قراءة في نص (هوامش عشوائية)
للمبدعة ليلى ايت سعيد
جوتيار تمر
النص :
هوامش عشوائية
ليلى ايت سعيد
وبعد ............؟
يا سيدة الأطياف
والمسافات البعيدة
بلا اختصار ..
ايتها الهائمة
فوق نواميس احتضاري
وطن أنا
بلا ذراعين تنفضان عنك التراب
وبعد...............؟
يا سيدة احتمالاتي
الفقر في جيبي قصيدة
وجيب القلب بسكنه الخراب..
با سيدة الاطياف
دعيني اتوسد جسدك الأبيض قليلا
قليلا بعد....
فلا تسحبي عني وسادة الضباب
اجليني
اجليني بعينيك لبعض الوقت
لمفترق البعث
ارميني تحت اسوار السراب
وبعد..............؟
ماذا بعد ؟
وكل هذه الدموع
وهذا الوداع
ها يسكنني الفراغ
ايتها الهائمة في سماء اختضاري
فقي قليلا
تنحي قليلا
ها قد صرت الى جوارك
وطنا من تراب .....
قراءة : جوتيار تمر
هوامش عشوائية
يستحضر النص من الوهلة الأولى ثيمات التوتر النفسي ، ويبعث في ذهن المتلقي استفهامية ، تحمل صورتها التعددية ، من حيث الاجلاء والاستكانة ، فالعنوان يهنش العادي ، ويجبر الاخر على التمعن ، لان الهوامش نفسها كمادة لاتؤخذ على جرة واحدة ، انما تبقى في موضع استدلالي لكونها تحمل السمة التعددية في كينونتها ، فالهامش يعني احيانا زيادة محتملة ، او اضافة لازمة ، او الاستعاضة باخر لاتمام الفكرة ، او لتوثيق المقولة ، وكلها صور تعددية ، وما يزيد قوة الاحتمالية فيها انها هنا اتت عشوائية، حيث بعثرت الموجود.
وبعد ............؟
يا سيدة الأطياف
والمسافات البعيدة
بلا اختصار ..
ايتها الهائمة
فوق نواميس احتضاري
وطن أنا
بلا ذراعين تنفضان عنك التراب
الواو هنا لم تأخذ مسلكها الروتيني ، لانها جاءت تمهد لآت حتمي ، والحتمية انما استدلها بما يأتي بعدها ، حيث (بعد) تعبر عن هذا التمهيد ، والملفت للنظر ان التمهيد هذا صقل بالنداء حيث فتحت الافاق لمداليل اخرى ، وعبرت الشاعرة عنها بالتوجيه المباشر بعدها ، وهنا اجد تمازجا رهيبا بين اللغة والصورة ، والمعنى ، حيث منها تمخض رمزية شفيفة باعثة على التعمق ، لانها لن تقف عن حدود نفض التراب نفسه ، فحالة التميهد مستمرة لِمَ سيأتي بعده.
بعد...............؟
يا سيدة احتمالاتي
الفقر في جيبي قصيدة
وجيب القلب يسكنه الخراب..
با سيدة الاطياف
دعيني اتوسد جسدك الأبيض قليلا
قليلا بعد....
فلا تسحبي عني وسادة الضباب
اجليني
اجليني بعينيك لبعض الوقت
لمفترق البعث
ارميني تحت اسوار السراب
اللغة هنا اخذت مسارا اخرا تعمق في الممهد له ، فلنلاحظ هذه الصورة العنيفة التي تؤثث عنفوان القصيدة في رصدها للواقع العياني من خلال هذه الالتفافة الرائعة ،( الفقر في جيبي قصيدة وجيب القلب يسكنه الخراب.. ) فاية صورة تأتي بعدها لابد وان تستقي منها ، هنا خلاصة القصيدة وقوامها الاساس ، وابهى صورها ، ثم ما يأتي بعدها انما صقل لماهية المقولة هذه ، توسم بالمعيش اليومي ، ورؤية ذات ابعاد وجدانية تتمسك بالمعقول من اجل التوغل في الاتي ، وتوغل في الزمكانية حيث الوسادة والوقت يمثلان هنا نضوج الفكرة ، والبرزخ الممهد له آت لامحال ، حتى وان اكتنفه
بعض سراب.
وبعد..............؟
ماذا بعد ؟
وكل هذه الدموع
وهذا الوداع
ها يسكنني الفراغ
ايتها الهائمة في سماء اختضاري
قفي قليلا
تنحي قليلا
ها قد صرت الى جوارك
وطنا من تراب .....
الاستفهامية هنا تجسد الحالة النفسية للشاعرة ، وكأنها خطاب موجه ،باحث عن تفسير معقول لماهية الامر الماثل امامها ، فلايعقل ان تنزف الدموع عبثا ، وحالة الوداع هل فيها يكمن العلة ، اظن بأن الحالة اعمق واكثر خرقا للذات الشاعرة هنا ، لانها تجسد حياة ورؤية وتؤثث لبقاء ولواقع ، لذا يأتي الفراغ ليملي بعض المسافة في هذه الاستفهامية ، لكنها لاتمثل الكل ،فالنص منذ البداية قد سار منحى التراب ،وتلك المقولة الرائعة (الفقر في جيبي قصيدة..وجيب القلب يسكنه الخراب) ، حيث بهذه تكمل الرحلة .