النص القرآني عند محمد شحرور 13
النص القرآني عند محمد شحرور 13
ياسين سليماني
2- الـقرآن:
يرى شحرور أن الآيات المتشابهات (أي آيات المصحف ما عدا الأحكام وتفصيل الكتاب) تتألف من كتابين رئيسيين وردا في قوله تعالى:" ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم"(4)، وقبلها قال تعالى:" الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"(5)، بذلك يكون القرآن شيء والسبع المثاني شيء آخر، ومن جهة أخرى في الآية الثانية القرآن شيء والكتاب شيء أخر كذلك لأنه عطف القرآن على الكتاب وفي اللسان العربي – كما يضيف شحرور- لا تعطف إلا المتغيرات أو الخاص على العام، وهنا في هاتين الآيتين فالقرآن هو الخاص والكتاب أعم منه، أي أن القرآن جزء من الكتاب وليس كل الكتاب.(6)
إن ميزة الآيات المتشابهات (القرآن والسبع المثاني) أنها إخبارية ولا يوجد فيها أوامر ونواه، ولكن كلها آيات خبرية "أنباء"، فمثلا بعد سرد جزء من قصة نوح في سورة هود قال تعالى:" تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك فاصبر إن العاقبة للمتقين"(7)، فنلاحظ قوله "أنباء"و"غيب"، وحين سرد قصة آدم قال:" قل هو نبأ عظيم، انتم عنه معرضون"(8)، ومن هنا فالنبوة هي الأنباء الغيبية في أغلبها، وهي السبع المثاني والقرآن، والفرق بين الكتاب والقرآن نلمسه في الآيتين التاليتين:
"الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"(9) سورة البقرة، و " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس"(10) في السورة ذاتها، فحين ذكر الكتاب قال:" هدى للمتقين" لأن في الكتاب أحكام العبادات والمعاملات والأخلاق أي فيه التقوى بالإضافة إلى القرآن.
وحين ذكر القرآن قال:" هدى للناس"، ولفظة الناس تشمل المتّقين وغير المتّقين، فالمتقون فئة من الناس ولكنهم ليسوا كل الناس.(11)
من خلال هذا التفريق بين الكتاب والقرآن يرى شحرور أن الكتاب موجّه للمتقين بما أنّ فيه المحكم وتفصيل الكتاب والمتشابه، فلا يتبع الآيات المحكمة وتفصيل الكتاب غير المتّقين الذين يخضعون للأوامر والنواهي التي جاءت فيهما إضافة إلى ما جاء في القرآن من أنباء، أمّا القرآن فهو للناس أجمعين، لأنّه يمثل الحقائق المعطاة للنبي (ص) أي النبوة.
وعموما فالكتاب أعم من القرآن في الموضوع، ولكن القرآن أعم من الكتاب في الهدف (الناس) لأن الكتاب موجّه وملزم لإتباع النبي (ص)، أمّا القرآن فهو ملزم لجميع الناس لأنه حقائق موضوعية وهنا يتمثل إعجاز القرآن، فهو ليس معجزا فقط بجماله البلاغي كما يقول البعض وليس معجزا للعرب وحدهم وإنما للناس جميعا وذلك لأنّ الناس كلاّ بلسانه، عاجزون أن يعطوا نصا مثله بحيث يبقى النص ثابتا ويطابق المحتوى الأرضيات المعرفية المتغيرة لأنّ هذا لا يفعله إلاّ من يعلم الحقيقة المطلقة وهذا لا يتوفر عليه الناس، ولهذا يرى شحرور أن النبي لا يعلم تأويل القرآن بأكمله لأن ذلك مشاركة لله في علمه المطلق، ولهذا لم يؤول الرسول (ص) إلا آيات قليلة جدّا.(12)
1- شحرور، الكتاب والقرآن، ص56.
2- المصدر نفسه، ص55.
3- سورة يونس، الآية 37.
4- سورة الحجر، الآية87.
5- سورة الحجر، الآية01.
6- شحرور، الكتاب والقرآن ، ص58.
7- سورة هود، الآية 49.
8- سورة ص، الآيتان 67،68.
9- سورة البقرة، الآيتان 1،2.
10-سورة البقرة، الآية 158.
11- شحرور، الكتاب والقرآن، ص57.
12- المصدر نفسه، ص60.