كامن هنا في الرؤية التي تبنتها القصيدة في التعبير عن نفسها من خلال القلم، حيث ارادت القصيدة ان تكون مرافقة للحدث كي تؤثر في المتلقي وهذا لايمنع ان القصيدة انجرفت قليلا هنا نحو التقريرية اللغة الحكائية لكي تمكن لنفسها وتبقي على استمرارية ترابطها، ومع ذلك فان القيمة الفعلية لها ظهرت من خلال التوظيف الدلالي القائم على الثنائية حيث الراوي والحدث معاً يشكلان الصورة الشعرية في النص، ولاننسى الوصف الدقيق للحالة من خلال استغلال معجم واضح ومؤثر ايضا( دوو ضثك- خامىَ وى مان).

بالأولى كتبت (الحدود)

والدمعة الأخرى من شوقها للاتحاد بالحدود

جفت في عيون القلم

الثنائية التي سبق وان تحدثنا عنها اثمرت هنا جمالية فائقة، حيث اتت تمنطق الرؤية الكاملة والتي دائما ما نجد قصيدة الومضة تحتفي بها، حيث الختمة المتألقة التي تعطي انطباعاً على تملك الشاعر لادوات شعرية قوية ومتمكنة، وهي هنا كذلك بالفعل حيث اتى الرسم البلاغي موفقاً جداً ل(دوو ضثك) فالاولى والتي ارد الشاعر ان يكتب بها قضيته التي يؤمن بها والتي لايمكن ان نعطيهاً بعداً وجدانياً فقط لكونها تمثل قضية ابعد منها بكثير، حيث التجزئة والتفرقة التي تحفر في كيان الشاعر كانت هي سبيل التعبير عن ما في داخله بهذه الصورة، والثانية اتت تؤكد حالة قائمة باعثة على التعاطف مع الشاعر من جهة ومع قضيته من جهة اخرى، حيث جفاف الدمعة في عيون القلم ليس الا وصفاً بلاغياً صورياً يجعلنا نتأمل العمق الدلالي للحالة، الشاعر استطاع من خلال قصيدته هذه ان يأخذنا الى مساحات بعيدة محملة بالفكر النير الذي يجعل من الشعر قضية وهو ما لايمكن للشعر ان يكون شعراً بدونه.