حلقة نقاشية حول وظيفة النقد

حلقة نقاشية حول وظيفة النقد

د. ثائر العذاري

تحية وود

كما في كل مناحي الإبداع يمر النقد الأدبي في عصرنا بمرحلة تاريخية مفصلية، تثار فيها الكثير من الأسئلة التي تفرضها المتغيرات الفنية السريعة المتسمة بالتجريب التي يعيشها الأدب اليوم، ومن تلك الأسئلة وظيفة النقد، وهل هو علم أم أدب؟ وهل النقد هو الذي يحدد مسار الإبداع الأدبي أو العكس؟

في تاريخ النقد كان النقاد يوما ما يمتلكون سلطة ترتيب المبدعين في طبقات وتفضيل بعضهم على بعض، وفي يوم ما كان للنقاد أن يضعوا النظريات لتكون كالقوانين التي لابد للأديب أن يتمسك بها وإلا عدوه خارجا من الملة متمردا على التقاليد، وفي يوم آخر ربط النقد نفسه بالأخلاق فصار يحاكم الأعمال الأدبية بمعايير أخلاقية، ويفسق المبدع الذي يبدو أنه خرج على تلك المعايير فيصبح مهدور الدم.

أختلف مع أولئك الذين يرون ت.س. إليوت نقطة تحول في تاريخ النقد تمثل الانعطافة نحو المناهج الحديثة، وأرى غير ما يرون، فعندي أن آي.أ. ريتشاردز في كتابه مبادئ النقد الأدبي الصادر عام 1929 نقطة الانطلاق الحقيقية نحو بناء نقد يمكن أن نسميه علم الأدب. وهذه دعوة الى كل المهتمين أن يعيدوا قراءة هذا الكتاب، وسيجدون أنه يمثل مشروعا هائلا، انطوى على نقاط البداية لكل المناهج الحديثة التي ظهرت بعده، غير نكران الجميل كان ديدن النقاد، فلا أحد يذكر فضله وأهميته التاريخية.