دراسة تحليلة

دراسة تحليلة

محمد الخليلي

[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة على رسول الله . يطيب لي في هذه العجالة أن أهنئ  المكتبة الإسلامية  على المجموعة القصصية الأولى للأديبة هيام  ضمرة ، فأنا من مشجعي الأدب الإسلامي النسوي إذ إنه يكاد يغيب عن الساحة الأدبية بشكل جليِّ .وإن سمحت لي الأديبة فثمة إضاءات هنا وهناك .

أولاً من الناحية الشكلية

1-  أبدأ بالمقدمة باعتبارها جزءً من أي عمل أدبي فهي رائعة ومعبرة تفوح منها رائحة العاطفة المتأججة والدفينة معاً ومنبعهما فقد الحبيبين الزوجِ والوالدة لذا تجد هذه العاطفة التراجيدية مبثوثة في ثلثي المجموعة .

2-  أنتقل إلى العناوين فهي جميعها موفقة عدا بعض العناوين مثل ( خيبة مريضة)  ودماء من رماد  ،أما عنوان المجموعة إنهن النساء فجميل بيد أني اقترح أن يكون ( إنهمُ الرجال ) مع اقتراحي تعديل عنوان العريس إلى ( العروس) فهو أفصح .

3-  أما  أسماء أبطال القصص فمنحولة بشكل تقليدي فالاسم مطابق لحقيقة الشخص وهذا بعيد عن واقع الحياة الملآى بالتناقضات، فما لكل مسمى من اسمه نصيب

4-  يشوب القصص بعض المصطلحات العامية غير المبررة :

      خيبة مريضة : سيرفع زوجته إلى مراتب الحرير ( والصحيح فُرش )

       إنهن النساء : إنها تتقصدني (تقصدني) تقصد = كسّر

       فرصة كبيرة: فهلوة البائع ( أي ذكاؤه)

       العريس    : لعل وعسى يَنهض فيه الرغبة

       ص 85 السطران الأخيران يحتاجان لمراجعة  وكذا السطران 11-12 من ص 86

5- هناك بعض الأخطاء الصرفية :

     في المقدمة فكم هو مضني  وفي إنهن النساء دون تمادي .

     خيبة مريضة على طفلتين ملقيتان وستمنح ابنتاها  ولم يمض كثير وقت  (طويل)

     فرصة كبيرة مديون (مدين)

    تسحبت مخذولا  وأطفالها المتسحبين وحين بدأ وعيها يتسحب منها (انسحب) .

6-هناك بعض الهنات اللغوية (semantic)

     بعمر الزيتون : وهي تجهش ببكاء مرير .فلا يمكن أن نصف البكاء بأنه مرير فوراً لأن الإجهاش

                      هو أول مرات بالبكاء .              

     إنهن النساء : لكزتني أبواق السيارات( والأصح صعقتني)

     فرصة كبيرة: وصوتك ينـزّ ألماً ( والصحيح يئن)

7- أقترح تعديل بعض العبارات غير الشرعية : تسلطك على قدري ومعاندة القدر

       وفي زمن يستمرىء بسخرية الصخب .

 كما أني أعترض على تسويغها سفر المرأة بدون محرم والذي كان محور القصة في أوراق الزمن وإن كانت هناك فتوى من بعض العلماء بجواز سفر المرأة مع مجموعة من النساء الفاضلات للضرورة القصوى ، فأية ضرورة هذه التي سوغت للأديب تجويز سفر المرأة دون محرم لحضور مؤتمر؟!.

8- الالتفات المفاجئ في استخدام الضمائر وإظهار ضمير المتكلم في غير موضع من القصص :

كان زاهي يضحك من حلاوة روح غلبها الوهن ، فعندما يشتد ألمنا نتقلب إلى التوجع بالضحك وزاهي قد أجهد نفسه وأهله معه ، فأي جهل هذا الذي يقودنا بلا هدى…

9- كما تشوب بعض القصص  مصطلحات أجنبية : التكنولوجيا وغدر الروتين وتتحركان كالبندول وروتين المناطقة ورتم الأغنية .

10-أخيراً تتخلل القصص بين الفينة والأخرى فقرات إخبارية غير قصصية

    بعمر الزيتون : ومنتقمة لكل الأطفال الفلسطينيين الذين تعرضوا بشكل يومي للأذى والإهانة أمام سمع وبصر العالم وصمت المؤسسات الدولية التي تنادي بحقوق الإنسان …

    خيبة مريضة : لم يمض كثير وقت حين تلقى مركِز الأمن إشارة تفيد بعثور إحدى مراكز الأيتام على طفلتين …

     

ثانياً من ناحية المضمون :

إن مقومات الجودة التي تحكم بناء القصة وتكرس صورة أبطالها جلية في هذه المجموعة القصصية وهاكم الأدلة:

1-  برعت الأديبة في التحليل النفسي (psychoanalysis)  لشخصية بطل قصة إنهن النساء لكني ألفت انتباه الكاتبة لضرورة الإشارة لإغواء المرأة المتبرجة  في هذه لبطل القصة نفسه .

