القدس والأقصى في عيون الشعراء

القدس والأقصى في عيون الشعراء

أسامة محمد أمين الشيخ

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

[email protected]

الشعراء العرب مرآة صادقة عن وطنهم ، يشعرون بشعور أمتهم النابض فكانوا لسانها الصادق والمرآة التى تنعكس عليها صورة حياتها فيحزنون لآلامهم ويسرون لأفراحهم فهم آمال الأمة فالشعراء هم القلب الحساس العربى المعبر عن آلام وآمال الأمة لذلك شغلت القضية الفلسطينية ومدينة القدس العربية والمجسد الأقصى وبلد الإسراء وأطفال الحجارة بال وفكر وعقل جميع الشعراء العرب الأحرار ونال المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية اجمل ما كتب رافعو علم العربية وظل ملوك ، القوافى يتغنون بالعروبة فى دوحات الأمة العربية وهى أسنة متحضرة وثابة الخطا شامخة الذرى على الرغم ما يحدث فيها من تمزيق وتقهقر وسيطرة من الأجنبي على مقدرات أمورنا والبداية عن الشاعر السعودى د/ عدنان النحوى – يتحدث شاعرنا الموقر على لسان المسجد الأقصى نجوى وشكوى وحنين ، رسالة المسجد الاقصى إلى المسلمين بعدما شعر بالجريمة التى تكاد تطبق عليه حتى كاد لا يجد أملاً فى النجاة إلا باباً واحد فقال فى أجمل قصائده :

أنا المسجد الأقصى وهذى iiمرابع
لـقـد كنت بين المؤمنين iiوديعة
وعـهـد مـع الله الـعلىِّ iiيشده
مـواكـب نور يملأ الدهر iiزحفا



بـقايا  وذكرى والآسى والفواجع
على الدهر ما هبوا إلىَّ وسارعوا
يـقـيـن بـأن المرء لله iiراجع
فـيـشـرق منها غيهب ومطالع

ويتساءل الأقصى عن قومه وغيابهم عن ساحة القتال فقال النحوى :

فما بال قومى اليوم غابوا وغُيبوا
وما بال قومى بدلوا ساحة الوغى
وكـانـت ميادين الشهادة ساحهم
أيـذبـحنى أهلى ويبكون iiبعدها



ومـا عاد فى الآفاق منهم iiطلائع
فـغـابـت ميادين لهم iiومصانع
فـصـار لهم ملء الديار iiمراتع
علىِّ  ؟ لقد ساءت بذاك iiالصنائع

وإلى أجمل الأبيات العربية والذى يعالج القضية الإسلامية والفلسطينية قول النحوى الشاعر السعودى أطال الله عمره فى ديوانه " عبر وعبرات " حيث يقول :

إذا لم تقم فى الأرض أمة أحمد          فكل الذى يرجى على الساح ضائع

أما الشاعر المصرى / محمد أمين الشيخ – فكتب أروع قصائده فى القدس والمسجد الأقصى الذى كان يود أن يقف فى محرابه والصلاة بين أركانه ولكنه لم يعرف الطريق إليه فقال فى ديوانه "مدينة وشاعر":

كيف الطريق إليك ؟ قلبى فى يدى
كـيف  الطريق إليك ؟ أنى iiحائر
كـيـف  الـمعالم قد تغير وجهها
كـيـف الـمـآذن لـم تعد iiلألأة
كـيـف الحدائق قد تيبس iiعودها
يـا أيـهـا الأقصى تفرق iiجمعنا





وجـوارحـى ومشاعرى iiوحنينى
تـاهت  على اليم المحيط iiسفينتى
كـيف  القباب ؟ تنير وجد iiحزين
فـى جـانـبـيك تدثرت iiبسكون
وتـوهـنـت فى التين iiوالزيتون
وتـوحـلـت أقـدامنا فى iiالطين

 ويواصل حديثه عن الأقصى وارتباطه بصلاح الدين وجهاده فيقول :

يا مهبط الإسراء يا نبع الهدى
فلقد رأيت على الربوع iiجواده
غاد على الأشواك ينقل خطوه


أنى  أسائل عن صلاح iiالدين
يبكى  الجهاد على ربا iiحطين
فى سمت مأسور ودمع iiحزين

 ويقف شاعرنا على الحدود باكياً ويقول :

وأنـا أرقـب الـحدود iiحسيراً
عـربـى أنا وأرضى iiفلسطين
وهـنـا  كـان صـلاح iiالدين
وهـنـا الـقدس ملتقى الأنبياء



كاسف الروح قد حوتنى الظنون
وهـنـا  غـزة وهـنا iiحطين
شـامـخـاً  صـلـداً لا iiيلين
فـبالله  كـيـف هـذا iiيـهون

أما القدس عند الشاعر السورى / محمود مفلح – فهى أم المدائن ، مدينة الهدى المدينة الأثيرة العريقة الريادة ففى ديوانه المفعم بآلام وآمال الطفل الفلسطينى " نقوش إسلامية على الحجر الفلسطينى " فقال فى قصيدة " يا قدس "

من  أين أجترح الأمواج iiوالسفنا
كل الطيور إلى أعشاشها هرعت
ولـلـمـآذن  شجو فى iiأضالعنا
يـا  أيها الوطن المصفود معذرة
ولا نـسينا دروب البيت سوسنة
ولا شـجـيرة ليمون على كتفى
ولا  نـسينا بدرب القدس iiسنبله
جـبـاهنا عبر هذا الليل iiأوسمة







وقد عييت فما أبصرت لى iiوطنا
إلا  طـيـورى لا عشا ولا كفنا
لو صادفت منى بنى أعمالنا iiأذنا
إنـا  نخوض إليك الليل والمحنا
ولا  جـناح هزار رف أو iiسكنا
مـازلـت أحملها جَلْداً هنا iiوهنا
ولا رغـيـفا بها القلب قد عُجنا
وأول  الـغيث من أحجارنا هتنا

أما قصيدة نقوش إسلامية على الحجر الفلسطينى فيخاطب " مفلح " أطفال الحجارة فيقول :

شـدوا  الخناق فأنتم وجهنا iiالقمر
شدوا  العناق فقد ضاعت iiملامحنا
أنـتم  سنابل هذا العمر فى iiبلدى
أنـتم  خيول بنى الإسلام iiجامحة
مـن الـخيام خرجتم تعزفون iiلنا
مـن المساجد قد صاغوا iiملامحهم
فـكيف ينهزم الإعصار فى iiبلدى






وفـى أكـفـكـم قد غرد iiالحجر
وزاغ فى التيه هنا السمع والبصر
وفى  لهاث الصحارى أنتم iiالمطر
يـقـودها  زمن الإسراء iiوالظفر
لـحـن الفداء فجن اللحن iiوالوتر
ومـن مـآذنـها الشماء قد iiنفروا
ولـحنة  السرمدى الآسى والسور

 ويتضح من خلال دراستنا لشعر مفلح بأنه أكثر تأثراً وحماساً وحزنا تحيط به الشجون والأحزان ووضح من خلال ألفاظه الحماسة الشجية ومن معانيه تفوح رائحة الزيتون وأشجار الليمون وتعلقه الشديد بأطفال الحجارة أما صورة فمقتبسه من بيئته فبذلك تكون القدس همّاً إسلامياً عند الدكتور / عدنان النحوى – وهماً عربياً عند الشاعر / أمين الشيخ وهمّاً فلسطينياً وطنياً عند / محمود مفلح الشاعر الذى نشأ على بحيرة طبريا ..