المسرح في أدب محمد الحسناوي

المسرح في أدب محمد الحسناوي

محمد الحسناوي رحمه الله

يحيى بشير حاج يحيى

عضو رابطة أدباء الشام

تعددت إبداعات أستاذنا الحسناوي _رحمه الله _ ما بين قصة ورواية وشعر ودراسة أدبية .

وقد خص المسرح بسبع مسرحيات قصيرة للكبار ، وليس بينها مسرحية شعرية ، مع أنه بدأ حياته الأدبية شاعرا ، وكان قد أشار في مقدمة مجموعته القصصية ( الحلبة والمرآة ) أنه هيأ نفسه في آخر أيام الشعر لتأليف مسرحية شعرية عن ابن تيمية! وهناك ثمة أمور تبدو لدارس الإنتاج المسرحي للحسناوي.

1) لم يبحث الحسناوي في مسرحياته عن التجديد ، بينما فعل ذلك في الشعر والقصة !

2) اقتصر في موضوعاتها على اللون التاريخي و الاجتماعي ، وكان حظ التاريخ المعاصر مسرحيتين .

3) لم يخرج على وحدة الموضوع ، بل تقيد بها ، كما تقيد بوحدتي الزمان والمكان .

4) لم يعتمد الأسطورة في مسرحه ، و اكتفى بالتاريخ مسقطا وقائعه على الحاضر

5) هناك فارق زمني كبير بين كتاباته النقدية التي تخص المسرح ، وبين إبداعه المسرحي ، فقد كتب عن مأساة الحلاج لصلاح عبد الصبور عام 1967 م ، وعن مسرح باكثير عام 1970 م وعن مسرحية ( المأسورون ) لعماد الدين خليل عام 1971 م. بينما كتب مسرحياته بدءا من عام 1993 وحتى 2004 م .

6) في أثناء كتابته لمسرحياته لم يتوقف عن الكتابة عن المسرح ففي كتابه ( صفحات في الفكر و الأدب ) فصل عن( العواطف البشرية في أدب علي أحمد باكثير ) عام 2000 م ، وتابع ما يصدره الأدباء الإسلاميون في الفن المسرحي ، فنجد له دراسة مستفيضة عن مسرحيات قصيرة لعماد الدين خليل ، التي حملت عنوان ( العبور ) في مجلة المشكاة العدد 42 ، 2003 م

مسرحياته :

1) ألا من يشتري سهرا بنوم : تاريخية في فصل واحد من سبعة مشاهد ، وهي مع ارتكازها على التاريخ تحاول إسقاط الحدث الأهم فيها على الواقع ؛ في أن الإصلاح لا يكون بسفك الدماء ، وأن الطريق الأمثل له هو النصيحة والحوار وقد كانت لغتها مناسبة للعصر والأشخاص ، فهي ذات صيغ تراثية فصيحة .

2) ضجة في مدينة الرقة ، اجتماعية من فصل واحد ، وأربعة مشاهد ، تحدثت عن رجل دفنه أهله بعد تسلم جثته من الشرطة على أثر حادثة سير ، ثم فوجئوا به يعود إليهم بعد أسبوع .. على الرغم من تأزم العقدة ، فقد جاء حلها سهلا كسهولة الحوار ولغته ، وبساطة الأشخاص .

3) إبراهيم هنانو في جبل الزاوية : تاريخية من العصر الحديث تحدثت عن دور المجاهدين ، وهنانو في الضغط على المحتلين وإعطائهم صورة صادقة عن وحدة السوريين في كل المناطق ، وموقفهم المتعاضد في رفض الاحتلال الفرنسي آنذاك ؟!

4) ثمن المسجد الأقصى أو (صفحة من حياة القائد مصطفى السباعي ) أراد الحسناوي أن يعرض جانبا من حياة مصطفى السباعي ، بلون آخر من ألوان الأدب ، بعد كتابه عنه ( ذكرياتي مع السباعي ) فجاءت هذه المسرحية في فصل واحد وثلاثة مشاهد ، وهي تعرض جوانب من أنشطة الحركة الإسلامية عام 1954 ، وحصافة السباعي وكياسته _ رحمه الله تعالى _ في المواقف السياسية والإجتماعية … وقد غلب على الحوار النبرة الخطابية ، وكان أطول مما وجدناه في مسرحيات الحسناوي الأخرى ! فهل كان لطبيعة الموضوع الفكرية أثر في  ذلك ؟ ربما !

5) المكيدة : وهي من التاريخ القديم ، اعتمد فيها المؤلف على نص من نصوص الأدب ، وأضاف إليه بعض اللمسات في الأداء والعرض والرؤيا ، لتكتسب أسبابا أخرى للإمتاع والإقناع ، وقد انطلق من مثل عربي ( الحامل على الكراز ) الذي يضرب لمن يرمى باللؤم ، يعني أنه راع يحمل زاده على الكبش ؟! وقد جاءت في خمسة مشاهد ، امتازت بالحوار القصير الموجز

6) الندم بعد فوات الأوان : في ثلاث مشاهد ، اقتبس المؤلف  _رحمه الله_ فكرتها من القرآن الكريم ( أصحاب الجنة ) في سورة القلم ، وأضاف إلى أحداثها الجزئية بعض اللمسات التي تقربها من واقع معين

7) الحنيفية : مسرحية تاريخية في ثلاثة مشاهد ، هدفت إلى إبراز معاني الوفاء في حياة العرب .

والسؤال هنا : لماذا غلب التاريخ في مسرح الحسناوي على غيره ؟ يقول د. نجيب الكيلاني في كتابه ( نحو مسرح إسلامي ، ص 71) نحن أمة تعشق التاريخ في غالبيتها ، وخاصة الجوانب الحية المشرقة فيه ، ولسنا بدعا في ذلك بين أمم الأرض التي تستلهم التاريخ ، فهو مصدر من هذه المصادر الحية التي تؤدي دورا بارزا في الإحياء والتنوير والجهاد !

والمسرح الإسلامي مطالب بأن يهتم بما نسميه المسرح التاريخي ، وربط هذا المسرح بقضايانا المعاصرة ، وربط حاضرنا بماضينا ، وأن يحيي فينا روح الجهاد والإباء والحرية والعدالة ، والانفتاح على الثقافات الأخرى بعقل واع مستنير .