لميعة عباس عمارة بين العرافة والنبؤة
دجلة احمد السماوي
عضوة المجلس العراقي للثقافة – امريكا
لو انباني العرّاف
أنك يوماً ستكونُ حبيبي
لم أكتُبْ غزلاً في رجلٍ
خرساء أًصلّي
لتظلَّ حبيبي
لو أنبأني العراف
أني سألامس وجه القمرٍ العالي
لم ألعب بحصى الغدران
ولم أنظم من خرز آمالي
لو أنبأني العراف
أن حبيبي
سيكونُ أميراً فوق حصانٍ من ياقوت
شدَّتني الدنيا بجدائلها الشقرِ
لم أحلُمْ أني سأموت
لو أنبأني العرّاف
أن حبيبي في الليلِ الثلجيِّ
سيأتيني بيديهِ الشمسْ
لم تجمد رئتايَ
ولم تكبُرْ في عينيَّ هموم الأمس
لو أنبأني العراف
إني سألاقيك بهذا التيه
لم أبكِ لشيءٍ في الدينا
وجمعتُ دموعي
كلُّ الدمعٍ
ليوم قد تهجرني فيه
الشعراء قلقون منذ قديم الزمان ! فهم يسألون ويكررون السؤال ! جلجامش الملك والشاعر كان يسأل ! هل نحن الى فناء وهل الفناء للروح ام للجسد ؟ وهل هناك فرصة ولو ضئيلة للخلود ؟ ت . س .اليوت منح بطلة الارض اليباب امنيتها في الخلود لكنه عاد اليها بعد الف سنة وقال لها ماذا تتمنين فاجابته على الفور : اتمنى الموت ولاشيء سوى الموت ! الشاعرة لميعة عباس عمارة الشابة الغضة الجذابةالجميلة التي الهمت كبار الشعراء أجمل قصائدهم ! هي ذي تقلق على كينونتها ولاتجد احدا من الخلق تستنجد به سوى العراف وهي تدري ان العراف قد لايجيبها عن سؤالها فتستعمل معه اداة تبرر لها حالة الحيرة ! الأداة هي ( لو ) بكل ارتباكاتها ومحمولاتها ! ومن قبل سأل الشاعر القديم عروة بن حزام ت 30 هــ عراف اليمامة ان يشفيه من سقم الحب :
الشاعر عراف كما تقول ملحمة جلجامش لانه قادر على رؤية كل شيء ! فما الذي حدا بالعراف في لميعة لكي يسال العراف في القصيدة ؟ ان الشاعرة لميعة خارج الشعر وداخله ! خارج الوطن وداخله صورة لنخلة عراقية تعطي ولا تكف عن العطاء لأنها سليلة الفراتين دجلة والفرات وشبيهتهما في التدفق غير المحدود ! . و قصائدها مثل ينبوع ازلي يسقي الغريب والقريب ! ومن ينهل من عذب شعرها يجد خياله سابحا في كل الاتجاهات والمدارات! شعرها المعقول لامعقول وشعرها اللامعقول معقول وهذه الحالة تمتاز بها لميعة ضمن معادلة ذكية طرفاها الشكل والمضمون ! ولماذا اذهب بعيدا وامامي قصيدة لو انبأني العراف !! هذا العنوان الأسطوري الذي يحيلنا من الوهلة الاولى الى اجواء القصيدة ! المتحشدة باللوحات الفنية المبطنة بالرموز الاسطورية ! كأنها تستعمل الصور الفنية كتعاويذ لفك مغالق الفضاء المكاني والزماني : يتمحور هذا الخطاب الشعري للشاعرة في قصيدتها لو أنباني العراف الهروب من الواقع المهمين على مساحة الشعور واللاشعور ! وهذه الاشكالية في حياة الشاعرة لميعة عباس والامتزاج الكلي بين خيال العراف ومخلية الشاعرةومسارها النفسي والتشبث بالامل المعلق هذه الاشكالية لم تجد حلا في دنيا القصيدة !