لا متناهية الرمز في لغة الجسد
جسد (لانا عبد الستار) أنموذجا
عماد كامل
العراق- البصرة
[email protected]
تتخذ الكتابة القصصية غالبا عند لانا عبد الستار لغة الجسد عوضا عن الكلمات،الجسد الذي يعيش حالة من التوتر فيفصح عن خلجاته الذاتية،الجسد الذي يعيش في حالة قلق من ضغوطات المجتمع ألذكوري،فيحاول البحث عن التميز والفرادة من اجل أن يكسب حريته المسلوبة.
إن وعي الكاتبة بذاتها بالبحث عن قيمة التفرد هو الذي جعل كلماتها سهلة مفعمة بالحياة،فـ(لانا) حينما توجهت للجسد اعتبرته كإعلان عن تحررها، وكرد فعل على ممارسات المجتمع الذي يسحق جسد المرأة ويحوله إلى مصدرا لإغراء الرجل وغوايته وسببا لخطيئته،وهذه العوامل جعلت من كتابة(لانا) علامة تدل على الاحتجاج والتمرد على القمع والقهر الاجتماعي المتجذر في مجتمعاتنا تاريخيا،هذا القهر انعكس في مرآة الكتابة فحاولت الكاتبة صياغة رؤية استشراقية لمستقبل المرأة ومحاولة لتفكيك قيود الإكراه التي تقيد المرأة في حاضرها ومستقبلها،كفرد إنساني يحق له ممارسة حياته الطبيعة،إذ جاء عنوان(ليلة بقرب الحبيب) دالا على إن الكتابة بلغة الجسد هي اللغة التي اعتمدتها الكاتبة،وهي لغة تحاول أن تعكس الصورة الجمالية للجسد عبر(الايروتيك) السردي إذ تقول (داعبت المياه الساخنة المتدفقة من كل صوب خلايا جسدي المرهق،مشيت على الرخام الأسود تاركة خلفي أثارا بخارية لقدمي،تشرنقت المنشفة البيضاء الحريرية حول صدري وبطني ممتصة الماء المتقطر ورحت أداعب شعري بزيت الشعر وأنا خارجة من الحمام مدندنة لحن أغنية عاشقة ومسكينة والنبي) ومن هنا فأن لغة الجسد أشركت في سياقاتها حاسة البصر مع حاسة السمع، كما إنها خلقت متعة ولذة للقارئ في الصورة التي قدمتها وكأنها مشهد سينمائي،وفي مقطع أخر تصور انفعالاتها الداخلية وما يتركه رؤية الملابس الداخلية في البوتيك على نفسها التواقة إذ تقول:(هذا البوتيك لا يذهب من مخيلتي فالملابس الداخلية وقمصان النوم التي يحتويها شيء يفوق التصور من حيث الفخامة والشياكة كما إنها تجعل اكبر شنب يصبح كالطفل الصغير)وهنا تتفوق لغة الجسد على لغة الكلام،بل يمكن القول إن لغة الجسد تستطيع أن تصل إلى حقائق نفسية أكثر من اللغة الكلامية التي تعجز عن تصوير الحقائق الذهنية، وذلك لان لغة الجسد غير متناهية الدلالات والرموز،لكونها لغة تجمع بين اللغة الكلامية واللغة الاشارية،ولهذا فأن اللغة بكامل قوتها لا يمكنها الارتقاء إلى مستوى إغراءات الجسد الذي يثير اللذة والرغبة لدى المتلقي،ولنتأمل نصها الآتي(انزلقت المنشفة الحريرية بخفة عن جسدي على أرضية غرفة النوم أمسكت بلوشن الجسم الفيرزاتشي ورحت ادهن برفق ابتداء من عنقي ومرورا بذراعي هابطة حتى أخمص قدمي فأنفه النزق قد يصل إلى ملمتر لذلك يجب أن يكون معدا بعناية فائقة...لم أتردد لحظة عندما عرضته على خبيرة التجميل اليوم بعد همست بأذنها أريد شيئا مميزا لليلة نادرة الحدوث..وكان دوما يقول لي إن حاسة الشم هي الأهم والأكثر إثارة للرجل) في هذا النص تتحول لغة الجسد إلى صورة ترسمها الكاتبة لتعكس انفعالات الآخر عند رؤية جسدها،الآخر الذي يثير القلق ويستفز المشاعر لأنه يتناغم مع ذاتها إذ عكست انكسار صورتها(الأنا/الجسد) في مرآة(الآخر/الرجل)
وكذلك يمكن ملاحظة إن الساردة يهيمن على نصها السرد الذاتي وكأنها تحاول أن تسمع الآخر في مجتمع ذكوري يتحكم في رغباتها(كنت مصرة على أن يكون كل شيء يروق له ولذوقه هذه الليلة لذلك رحت اعد نفسي بحيث أعجبه وضعت مكياجا خفيفا بألوان برونزية فاتحة تعطي شكلا ارستقراطيا هادئا... ارتديت قميص النوم ورحت اذهب واتي أمام المرآة ناظرة إلى جسدي من زوايا مختلفة لأتأكد من إن اختياري قميص النوم كان مناسبا)
وختاما فان لغة لانا عبد الستار عبارة عن غابة متشابكة من الرموز والدلالات الإيحائية التي يمثلها ايماءات الجسد الثرية،مضيئة بذلك الأماكن المظلمة في دواخل الذات الإنسانية وتفاصيل حياته الجنسية.