دراسة نقدية لل"مقامة العمَّانية"
دراسة نقدية لل"مقامة العمَّانية"
لمؤلفها الأستاذ عبد الله محمد غالب الربابعة
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
مقدمة نشرت رابطة أدباء الشام مشكورة يوم السبت الموافق 17/7/2010مقامة للأستاذ عبد الله الربابعة عنونها ب"المقامة البرلمانية "
تتضمن دعوة عيسى بن هشام إلى الراوي عبد الله ،لضيافة يقدمها إليه عيسى بن هشام في عمان ،لغاية نفعية انتخابية للبرلمان،لان هشاما مرشح للانتخابات النيابية التي ستجري في شهر تشرين الثاني عام 2010م .
ودار بين الرجلين حوار عن أهمية النائب المحترم ودوره في خدمة الأحباب والأصحاب ، وقد بدأ هشام يتحدث طويلا حديثا مملا عن حوارات البرلمانات والحكايات المرورية وقراءة آلاف اليافطات المعلقة في الشوارع ،لانتخابات المرشحين وفتح هشام أبواب الفضاء على ضيفه عبد الله الذي كاد يتجشأ من كثرة تمدحه نفسه بغية الترويج لنفسه نائب المستقبل، وبدا عبد الله ينفر من سوء الموضوعات التي يطرحها المرشح هشام من نحو مناقشته موضوع حرمان بنت وهبي هيفاء من الرقص والغناء، بينما ضرب هشام صفحا عن مناقشة موضوعات مهمة من نحو جرائم الإرهاب التي تقض المضاجع ومن الإرهاب الذي يدخل الموت على الناس من كل باب، كما يتناسى المرشح هشام ما يحيط بأمة يعرب من قتل في العراق ولبنان وغزة، و مثلها مشاكل الماء والغذاء وتكالب الأعداء علينا و ومناقشة أمري الدواء والكهرباء ، ثم التفت هشام إلى الراوي عبد الله ، وهو يهم بتركه قائلا له لعنة الله عليكم وعلى روبي وهيفاء وغناهما بينما تتركون الموضوعات الأساسية التي ذكرت، ولم تهتموا بها ثم أنهى مقامته بالترحم على شعوب عربية مقهورة ، ثم انتهى بدعائه أن يصلح الله البرلمان في هذا الزمان، وختم مقامته بآيتين من القرآن من سورة الرحمن "كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "
لقد وظف الأستاذ عبد الله في مقامته أركان المقامة الثلاثة وهي الراوي نفسه أولا والبطل عيسى بن هشام "المرشح للنيابة "ثانيا،واستبقى على اسمه ليذكرنا بتداعي المعاني شخصيته التي وظفها بديع الزمان الهمذاني في كثير من مقاماته ، ولو سمَّاه همام بن همام مثلا لغير الاسم وأوحى بالسجع مقامة الهمذاني ، والعنصر الثالث النكتة وهي "الحدث"ولما كان من مقاصد المقامة هو نقد المفاسد الاجتماعية فقد نجح الكاتب في عرضها ونقدها ،وهي تتضمن حديثه المملَّ عن دعاية انتخابية له في الأرض والسماء بإعلانات انتخابية متطورة كما هي في عصرنا الحاضر، مما يدل على نقل المقامة من قديم عصرها إلى عصرنتها، وهذا مما يشكر للباحث عليه ينضاف إلى توظيفه فنون الزخرفة اللفظية من سجع وجناس ومقابلة جمل واستعارات وقصده تعليم الناشئة فنون القول وزخرفته شان الهدف الرئيس من المقامة منذ الهمذاني والحريري ومن جاء بعدهما ، ويبدو الأستاذ ربابعة في مقامته انه عدَّل على ما اعتدنا عليه في فن المقامة من أن مقامته خلت من الشعر الذي كان الهمداني يختم مقامته به ؛مبينا الحكمة من مقامته أو يلخص بأبياته الحكمة ، أو يعرِّف بنفسه ،أما عبد الله الربابعة فختم مقامته باقتباسه آيتين من سورة الرحمن للبلاغة والبيان وهو تطوير لا شك فيه في بنية المقامة ، وحافظ عبد الله على حكاية المقامة العمانية بان دخل إليها من عالم الخيال ووظفها ماضية من حيث إنها حكاية خيالية وقعت في الماضي وقد تقع في المستقبل؛ أما المضحك فيها فهي مناقشة موضوعات تبدو تافهة كاحتجاج مغنية على عدم غناها بينما يضرب النائب صفحا عن موضوعات تقض المضاجع وتضجع الضمائر الحية على شوك القتاد من نحو القتل المستعر في العراق، وتجويع شعب غزة وغيرهما ، لقد وظف عبد الله في مقامته روح العصر وابرز المفاسد الاجتماعية في انتخابات الأردن البرلمانية وكان كالطبيب الذي شخَّص المرض ووصف العلاج له تصريحا وإيحاء ، ولعل الأستاذ عبد الله أن يتمكن من أن يكتب شعرا أو شعرا قصصيا لأنه ذو ملكة تمكنه من ذلك، والله ولي التوفيق.