2-  أحسنت الأديبة ببراعة بالغة استعال المحسنات البديعية من صور وتشبيهات واستعارات وكنايات وغيرها بصورة أضفت على القصص رونقاً بديعاً

3-  من الواضح أن القاصة تعزف على وتر النهاية التراجيدية لجلِّ قصصها وهذا إن نمَّ عن شيء فإنما ينم عن حالة ال(melancholy) التي تكتنف حياة الكاتبة وقد عبرت عنها بجلاء في المقدمة . أضف إلى ذلك أن بطلة القصة (كريمة) في دماء من رماد ترسم صورة مشابهة لتزاحم الأحزان عند الكاتبة . وكأنها أيضاً تكتب سيرة ذاتية مقنعة في قصتها أوراق الزمن   فأمل وسكينة تعبران عما يحول في خاطر هَيَام ضمرة،كما أن السوداوية تغطي مساحة كبيرة من القصص ، في حين نجد أن المذهب السائد في القصص الثلاث الأخرى هو المزيج بين الاثنين أي comotragedy))

4-  أيضاً استعملت الكاتبة غير مرة  أسلوب (nostalgia) النـزوع إلى الماضي في معالجتها القصصية كما في دماء من رماد وغيرها ، وهذا أسلوب يستعصي على الكثيرين قياده .

5-  تغرق الكاتبة أحيانا في تيار اللاشعور(stream of unconciousness) وهذا مذهب نقبله ولكننا نحذر من الإغراق فيه كيلا يشت ذهن القارىء .

6-  تفوح رائحة الرمزية في بعض المقاطع القصصية ، كما اكتنف الغموض السر الذي أودعته في قصة العريس وتركت الباب مفتوحا للقارىء ليطلق العنان لمخيلته كما  فعل  عبدالله عيسى السلامة في روايته سر الشارد، في حين برعت القاصة في أسلوب التكرار غير الممل في ذات القصة ، تماما كما نحى حيدر قفة في كثير من قصصه في مجموعته هناك طريقة أخرى.

7-  وشحت الأديبة بعض قصصها بمصطلحات عامية كحلاوة الروح عند زاهي وغيرها من المفردات ، كما برعت في الرسم الكاركاتيري للأوصاف الجسمية والنفسية  لبطل قصة فرصة كبيرة زاهي .

8-  كما طرزت الكاتبة مجموعتها باستخدام أسلوب السخرية وتصوير دقائق الحركات الجسمية والنفسية لأبطال قصة مساواة خرقاء .

9-  لاحظت أن قفلة بعض القِصص(deneuoment) غير مقنعة للقارىءكما في القصة    السابعة .

10-  معظم القصص تعالج مشاكل اجتماعية واقعية وهذا مذهب محمود  إلا إذا صار كتابة تسجيلية ، ثم  إن أولى القصص حصلت أحداثها في فلطسين الحبيبة وهذا أيضا منحى ممدوحٌ ، وأحسب أن بعض القصص واقعية مع وجود مساحة معقولة من التصرف غير المخلّ  وهذا مذهب الواقعية التجميلية الذي يصور الواقع ويضفي عليه جمالية الصورة وروعة السرد القصصي الذي يحتفظ بحقيقة الواقع دونما تزوير للتاريخ ، ولكن بتحقيق جذاب وأسلوب يشد انتباه القارىء ويسترعي ذوق الأديب وهو بين هذا وذاك يصب العمل الأدبي في قوالب  من لجين .

11-  أخيراً أقرأ بين السطور تقدما كبيرا في المعالجة الأدبية لهذه المجوعة القصصية عن سابقاتها من القصص ، فإن التوهج في الصورة البراقة والتأجج في العاطفة الدفاقة كانتا السمتين البارزتين من أول حرف في المجموعة حتى آخر حرف .

12-  ولأن الأديبة تحب أن يكون لكل مسمى من أسماء أبطال قصصها نصيب فإني أؤل اسمها بالتالي :

هُيام : فيض من الحنان والرقة 

فؤاد : قلب شغوف وعاطفة متأججة

ضمرة: ( من الإضمار) طوت كشحا على ثكل مريرِ        ففاض الحس من نبع الشعورِ.